رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عربة الإعلام.. الطائشة

إذا كانت مهمة الكاتب هي التحليل في مقابل مهنة الإعلامي في نقل الخبر وتحري الدقة والحيادية والصدق فإن الإعلام بوجه عام يعيش محنة تستوجب المحاسبة المجتمعية والقانونية دون تباطؤ أو تواطؤ بحجة أن هناك نوعين من الإعلام ذلك الرسمي أو الحكومي

والذي علينا ذبحه وتفكيكه إلي قطع متناثرة وذلك الإعلام الخاص الذي يعيث في عقولنا وقلوبنا وأسماعنا طرحاً وضرباً وقليلاً من الاعتدال الموجه ليس لصالح الوطن وإنما لصالح من يمولونه ويحركونه تجاه مصالحهم الخاصة.
خبر العربة التي تدهس المتظاهرين يوم 28 يناير 2011 يتكرر في حادث ماسبيرو مع اختلاف المسميات فإذا كانت عربة الجمعة الغاضبة هي عربة الأمن المركزي أو عربة السفارة الأمريكية التي قد تكون مسروقة أو غير ذلك فإن عربة 9 أكتوبر من أمام ماسبيرو هي عربة الأمن المركزي أو عربة السفارة الأمريكية التي قد تكون مسروقة أو غير ذلك فإن عربة 9 أكتوبر من أمام ماسبيرو هي عربة مدرعة تابعة للجيش المصري الذي كان من مهامه السابقة حماية حدود الوطن فإذا بمهامه الحالية تأمين شوارع القاهرة وتأمين مبني الإذاعة والتليفزيون تلك العربة المدرعة يقودها في كلتا الحالتين مجند من ريف مصر ذلك المجند سواء أمن مركزي أو جندي قوات مسلحة ما هو إلا شاب بسيط لم يحصل علي قدر كاف من التعليم وليس لديه واسطة أو عزوة تستطيع أن تعفيه من تأدية الخدمة العسكرية ومن ثم فإنه يمثل الطبقة الفقيرة البسيطة المصرية الأصيلة لجموع شباب مصر، هذا الجندي يلتحق بالخدمة ويتقاضي ملاليم لا تكفيه قوت يومه ولا يستطيع أن يساعد أسرته ولا يقدر علي الزواج أو حتي الحلم بمستقبل أفضل، ومع هذا فهو يؤدي مهمته الوطنية في خدمة مصر وحماية أمنها الخارجي والداخلي، هذا الجندي البسيط يجد نفسه في مواجهة مع جموع غاضبة بعضها مسالم والآخر غاضب ثائر يحمل أسلحة بيضاء وطوباً وكسر رخام قاتل وقنابل مولوتوف حارقة وهو الجندي الأعزل إلا من سلاح خشبي ليس به أية طلقات حتي فى الأمن المركزي والجيش لا تسليح لجندي داخل الشارع ومع كل هذا عليه أن يحمي مدرعته أو عربته وأن يحمي روحه من جموع الغاضبين والذين ليسوا أعداءه أو أعداء الوطن وإنما إخوته وأصدقاؤه وجيرانه يحملون ذات الملامح المصرية وذات الهموم الإنسانية وكل الضغط والغضب والرغبة في مصر أجمل وحياة أفضل ومع كل هذا فإنهم يقاتلونه ويهاجمونه بالصوت والعصي والطوب والسلاح والنيران وأمر من كل هذا بهذا العدد الوفير وهذا البشر الهادر الغفير.
العربة الطائشة في جمعة الغضب تقتل وتدهس مثلها مثل العربة الطائشة في أحداث ماسبيرو الدامية والإعلام الرسمي والخاص والفضائى يفيض ويستفيض في تصوير الحادثة كما لو أنها أوامر تصدر لقائدي هاتين العربتين لقتل إخوانهم المصريين ولم يخرج عاقل أو طبيب نفسي ليحلل الحالة والموقف من المواجهة الطبية والنفسية بصدق وجرأة وشجاعة تحمي الوطن من السقوط في براثن الحرب الأهلية.. ولأن الإعلام حر فإنه يعيد صياغة ذات الخبر مرة ثالثة ولكن هذه المرة كارثة بكل المقاييس لأنها لن تعني مجرد إزهاق عدة أرواح غالية ولكنها قد تعني دماراً لمعني وقيمة تسمي العلم والتعليم والاحترام والكرامة لمن علمني حرفاً فصرت له عبداً.
عربة العميد الطائشة، تلك هي العربة الثالثة التي لم يتحر الإعلام الدقة والمهنية والحيادية والأمانة الصحفية في طرح خبرها، فالخبر في

إحدى الصحف الشهيرة جداً بعنوان «سيارة عميدي البيطري والآداب تدهس وتصيب 15 طالباً بجامعة المنصورة».. خبر بتاريخ الأحد 16 أكتوبر 2011.. القارئ للخبر قد يصيبه الفزع أو يتصور أن هؤلاء الأساتذة قد أصبحوا هم الآخرين قتلة ومجرمين وعلي المجتمع تقديمهم إلي المحاكمة الجنائية ولا مانع من المطالبة بإقالة وزير التعليم العالي وإلغاء وزارة التعليم وإلغاء الجامعة وتسليمها إلى سلطة طلابية شبابية ثورية تدير الجامعة في المرحلة الانتقالية لأننا في حالة ثورة والشباب هم من قام بالثورة ومن ثم فإنهم أصحاب الحق في تعليم أنفسهم بأنفسهم وإلقاء المحاضرات ووضع الاختبارات وتصحيح الأوراق ومنح الشهادات مثلهم مثل شباب التحرير وماسبيرو في تقرير المصير ووضع الدستور وقانون الانتخابات وتشكيل لجان شعبية للأمن وللمرور وأيضاً للإعلام والمواصلات والاتصالات والاقتصاد وكذلك لا داعي لتواجد العسكر الذي عليهم تسليم السلطة للشباب ما دون الثلاثين أو الأربعين لحماية الوطن واستقرار الأمن وتحقيق الديمقراطية!!
لم يتحر الإعلام الدقة في التأكد من الواقعة والتي هي عكس الخبر تماماً بعد أن عرضتها إحدي القنوات مسجلة صوتاً وصورة لمجموعات غفيرة من طلاب جامعة المنصورة وهم يحتجزون عميدي الطب البيطري والآداب في سيارة ويمنعونهما من الحركة، بل ويلقون عليهما الأحذية!!
المشهد المهين استمر أكثر من ساعة حتي جاءت الشرطة العسكرية واستطاع سائق السيارة (وهو ليس العميد) في الخروج الآمن من هؤلاء الطلاب الغاضبين الثائرين الرابضين.
هذا هو الإعلام الذي أدي إلي تلك العشوائية وهذا الانهيار المجتمعي وأتساءل إذا كنا نحاسب الجميع لماذا لا نحاسب الإعلام خاصة من يطلق خبراً كاذباً أو ملفقاً أو مغلوطاً بغرض الإثارة والترويج والتربح.. ولماذا لا يطبق القانون علي كل من يحرض الجميع وكل من يدمر الوطن؟ ولماذا محاسبة الكبار والتغافل والتغاضي بل ومحاباة الصغار بدعوي أنهم شباب وأنهم ثائرون وأنهم بلا خبرة، فإذا كانوا هكذا فكيف يحكموننا وكيف يقررون وكيف يحاسبون وكيف يطلقون أسلحتهم النارية عبر الفيس بوك والإنترنت والفضائيات علي الجميع وعلي كل من يخالفهم الرأي أو يحاول توجيههم.. الإعلام الطائش الذي يرضخ لهم والذي يغازل أخطاءهم والذي يسمح بأن يُضرب الشرطي ثم العسكري ثم الأستاذ فإنه إعلام خائن للوطن وعلينا محاسبته ومعاقبته جنائياً حتي لا تدهسنا عربته وتقتل وطناً بأكمله.