رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أستغفر الله.. فقد أغلقت مسجدا

لم يكن يوم الجمعة قبل الماضي يوما عاديا بالنسبة لي.. فقد شعرت بالاكتئاب لفترة غير قصيرة بعد صلاة الجمعة .. والسبب أنني حينما توجهت لأداء الصلاة مع أبنائي في المسجد الذي اعتدنا الصلاة فيه وجدته مغلقا.. للوهلة الأولى أدركت السبب. كان الهمس يدور بين الناس حول أن صحفيا وراء الموضوع بعد أن نشر شيئا عن المسجد أدى بالأوقاف إلى إغلاقه حسب ما دار في أحاديثهم.. لم أجد بدا من أن أؤكد أنني الصحفي الذي يتحدثون عنه رغم علامات الغضب التي بدت على البعض منهم بشكل كان يمكن ان يتطور إلى اعتداء أو ما شابه. حولنا وجهتنا إلى مسجد آخر.. وبعدها بدأت مجموعة من التساؤلات تفرض نفسها على ذهني.

كانت تلك المرة الأولى التي أشعر بأن ما نكتبه له قيمة -  بالسلب أم بالإيجاب ليس مهما!! -  فلم تكد تمر ساعات من يوم الثلاثاء قبل الماضي حيث نشرت مقالا بالوفد بعنوان «خطيب الجمعة.. وغباء الصحفيين» حتى رن هاتفي المحمول وإذا بالطرف الثاني يخبرني أن المتحدث مدير مكتب وزير الاوقاف وأن معالي الوزير إذ يشكرني على ما ذكرته فإنه قد أمر بالتحقيق فيما نشر واتخاذ اللازم وطلب محدثي أن أحدد له اسم المسجد المقصود. بعد ذلك بساعة أو أكثر قليلا علمت أن لجنة من الأوقاف بمدينة أكتوبر تزور المسجد المذكور وأنها بصدد التعرف على الموقف. لحسن الحظ فقد كنت إجازة في ذلك اليوم ولبيت طلب البعض بأن ألتقي اللجنة وأشرح لها الموقف بشكل لا يكون له تداعياته السلبية.
بالفعل توجهت إلى المسجد وشرحت لوفدها المكون من ثلاثة أعضاء رأيي وكان من الواضح أنهم لم يقرأوا ما تمت كتابته رغم أن ذلك أمر واجب لكي يكونوا في صورة الموقف الذي يجرون استيضاحا بشأنه. بدا لي كذلك، من حديث أعضاء اللجنة، أن هناك أزمة أثارها المقال بشكل لم أتصور أنه يمكن أن يصل إليه ما ذكرته ورحت أخمن أنني ربما ضغطت على جرح لدى الأوقاف دون قصد منى.
تصورت للوهلة الأولى أن الأوقاف أصدرت قرارا بإغلاق المسجد رحت أسأل نفسي: هل قرار إغلاق المسجد أمام صلاة الجمعة هو القرار السليم؟ عندما حاولت تأمل الموقف بدا لي غريبا على نحو كبير.. تخيلت أنه يشابه إلى حد ما رجلا اشتكى له جاره من ابنه المشاغب فراح دون تفكير يقوم بقتل الولد الشقي لكي يريح جاره ويريح نفسه من صداع أي شكوى مستقبلية من أي جار. تخيلت أن عميلا ببنك راح يشتكي من موظفة وبدلا من أن يتم لفت نظر الموظفة بسبب خطئها يتم فصلها على الفور. جالت بخاطري عبارة: ما هكذا تورد الإبل يا أوقاف؟
كل الموضوع أن صحفيا أبدى رأيه في خطبة جمعة بأحد المساجد وقدم مجموعة ملاحظات تستحق التوقف عندها من وجهة نظره.. الحل الطبيعي والمنطقي – ورأيي هنا قد لا يقدم ولا يؤخر فقد نفذ سهم إغلاق المسجد – هو استدعاء الخطيب وتوجيهه ولو أن هناك خطأ تنظيميا بشأن وضعه يمكن إصلاحه بتوفير خطيب آخر

من الوزارة يكون أكثر حرصا على الالتزام برؤيتها في مقتضيات الخطابة.
غير أن المفاجأة بالنسبة لي حينما رحت أستفسر عن الأمر وعلمت أن الإغلاق – وأنا هنا أنقل عن مسئول الأوقاف – لم يكن من الوزارة وإنما بسبب رفض صاحب المسجد أن تقوم الوزارة على أمر المسجد حيث طلبت إدارة الأوقاف باكتوبر أن توفر خطيبا بديلا غير أن صاحب المسجد أصر على الخطيب المذكور. رحت أسأل نفسي وهل المساجد لها أصحاب.. أليست المساجد لله وللمسلمين؟ وهل كل من قام على إنشاء مسجد أن يحدد كيف يدار؟
أقول هذا مع التأكيد على أن ملاحظاتي لم تكن تنصرف بشكل أساسي إلى مضمون الخطبة وإنما إلى نهج الخطيب في التعامل مع المصلين.. أعلم أن المشكلة بالنسبة للأوقاف تتمثل في التطرق إلى السياسة خلال الخطبة.. غير أن المشكلة الأكبر من وجهة نظري والتي عبرت عنها من خلال ما كتبته هي كيف يقدم الخطيب للمصلين رؤاه ومواقفه؟ تحفظى أن ذلك كان من خلال كلام مرسل دون أدلة على نحو يغيب عقلية الاستدلال لدى المتلقين أو المصلين؟
وإذا كان من الواجب علينا أن نقدم التحفظات على ما يصفه البعض بسياسة الأوقاف في تأميم الخطاب الديني فإن ذلك لا يجب أن يمنعنا أو يحول بيننا وبين المطالبة بأن يكون هذا الخطاب في مستوى جيد يرتقي بفكر المسلمين وإيمانهم لا يعمل على تغييب عقلهم، إذا لم تكن المساجد خاضعة للأوقاف.
وبغض النظر عن تحفظ هنا أو هناك .. على الأوقاف أم على صاحب المسجد.. فهل يمكن أن يتم التوصل إلى حل يعيد للمسلمين بالمنطقة التي يقع بها المسجد اعادة فتحه من جديد باعتباره الأقرب إليهم خاصة أنه بمعايير الوزارة يخضع للقواعد التي حددتها لإقامة الجمعة بها.. فهل يصل الطرفان – الوزارة وصاحب المسجد – إلى صيغة حل.. لكي يرتاح ضميري على الأقل.. إذا لم يتم ذلك فلا أملك سوى أن أسأل الله أن يغفر لي زلتي التي لم أقدم عليها سوى بحسن نية.. آمين.!


[email protected]