رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أكتوبر.. علم ونشيد وفرحة وطن

أحزننى كثيراً، ونحن نستعد للاحتفال بمناسبة مرور 40 سنة على النصر العظيم لشعب مصر وجيشه الوطنى فى السادس من أكتوبر 1973.. أحزننى أن تكون حكومتنا فى حكم المضطرة للاجتماع والموافقة على إصدار مشروع قرار لرئيس الجمهورية بقانون يقضى بتوقيع عقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين لمن لا يلتزم بتحية العلم المصرى، ولايقف احتراماً عند عزف السلام الوطنى فى مكان عام، وهو ما اعتبرته الحكومة جريمة.

نعم، إنها جريمة يعاود ارتكابها من حين إلى آخر أهل التشدد باسم الدين الذى عرفوه على طريقتهم بخلاف جموع المسلمين بداية من علماء الأزهر وشيوخه الأجلاء وحتى المواطن المصرى المتدين بطبيعته وبحكم النشأة الطبيعية السوية، والذى جمع بين إيمانه القويم بالإسلام كما عرفته وتوارثته الأجيال (جيل ورا جيل)، فمن يمارسون تلك الترهات يبدو أنهم يرون حالة الولاء والانتماء للوطن التى تكفلها وتشجع عليها النظم السياسية والتقاليد الوطنية هى رجس من فعل شياطين الكفر، وعليهم أن يتنادوا فيما بينهم لاجتناب المشاركة مع أبناء الوطن فى ممارسة تلك التقاليد، ولعل رفض تحية العلم والوقوف عند عزف السلام الجمهورى هو الأكثر ظهوراً، ولكن جماعات التشدد المظهرية لها من المواقف والتصريحات الخارجة عن إطار الانتماء للنظم الديمقراطية المدنية على لسان رموزهم وقادتهم وشيوخهم مما يؤكد أنهم فى الاتجاه المعاكس للتحضر والسير نحو تفعيل آليات التقدم مع احترام تراث ومنتجات حضاراتنا المصرية المتراكمة المتنوعة (فرعونية وقبطية وإسلامية).. فكانت دعواتهم لهدم تلك الأثار والنيل من الإبداعات الإنسانية بداية بمن أعلنوا عن نيتهم وعزمهم الأكيد لمداهمة تلك الأثار القديمة، وحتى من قاموا بالفعل بهدم وحرق وسرقة متحف ملوى والكنائس الأثرية وتشويه تمثال نهضة مصر بغباوة وتخلف الغوغاء، وبشاعة الجهل بما تعنيه كلمة «وطن»..
وتخيل معى عزيزى القارئ لو قارننا بين ذلك المواطن الذى رفض الوقوف لتحية العلم عند سماع نشيد بلاده الوطنى (وهو الذى يعز علىّ أن أطلق عليه «مواطن» لأنه جرح رمز وكبرياء الوطن المنتسب إليه)، وبين المواطن البطل محمد العباسى أول من رفع علم بلاده على أول نقطة محررة من سيناء الحبيبة.. يقول الكاتب ابراهيم محمد ابراهيم فى سرده لتلك اللحظة المجيدة فى كتابه «ملامح مصرية» يذكر.. وفى صباح السادس من اكتوبر 1973 - العاشر من رمضان 1393 بدأت عمليات التمويه، وفى ساعة الصفر بدأ الجنود فى عبور قناة السويس وكان البطل محمد العباسى فى طليعة القوات العابرة، وفرح كثيراً عندما شاهد الطيران المصرى عائداً بعد أن دك المطارات الإسرائيلية فنظر البطل إلى السماء فشاهد (الله اكبر) مكتوبة بخطوط السحب فهلل مع الجنود (الله أكبر) وكانت صيحة العبور.
وأسرع البطل نحو دشمة من دشم خط بارليف، ولم يعبأ بالألغام والأسلاك الشائكة التى مزقت ملابسه، وبمجرد وصوله للدشمة فتح نيران سلاحه على جنود

العدو فقتل 30 إسرئيلياً ثم ألقى قنبلة من خلال فتحة الدشمة فسمع صراخاً لإسرائيليين وكأنها زغاريد فرح، وتم أسر 21 جندياً إسرائيلياً، ثم صعد إلى قمة الدشمة ومزق العلم الإسرائيلى، ورفع مكانه العلم المصرى معلناً تحرير أول نقطة بالقنطرة شرق ودخوله التاريخ من أوسع وأشرف وأنبل الأبواب لأنه بذلك يُعد أول مصرى يرفع العلم المصرى يوم العبور العظيم..  يارب تكونوا عرفتوا يعنى إيه علم مصر نقوم له بكل احترام. لقد كان الأمر مثيراً للتعجب من جانب حزب النور المشارك فى لجنة الخمسين، فإذا كانت تلك تصوراتهم ومعتقداتهم فإنه يبقى السؤال: لماذا شاركوا فى العملية السياسية من البداية؟!!
وأظن الإجابة واضحة وقد توجزها المقولة الشعبية « غلطان اللى يلاقى دلع وما يدلعش!!».. لقد وصفت حكومتنا الرشيدة جماعة الإخوان المخضبة أياديها بالدماء عبر تاريخ غير وطنى، وكذلك أصحاب الدعوة السلفية وحتى جماعة الإرهابى العتيد صاحب مجزرة الأقصر الشهيرة الذى أنشأ هو الأخر حزباً وتمت الموافقة عليه.. كل هؤلاء تفضلت حكومتنا ومؤسسة الرئاسة ولجنة الخمسين وصفتهم جميعاً بأنهم فصائل سياسية، وأنه لا إقصاء لأحد، وفى خطوة أبشع كانت الموافقة على الجلوس مع شبابهم الذى يدعى الانشقاق لإيجاد مخرج لحكومتنا المكسوفة لبداية التفاوض مع الإخوان، هى حكومتنا التى تبدو دائماً وكأن على رأسها بطحة، ومشت لجنة الخمسين على نفس الدرب والآن يتمنون رضاء حزب النور عليهم، فوافقوا لهم على عودة مجلس الشورى رغم العزم الأكيد من جانب لجنة العشرة وقيادات لجنة الخمسين على إلغائه منذ أيام ليخرج ممثلهم منتشياً بانتصاره، والبقية تأتى!!!
لقد كان مشهد الاحتفال العام الماضى بنصر أكتوبر بشعاً بحضور وشماتة من قتلوا وشاركوا فى قتل قائد نصر أكتوبر، وكان ركوب مرسى سيارة مكشوفة لتحية أنصاره مشهداً كوميدياً لرجل يحلم بتقليد الكبار فقرر أن يدور بسيارته فى «فسحة» بيتهم للاحتفال بمناسبة لم يشارك فيها هو أو جماعة النكبات!!!

[email protected] com