رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شُهداؤك يا وطن

هذه دماؤنا تنزف على الأسفلت. دماء ساخنة كريمة ترسم لنا المعنى الحقيقى للبطولة، والمغزى الصحيح للتضحية. دماء الجنود الذين يتساقطون كل يوم برصاص غادر قادم من الإنسان العابث بترابنا. دماء طاهرة تكتب حبها، وترسم بساتين الأمل، وتشطب على مقالب العفن.

هؤلاء الشهداء حقا. الذين هم عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله. يُشفَّعون فيشفعون. يملكون الجنان، فيرضون ويرضى عنهم البارئ.
شباب بسيط التحق بخدمة الوطن مؤديا حقه، فباتوا يحرسون فى سبيل الله، بينما كنا نياما نحظى بلحظات الامان فى أسرتنا. ساقهم القدر إلى اصطياد الموت دفاعا عن آماننا، فبقوا إلى الأبد ذكرى عطرة فى القلوب، وشجناً عذباً فى الضمائر.
هؤلاء الشهداء. أجمل ما فى المشهد. لا قادة ولا زعماء، لا فضائيين ولا محللين، لا شعراء رثاء ولا نافخى أبواق، لا متربحين بالصراع ولا أثرياء المواجهة، لا تجار الدين ولا سماسرة التدين، لا نشطاء الفيس بوك ولا مجاهدى تويتر، لا أبطال الغرف المُغلقة ولا كلامنجية الجلسات الخاصة، لا كُتاب الاعمدة ولا مقدمى برامج الـ«توك شو».
هم النضارة الغضة، الريح الطيبة، السلام الحقيقى، الفدائية الحقة، النجوم الزاهرة. هم الذين استحقوا الآخرة بينما نحن مُتحلقون حول شاشات الفضائيات نتجرع الكلام وندمن الثرثرة.
جنود مصر الطيبون، الرائعون، الصامدون، الصابرون، المُحبون بحق،

الرافضون لقهر، المتصدورن لغدر. ينسكبون ينسكبون كنقط ضوء نادرة فى نفق مُظلم. ينزفون أعمارهم بردا وسلاما على وطنهم. يمنحوننا أرواحهم لنبقى آمنين وتبقى مصر آمنة مطمئنة.
يكتب القلم ثم يكتب فلا يوفيهم حقهم. يسقط الساسة، وينكمش أبطال المظاهرات وتصمت حناجر الفضائيات الزاعقة. أمامهم تعيد البطولة فرض معانيها، وترجمة مرادفاتها
شهداء، وأى شهادة أعظم من مطاردة القتلة، وملاحقة مروعى الناس. شهداء لم يقذفوا طوبا بدعوى النضال، ولم يحطموا زجاجا بزعم التمرد، ولم يسبوا الناس ويكفرونهم باسم الاسلام.
شهداء استحقوا نهايتهم التى هى أفضل كثيرا من نهايات قتلة وسفاحين ومكفرّين ودعاة فتن أطلقت عليهم صفة «الشهادة» فى غفلة من التاريخ.
للشاعر الراحل نزار قبانى قصيدة جميلة فى تحية الشهداء الحقيقيين يقول فيها: «يا أيها الغارق فى دمائه: جميعهم قد كذبوا/ وأنت قد صدقت/ جميعهم قد هُزموا/ ووحدكَ انتَصَرت».
والله أعلم.
[email protected]