رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحكومة والقمح

القمح مصدر الحياة لكثير من المجتمعات الحديثة والقديمة علي حد سواء، ومصر القديمة كانت سلة الغذاء للعالم وكان اكتفائها الذاتي منه أحد مصادر قوتها، كما كان سبباً لقدوم بني إسرائيل إلي مصر بحثاً عن الغذاء، كما كانت مصدر فخر للامبراطورية الرومانية التي أمن غذائها بضم مصر كإحدي ولاياتها.

وظلت مصر في عصورها الكثيرة موفورة القمح آمنة الغذاء وتغني المصريون حباً للقمح «من سبل الغلة يا أخويا هاتلي حلق.. من سبل الغلة جبنا سرير والدولاب ناقص علي الملة ولمة الأحباب»، ومن شدة حرص المصريين علي الاهتمام بالزراعة قالوا إن الزرع اللي ما غنا ستر.
وقد ظل الحال علي ما هو عليه لعهود طويلة رغم موسمية نظام الري قبل بناء السد، وحافظت الحكومات علي توريد الفلاح القمح إليها لتتولي تأمين غذاء الشعب إلا أنه منذ عدة عقود أهملت الحكومات توريد المح من المزارعين وتشجيع الاستيراد من الخارج، رغم أن القمح من السلع الاستراتيجية، التي ينبغي تأمين مصادرها وأن يتم الاكتفاء منها ذاتياً حفاظاً علي قرار السيادة الوطنية، فمن لا يملك قوته لا يملك حريته.
وتواطأت مافيا الاستيراد من أصحاب المصالح مع طائفة الحكام وصوروا لنا أن تحقيق الاكتفاء من القمح أمر مستحيل وأنه يجب أن تظل علاقاتنا بالدول الموردة لنا جيدة وإلا قطعوا عنا امدادات القمح ومات الشعب من الجوع وسرنا علي هوي تلك الدول سنين طويلة، لا نخالفهم طرفة عين لأن المخزون لا يكفي أكثر من عدة شهور وممكن يجوعونا إن أرادوا.
وبعد الثورة أحس المصريون بأن هناك خطر قادم عليهم وهو خطر المجاعة التي لن ينجو منها إلا من زرع قوته بيده، ومن ثم قام الكثير بزرع محصول

القمح رغم الظروف الصعبة التي أحاطت بعملية الزراعة من نقص السولار اللازم لعملية الري وكذلك المشاق في عملية الزراعة ذاتها نتيجة لصغر المساحات المزروعة لدي كل فلاح ومن ثم عدم إمكانية استخدام الميكنة الزراعية في عملية الحصاد الشاقة جداً واقتصر استخدام الفلاح الميكنة في عملية الدريس وهي فصل حبوب القمح وتجزئه الأعواد إلي جزيئات صغيرة تستخدم في إطعام الماشية وخلافه.
وإذا كانت الحكومة قد أعلنت أن مصر قد حققت الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة 65٪ فإن هذا الأمر لا يرجع إلي مجهودات حكومية في المقام الأول، وإنما إلي الخوف من خطر المجاعة لا قدر الله، ولا نقلل من دور الحكومة في تشجيع المزارعين علي توريد القمح وهو ما كانت ستقوم به أي حكومة بعد الثورة والمهم هو الحفاظ علي مخزون القم وسرعة إنشاد الصوامع من أجل الحفاظ عليه حتي نصل إلي الاكتفاء الذاتي ونود أن تقوم الحكومة فعلاً بتشجيع المزارعين علي زراعة القمح بتيسير التوريد ورفع سعر التوريد وأن نجعل من اليوم الذي نكتفي فيه من القمح عيداً قومياً لما يحققه من استقلال القرار الوطني.
المحامي