رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أيموت سعد؟!

لا شك أن الزعامة السياسية، عندما تقدمها وتدفعها الشعوب كقيادات إلى مقدمة المشهد الثوري في أزمنة الثورات، ثم وفي لحظة فاصلة تمنحها عصا القيادة، يُحملون الزعيم أحلامهم في الإصلاح والتغيير وتحقيق التقدم، فهي من الأهداف التي من أجلها غضبوا وثاروا وحملوا رؤوسهم على أكفهم في ميادين الحرية..

مع بداية المشهد الثوري الينايري، كان الخروج لإعلان الغضب العام بعد كشف غطاء القدر المكتوم فكان التدافع العظيم الهادر مع وقع أقدام بشر عظيم دخلوا ميادين التحرير في كل عموم المحروسة، ومع تسارع إيقاع هتافاتهم وصعودها ليتردد صداها، تزايدت المطالب حتى كان الهتاف الذي تحلقت حوله الأفئدة «الشعب يريد إسقاط النظام»، وعندما سقط رأس النظام وحزبه ورموز حكوماته المتتالية وبرلماناته، وكانت مازالت في إياديهم رايات الانتصار، تبادلوا فجأة نظرات تحمل السؤال الذي ما فكروا في طرحه « إلى من نسلم الراية، ورغم أهمية الإجابة عن السؤال حملوا راياتهم وخرجوا بها من ميادين التحرير إلى بيوتهم ، وحمل النخب منهم راياتهم إلى منتديات الحوار وائتلافات الوفاق، وكان حوار الفرقاء مع الدكتور يحيي الجمل، وائتلافات التوهان مع الدكتور عبدالعزيز حجازي، والسبب افتقاد جسد الثورة النبيلة لرأس أو مجلس رئاسي أونخبة وطنية تقود.. وعليه كانت المحصلة تهيئة الفرصة كاملة للانتهازيين ومن كانوا يترقبون في الشرفات مشهد النهاية للنزول وحصد الغنائم، بل والقفز على مكتسبات الثورة..
وإذا كانت مشكلة ثورة يناير افتقاد الزعيم، فإن ثورة يوليو صنعها الزعيم ورغم أنه حقق مكاسب وإنجازات عظيمة لصالح الشعب، ولكنه أبداً ما استدعى شراكة الشعب في الحكم وصناعة القرار، أما ثورة 1919 فقد قام بها الشعب بقيادة زعيم، ورغم استمرار احتلال البلاد، إلا أن في زمن القائد سعد زغلول وحزب الوفد ورجاله العظام في مرحلة تالية استطاع المواطن المصري أن يعيش تجربة ليبرالية رائعة..
إنها ثورة 1919 التي أعلن سعد زغلول أن شعارها «الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة» ليعلن إقامة دولة القانون والعدل وليكون الشعب المصدر الدائم لشرعية الدولة والحكومة.
بحلول يوم الخميس الماضي يكون قد مر على رحيل الزعيم سعد زغلول 95 سنة،  وللاقتراب من مشهد الرحيل أستأذن القارئ أن نعيش الحدث بتصفح بعض ما جاء بالعدد 151 من مجلة المصور الصادرة يوم الجمعة 2 سبتمبر 1927.. صورة الغلاف رموز مصرية تحمل جثمان الفقيد وتحتها كان البيت الشعري التالي..
«بحر جواه النعش فوق مناكب تسعى ولم نعهد كذاك الأبحر» وتحته كتب المحرر التعليق التالي..
نعش الفقيد الأعظم المغفور له سعد زغلول باشا ينزله من بيت الأمة، يوم الاحتفال بالدفن، الوزيران عثمان محرم باشا ومحمد نجيب الغرابلي باشا، والنواب محمود بك النقراشي وفخري بك عبدالنور، بين البكاء والنحيب، وقد لف النعش بالعلم المصري..
وفي المقال الافتتاحي كتب رئيس التحرير.. توفي سعد زغلول في 23 أغسطس 1927، ولو اجتمع أساطين الشعر في البلد، لما تمكنوا من إيجاد بيت من الشعر ينطبق على الحالة انطباق هذا البيت عليها:
منابت العشب لا حام ولا راع / مضى الردى بطويل الريح والباع
والآن اغضبوا معي على بعض الأجانب! ليس

عليهم جميعاً، بالطبع، فقد شارك معظمهم هذه الأمة في مصابها، وشاطروها أحزانها، فنكسوا أعلامهم، وأرسلوا وفودهم، ومشوا في موكب الجنازة، ولم تقصر مقاماتهم الرسمية في القيام بواجبها نحو البلد المضياف.. ولكن بعضاً منهم.. وإليك تفصيل ذلك: أمام شرفة مكتبي، منزل كبير تسكن فيه عائلات أفرنجية، ففي مساء الأربعاء - أي بعد تشييع جثة الفقيد الراحل بساعتين أو ثلاث - سمعت أنا ورفاقي أصواتاً ترتفع من إحدى الشقق في ذلك المنزل، ثم ضحكاً، فقهقهة، فغناء.. ثم أدار أولئك الناس فونوغرافاً من الطراز الحديث... وظل صياحهم، وغناؤهم، وضحكهم، إلى ما بعد الساعة التاسعة ليلاً.. وكانوا يرقصون على نغمات الفونوغراف، والستيب، فوكستروت، تشارلستون، تانجو.. ولم يتركوا رقصة تفوتهم! وكأني بهم قد أرسلوا في دعوة أهلهم وأصدقائهم، لأن شرفة منزلهم كانت تموج بالرجال والنساء والشبان والشابات... ظلوا هكذا في فرح ومرح ، ولم يكتفوا بالغناء والرقص في داخل بيتهم، بل انتقلوا إلى الشرفة فحولوها إلى «دانسنج»... أفلا يستحق أولئك الناس أن نغضب عليهم؟ هذا قليل من كثير، مما رأيت وسمعت في ذلك اليوم المشهود، فليحسن الله إلى سعد بقدر ما أحسن سعد إلى أمته ووطنه!
ثم يستعرض المحرر بعض أقوال الزعيم المأثورة ..
في ميدان التضحية متسع للجميع
كل تقييد للحرية لابد أن يكون له مبرر من قواعد الحرية نفسها
إذا كان الشيء واضحاً كان البحث فيه موجباً لغموضه.
لا يفوتكم أن تحتجوا على كل أمر ترون فيه مخالفة للقوانين مهما كان صغيراً في نظركم، فربما كان لهذا الأمر الصغير علاقة في المستقبل بأمر كبير فيُتخذ سكوتكم هذا حجة عليكم في ذلك.
نموت ويحيا الوطن
لو كنت أطالب بغير الحق لرضيت بالمناقشة والجدال، لكنني أطلب حقاً والحق لا يقبل جدالاً أو مناقشة.
ثم ينشر المحرر قصيدة بعنوان «أيموت سعد؟» التي اقتبستها كعنوان للمقال، يؤكد فيها الشاعر في بعض أبياتها على خلود الزعيم بما قدمه لأمته..
إن كان سعد غيبوه بحفرة / فلسوف يبقى ذكر سعد خالداً
أيبيت سعد في التراب موسداً / لهفي عليه أيدفنون مجاهداً

[email protected]