رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا تخيب الآمال

 

هذا العنوان هو ما اختاره الدكتور جلال أمين لكتابه رحيق العمر (الجزء الثاني من سيرته الذاتية) دلالة على ما يشعر به من أن الحياة سلسلة متتالية من خيبة الأمل، وذلك مما رآه في نفسه، وفي الناس حوله، وكأنه يعيد بالعنوان بيت أبي الطيب: ولم أر في عيوب الناس شيئا..كنقص القادرين على التمام.

بل "حتى عندما تتحقق طموحاتنا كثيرا ما نكتشف أنها لم تكن مهمة إلى الدرجة التي تصورناها" كما قال.

وقد صدَّرت كلامي بالحديث عن الدكتور أمين ليس إعجابا بفكره وثقافته بقدر ما هو حب لأخلاقه. والحقيقة أني قلما أشعر في كتابات أحد بالصدق والتواضع العفوي مثلما أشعر عند قراءة هذا الرجل.

ذكرت كتابات الرجل عن المصريين وما تغير فيهم، وسعدت بــ "عصر الجماهير الغفيرة" وأحببت اليوم التأكيد أننا نخدع أنفسنا كثيرا إذا تقمصنا حال المدهوش مما يحدث في مصر الآن من عشوائية وانتهازية.

هناك مثل أمريكي عن الكمبيوتر يقول: Junk in junk out

والمعنى: نفاية تدخل نفاية تخرج. يقصد المثل إلى أن الكمبيوتر دابة مطيعة فكيفما تغذيه يُنتج لك. مدخلات المصري مخرجاته فلم العجب؟

لم أتعجب كثيرا من سماعي ورؤيتي للأخ النجار المسلح سعيد عاشور الذي كافح وناضل إلى أن صار شاعرا وأديبا وقاصا وناقدا، وصارت أشعاره تدرس بالجامعات، وليس معه إلا شهادة محو الأمية، ويريد أن يكون رئيسا لمصر. وعندما سأله محرر الوفد عن مؤهلاته قال بفخر: فلتعرضوني على لجنة من كبار أساتذة كليات الآداب حتى يحكموا إن كنت أضارع حملة الدكتوراه أم أفوقهم.

لو سلمنا بأنك درة عصرك وترشحت للرئاسة فما علاقة الرئاسة بالأدب إن كنت أديبا أصلاً؟ ولماذا نصر أن نعطي أسئلة (مدخلات) خاطئة ونعجب من إجابات (مخرجات) خاطئة.

يذكرني الأخ سعيد بصديق أحسبه تقياً عرفت قدرا أنه يبيع الملابس الداخلية للنساء فغضبت بشدة والتقيته وقلت له مصدوما: يا أخي لماذا تبيع هذا النوع وأمامك متسع من الملابس الأخرى؟ فرد علي بسؤال خاطيء: هل تفضل أن يبيعها متدين أم غير متدين؟ دع عنك أنه نسب التدين إلى نفسه فزكاها فربما جاء هذا صدقا أو عفو الخاطر لكن الأهم أن السؤال خاطيء، لأن الأصل أن أرد عليه: ليس الأمر هكذا وإنما: هل يبيع هذه الملابس للمرأة امرأة مثلها أم رجل، حفظا للحياء.

وإذا كان دراويش الأخ محمد حسان قد رشحوه رئيسا للجمهورية فليس مطلوبا

منه أن يصدر بيانا يعلن فيه اعتذاره! وإذا اعتذر فهل يعقل أن يكون الأخ محمد ابتداءً مؤهلا لرئاسة مصر؟

حتى في مصنع العقول وهو الجامعة نطرح الأسئلة الخاطئة والتصورات المنحرفة، فكل مدرس بالجامعة هو في التصور المصري عالم، ولم لا والدكتوراه نسميها: العالِمية، وهذا كلام غير دقيق. بل حتى الحالات الفردية التي ذكرتها لأكثر الأمثلة فجاجة في الجهل بجامعاتنا إنما تنم في الحقيقة على خلل متسلسل. وسأذكر مثالا هنا لا يحتمل اللبس:

بحكم عملي بالترجمة تعرضت لمراجعة نصوص في أسيقة مختلفة آخرها كان في الهندسة المدنية، وتحديدا بناء السدود والكباري والإشراف على الترع والمصارف، وعندما جلست مع طالب الدكتوراه أشرح له مراجعتي اللغوية لبعض الجمل إذ تقابلنا (Sinai Peninsula) ويترجمها (سيناء الحبيبة) ظننته يمزح، فقلت له نعم هي حبيبة بالفعل إلى القلب، لكن المعنى ليس كذلك، أنت تقصد شبه جزيرة سيناء، فامتقع وجهه، وقال: والله لقد سمعتها هكذا من أستاذي مرارا ولم يكن يمزح! تخيل دكتوراه في الموارد المائية وهو وأستاذه يكتبان البحوث بالإنجليزية، ولا يعرفان هذه الكلمة! آه يا رُكبي، فقلبي لم يعد يحتمل!

في قريتي كنت أرى أحد الجيران، وقد استفرد (لفظ فصيح وعربي مُعرِق) مجموعة من أترابه الفلاحين على مصطبة (مثل كثير من البرامج الحوارية لكن بصورة مصغرة) مع بدايات قناة الجزيرة يقول ما حفظه ليلة أمس مما سمعه من كم هائل من المحللين والضيوف، ثم يقع حظه العاثر في كلمة "الدعم اللوجيستي" فأباغته كالذبابة: ما هذا الدعم اللوجيستي يا خال فيُجيب: دي كلمة إنجليزي!

[email protected]