رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أكذوبة الجيش المصري الحر!

حكاية الجيش المصري الحر تلك ينطبق عليها المثل القائل اللهم اكفني شر أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم.. فقد بدأت بعض وسائل الإعلام المصرية التخويف والتهويل من شأن هذا الجيش على نحو يشعرك بأن الأمر جلل ويستحق الطوارئ بشكل يتجاوز تحركات جيش تل أبيب. غير أن المتمعن فيما يروى عن الحكاية سيجد أنها أسخف من أن تستحق التفنيد لأنها غير حقيقية وتبدو مفتعلة من أطراف مختلفة لها غايات متباينة من محاولة فرضها على اهتمامنا. الغريب هنا أن تتحدد الأهداف من الترويج لهذه الأكذوبة التي لا يكاد يشعر المواطن المصري بأي قيمة لها.

وإذا كان الأمر في الخارج لا يتجاوز ترديد المفردة التي جاءت من وحي ما نشأ في سوريا في مواجهة نظام بشار فإن البعض حاول أن يقدم لنا ذلك الجيش بشحمه ولحمه وكأنه الجراد يقف على حدود مصر على أهبة  الاستعداد للتدخل.. غير أن الصورة رغم ذلك تبدو كاريكاتيرية .. فلك أن تتخيل جيشا حرا يتكون من 800 عنصر– عدد لا يذكر مقارنة بأي مظاهرة تشهدها مصر على مدار السنوات الأخيرة– وتخيل أيضا أن هذا الجيش مسلح بماذا؟ بسيارات دفع رباعي؟ وهو ما استدعي رفع درجة الاستعداد في المنطقة  الغربية العسكرية لمواجهة أي اختراق! والتحذير في الوقت ذاته من أن نار جهنم في انتظارهم!
قليل من التدقيق في مثل هذه الصياغات يشعرك بعدم احترام العقل.. فلو أن الخصوم على هذه الشاكلة ممن شكلوا ذلك الجيش المزعوم فمرحبا بغبائهم الذي يكشف عن قصور نظر وضيق أفق يجعلنا لا نلقي لهم بالا! وإلا هل نقف على أهبة الاستعداد بقواتنا لمثل هذه التفاهات. الأمر– إذا كانت الأوضاع على هذا النحو– لا يستدعي سوى عربة أمن مركزي وبضعة جنود من الشرطة للفتك بهم!
إذن ما هي الحكاية والقصة بالضبط؟ إذا فهمنا مقصد الخارج فإن فهم مقصد الداخل قد يبدو محيرا.. فقد يكون مقبولا أن نجد قوى خارجية لا تريد الخير لمصر تنفخ في فكرة الجيش المصري الحر في محاولة للإيحاء بأن الاوضاع في مصر غير مستقرة وأن النظام المصري بعد 30 يونية يواجه معارضة شديدة على نحو أفرز تشكيل مثل هذا الجيش وهو ما يحقق هدف تقويض وضعية مصر بشكل عام والنظام القائم في المحافل الدولية. غير ان الترويج للفكرة في الداخل يثير الشكوك.. وأبسط محاولة لتفسيره قد تكون في أنها لا تعدو أن تكون مسعى من فريق لتضخيم خطر من يمثلهم هذا الجيش الحر بشكل يوسع من مسعى مواجهتهم والقضاء عليهم من خلال مزيد من التفويض الشعبي والسياسي.
وبعيدا عن هذا وذاك فإن الفكرة تبدو صعبة التحقيق وتقف دونها صعوبات جمة .. على رأسها أن المزاج المصري العام– والذي يعكس تفكير مختلف المصريين بكافة انتماءاتهم السياسية

والدينية- لا يقبل بمثل هذه الفكرة ولن تجد حال وجود محاولة جدية لتكوين مثل هذا الجيش إقبالا على الانضمام له. أما الرفض القائم للنظام الحالي من قبل بعض العناصر وعلى رأسها الإخوان وبعض التيارات الإسلامية فلن تتجاوز مظاهرات هنا أو هناك.. وقد يصل الأمر لبعض العمليات التي نشهدها في الوقت  الحالي من تفجيرات وأعمال عنف من قبل العناصر المتطرفة أوساط المعارضين.
ويعزز ذلك أن خطوط التمايز بين المصريين على خلفية الأزمة القائمة حاليا لا ترتقي إلى فكرة مساندة البعض منهم لفكرة تشكيل جيش حر، حيث إن ما نشهده ليس صراعا طائفيا أو دينيا وإنما سياسي بين فصيل يمثل قطاعا محدودا بين المصريين رغم التأكيد على فاعليته ونشاطه. فضلا عن أن ما جرى على الساحة بعد 30 يونية كان له مفعول كبير في إفقاد هذا الفصيل أي تعاطف من المواطن العادي بشكل يفقده أي قدرة على التحرك على صعيد فكرة مثل تكوين جيش حر.
إلى جانب ما سبق فإن حالة التجاذب الدولي بشأن مصر والصراع حولها لا يرقى على الأقل في الوقت الحالي إلى مستوى مساندة قوى دولية معينة وعلى رأسها الولايات المتحدة مثلا لهذه الفكرة .. صحيح أن هناك قدرا من تعارض المصالح والرؤى لمسيرة الأوضاع ومستقبل العملية السياسية إلا أن ذلك يبدو من الممكن ترتيبه من خلال آليات أخرى ليس من بينها فكرة الجيش الحر. أما تركيا وقطر فهم أقل من المساهمة في مثل هذه الفكرة دون ظهير دولي قوى سواء كان واشنطن أو غيرها.
وعلى هذا تبدو الفكرة مثيرة للاستهزاء تجاه من يروج لها في الداخل أو الخارج على نحو يدعونا لمطالبة من يروجها للبحث عن أخرى بديلة لاشاعة مناخ عن حالة عدم الاستقرار في مصر وتفكك الدولة.. وهو الأمر الذي يبقى وسيبقى بعيد المنال إن شاء الله.  

[email protected]