عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زيارة الصين: اتفاقية غير معلنة.. و.. عجبي..!

من الطبيعي – في إطار التغيرات التي طرأت علي الساحة المصرية منذ 25 يناير 2011 وحتي الآن – أن يقوم رئيس مصر الجديد بجولات خارجية.. يزور خلالها دولاً عديدة متنوعة.. خاصة وأن التغيرات التي شهدتها مصر كان لها دوّيها الكبير في مختلف أرجاء المعمورة!!.. ولذلك فإن أحد أهداف مثل هذه الجولات لرئيس مصر يجب أن يكون طمأنة المجتمع العالمي.. إلي أن «مصر».. مساهمة رئيسية في ذلك المجتمع.. وأن دورها في بناء مستقبل البشرية سيكون أكثر قوة.. وأقوي فاعلية.

ومن المؤكد أن جولات رئيس الدولة في الخارج.. لا تستهدف مجرد الزيارة وتبادل «التهاني» أو «المجاملات».. وإنما يجب أن تستهدف – نعم «يجب».. «ولابد».. أن تستهدف المصلحة الوطنية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية، خاصة أن مصر علي مدي المخاض السياسي الذي عانت منه أصبحت تواجه مشكلات اقتصادية خطيرة ومعقدة وهي مشكلات لابد من تجنيد كل الإمكانيات لحلها.. وفي مقدمة هذه الإمكانيات علاقاتنا الخارجية أردنا أم لم نرد!!.
ولكن «ويا للهول» (مع الاعتذار ليوسف وهبي رحمه الله) انتابني مع غيري من أبناء مصر فزع كبير عندما أطلت علينا بعض الصحف اليومية ومنها من له وزن إعلامي كبير خبر بعنوان: «اتفاقية مع الصين لتوريد أجهزة إطفاء ومراقبة المرور بـ 50 مليون يورو»!!.. وزاد «الفزع» وتضخم «الهلع» عندما تضمن الخبر: أن الاتفاقية «غير معلنة» ضمن 8 اتفاقيات وقعت مع الصين.. وأنها «مرحلة أولي»!
إن التمويل يتم من خلال قرض من البنك الدولي!.. نعم.. والله.. هكذا قال الخبر..! فلماذا كان «الفزع» و«الهلع» يا من تتشدقون بمنافع هذه الاتفاقية؟!
إن كنتم تعلمون.. فتلك مصيبة.. وإن كنتم لا تعلمون.. فالمصيبة أكبر.. وعليكم «الاختفاء» أو «الانسحاب في خفاء»!.. لماذا؟.. الإجابة ببساطة شديدة هي:
بالنسبة لأجهزة الإطفاء فكلنا يعلم أن مصر بها عدد من المصانع المتطورة لإنتاج هذه الأجهزة وفي مقدمتها «المصانع الحربية».. وهي مصانع تنتج ما يغطي احتياجات السوق المحلية.. بل ويوفر فائضاً للتصدير.. خاصة وأن المنتج المصري يتمشي مع مواصفات قياسية «حاكمة» و«حاسمة»!.. هذه الصناعة المصرية الرائدة - يا سادة - يعمل فيها أكثر من 20 ألف عامل.. أي حوالي 20 ألف أسرة مصرية!!.. وبالتالي فإن استيراد مثل هذه الأجهزة.. والمعروف أن لها مواصفات تقل كثيراً عن المواصفات المصرية القياسية.. سيؤدي إلي القضاء علي صناعة مصرية ناجحة وتشريد عمالها.. بل وسيؤدي إلي فتح المجال أمام «صناعة بير السلم» لفائدة مجموعة لا تمت إلي عالم الصناعة بحال من الأحوال!
والأدهي.. أنه منذ فترة قريبة.. كانت هناك محاولة لاستيراد مثل هذه الأجهزة من الصين.. وكذا محاولة لـ «تخفيف» المواصفات القياسية المصرية.. وفشلت المحاولة بعد أن تبين أن مواصفاتها بعيدة تماماًً عن «الأمان».. وكان ضحيتها أحد رجال الشرطة بالإسكندرية!.. ثم إن هذه «المواصفات القياسية المصرية» هي التي فتحت

أمام «المنتج المصري» أسواقاً أوروبية وعالمية!.. ابحثوا لتعلموا.. فتدركوا.. وتصححوا!.. لا تكرروا مأساة «صناعة الغزل والنسيج في مصر»!
أما بالنسبة لأجهزة مراقبة المرور وتتبع حركة السيارات ومراقبة الشوارع.. فقد كنت أظن أن «القرية الذكية» قد أنشئت لزيادة قدرات مصر علي المنافسة في مجال الالكترونيات بما يتيح إقامة مصانع مصرية لإنتاج مثل هذه الأجهزة والدخول – بقوة - في مجال المنافسة العالمية!.. أي أن الاتفاقية المعلن عنها ستغلق الأبواب أمام إمكانية قيام مثل هذه الصناعة.. وتفتح المجال أمام «الاستيراد» و«التهريب» و«خلافه»!.. وهل نسينا تجربة «الموبايلات الصيني» التي مازلنا نعاني منها!
بقيت مشكلة التمويل فالخبر يقول إن ذلك التمويل سيتم من خلال قرض من البنك الدولي بقـيمة 50 مليـون يورو.. أي أن مصر تستدين لـ «تشجيـع الصناعة الصينية» و«لتقضي علي صناعة مصرية ناجحة»! ألا يذكركم هذا بـ «الدولفين» المسالم الذي يضع رأسه بين فكي «القرش المفترس»!! إن «الصين» الصديقة.. عليها أن توفر «الدعم» و«المساندة» للاقتصاد المصري.. ولا يمكن أن تسلك مسلكاً يزيد من تعقيد المشكلة الاقتصادية التي نعاني منها!
كنا نتوقع أن يتضمن الاتفاق مع الصين.. التوسع في الاستثمارات الصينية في مصر.. خاصة في مجالات تضيف إلي «القدرة الوطنية».. لا أن تسلبها قوتها!
توفير ما يمكن مصر من تطبيق «التكنولوجيا المتقدمة» في العديد من المجالات.. الزراعية والصناعية والحيوانية والسمكية.. وتنمية المناطق النائية.. والقضاء علي العشوائيات!
بقيت كلمة أخيرة.. أوجهها إلي «معاوني» و«مستشاري» رئيس الجمهورية دققوا في الاتفاقيات.. وصححوا المواقف.. وادرسوا الأوضاع.. واسالوا «أهل الذكر».. في مختلف المجالات.. فإن التاريخ سيحاسبكم.. و«مصر» أمانة في أعناقكم.. عليكم أن تصـونوا الأمـانة، وإلا فإن الحسـاب سيكون عسيراً!
إن مستقبل مصر يتوقف علـي «الإنتاج المصري» كماً وكيفاً.. وعلي علاقاتنا السياسية الخارجية أن تعي ذلك جيداً.. وأن تكون في خدمة «قدرات مصر الإنتاجية».
وتحيا مصر.. تحيا مصر.. ولسوف تحيا.

بقلم: د. فؤاد إسكندر