عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عن المستقبل

لا أكاد أرى أحدا يحدثنا عن مستقبل هذا البلد بل ولا حتى أرى في إعلام الغرب حديثا عن مستقبل مصر والمنطقة كلها رغم أهمية المستقبل.
الماضي ظل وما يزال متمددا فوق الحاضر ومن رحم المعاناة سيبزغ فجر جديد. قلت سابقا إننا نحن المصريين سننجح نجاحا ساحقا لأن البديل ببساطة هو الجحيم!

يقول الصحفي روبن رايت في ندوة سوريف بمعهد واشنطن فيما نشر تحت عنوان "عندما ينجلي الغبار: الشرق الأوسط في 2016" إن هذه المنطقة قد تعرضت لأربع هزات عنيفة مثلت نقاطا فاصلة في تاريخها بدأت بانهيار الخلافة العثمانية ثم قيام تركيا والدول العربية الحديثة لاحقا ثم قيام إسرائيل ثم الثورة الإيرانية ثم ما يسمى الربيع العربي.
وقد كانت مشكلة المقال رغم تفرد ما قام به من مقاربات لطيفة أنه اختصر حيث يحسن الإطناب في قضية جد مهمة وهي التركيبة الفريدة للعالم العربي ومنطقة شمال أفريقيا بما يبعدها عن ثورات أوروبا الشرقية انخلاعا عن القبضة الحيديدة السوفيتية بقدر ما يقربها تشابه الثورات في كونها تحدث في ذات الوقت وبنفس التكرار وكأنه مشهد واحد مستنسخ.
لم أجد في مصر حسب ما قرأت ورأيت وسمعت من عالج المستقبل بعبقرية وتفرد بمثل ما وجدت كالعادة لدى أستاذي المفكر الكبير الأستاذ محمد القدوسي في بضعة مقالات على موقع الجزيرة نت تحدث فيها عما عسى تكون عليه العلاقة بين الجنرالات والتجليات المدنية لمصر ما بعد مبارك.
وعيب القدوسي أنه أكبر من أن أفهم كلامه من القراءة الأولى ما يكلفني عناء المرة الثانية والثالثة حتى أفهم هذه الدراسة العظيمة التي قدمها بصورة لم أجد أروع منها لدى حتى كتاب الغرب الذين أعرفهم وأتابعهم من كثب. ففي كلمته "أقليات متساندة وفي القلب جنرال" لخص الأستاذ المحور الذي تقوم عليه السلطة في مصر منذ محمد علي حتى الآن وأوضح قدرا كبيرا من التشابه والتطابق في استثمار الصراع بين الأقليات لبقاء الجنرال المتمسك بحكمه العسكري (أبرز تجلياته في التزمت بالمباديء الحاكمة للدستور) وما تولد عن هذا من طفيلية وطفيليين .
كانت فائدة هذه المقالات أن أنارت لي الطريق لتصور المفتاح لمستقبل مصر: هل يمكن أن نحد من كل هذه الامتيازات الكبيرة التي حازها العسكر منذ عهد محمد علي حتى الآن؟ وإذا

كانت تركيبة الجيش المصري تختلف عن نظيره التركي فمن يضمن لنا أنها ستظل كذلك بعيدا عن الدخول في غمار السياسة وصناعة القرار؟ وإذا كان بالجيش هذا الجناح الربحي التجاري الهائل وهذه الامتيازات والإنفاق العسكري والأراضي التي يحصل عليها الجيش برخص التراب والمشروعات التي بلا ضرائب فهل يسهل للحاكم القادم أن يؤكد المعنى المدني لمصر بصورة لا يخالجها أدنى ذرة من عسكرة؟
الأهم من هذا: لو اقتطعنا جزءً من الإنفاق العسكري وخصصناه للتعليم فاقتربنا بهذا من النموذج الماليزي هل سيتمكن الرئيس المدني القادم من التعامل مع الغرب بالندية المطلوبة فيما الجيش قد اختار الحياد؟ التاريخ يخبرنا بالمعضلة هنا كما شرح الأستاذ الكبير القدوسي وهي أنه: لن يستطيع قيادة السفينة المصرية والتعامل الندي مع الغرب ومعضلات المنطقة قائد مدني لا يعضده الجيش تعضيدا كاملا غير منقوص وفي نفس الوقت لا يمكن أن تكون للجيش كل هذه الامتيازات بلا محاسبة من البرلمان أو معرفة لخفايا ما دار بين الثلاثي: ناصر والسادات ومبارك والمؤسسة العسكرية التي أعود فأؤكد أن ولاءها لمبارك كان لآخر لحظة وأنها لم تحم الثورة كما يدعي البعض وينافق الآخرون.
لست بحاجة إلى أن أكرر التعبير عن تقديري وحبي لأهلي في المؤسسة العسكرية ولا أن أفرط في الحديث عن التحالف الاستراتيجي بين البنتاجون وجيشنا أو في العمليات المشتركة الأمنية بين جيشنا وجيش اسرائيل فكل هذا مما يمكن هضمه سياسيا واستراتيجيا لكنني أقول:
هل حقا يا مؤسستنا العسكرية العظيمة ستتركوننا نقرر أنها مدنية؟
أتمنى!
[email protected]