عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المذعور ..الذى نرشحه؟!

--قبل بضعة أيام كان يوقع مقالاته فى صحيفة "الحياة اللندنية" ممهورة باسمه ومقرونة بلقب "كاتب قومى"..فقد كان المقام فى هذه الصحيفة العربية الصادرة فى لندن (ولايزال) يتسع لمثل هذا الوصف..وإسباغ مثل هذه الصفة على مفكر ..يحسب نفسه أحيانا ناصريا ,فهو يحيى عبد الناصر (ومحمد على) دوما على ادراكهما بأن أمن مصر القومى يبدأ من جبال طوروس شرقا وليس من قناة السويس كما فعل مبارك !..وفى بعض الاحيان –وحينما يقتضى الامر- فإنه يتحدث عن السادات باعتباره رجلا سبق عصره بامتياز..وأدرك مواطن القوة والارتكاز فى السياسة الدولية والعربية..وحقق السلام مع العدو.

أما عن مبارك فكانت علاقته معه شديدة الوضوح وأيضا شديدة الالتباس ..أوبمعنى آخر "الوضوح الملتبس"..فهو إن جرؤ على نقد ..او علا صوته قليلا بنقد.. فإنه لابد ان يحيد الرئيس و"يسجده" فيذكرأولا شرفه العسكرى  (...)وحرية الصحافة (...)وذلك قبل أن يطالب بمناقشة عميقة لحقوق الاقباط او الالتفات لأفريقيا التى كانت مناطق نفوذ مصرية ..سابقا طبعا!

--وقبل بضعة اعوام..أصر المزورون على أن يضموه اليهم (حقيقة ماجرى من ترتيبات فى تلك الليلة  لإلحاقه بمجلس شعب 96لازالت فى عهدته هو وأمن الدولة ولاتزال سرا يتعين عليه إماطته والتطهر منه والاعتذار عنه)..وسبب إصرارهم على ضمه  لم يكن حبا فيه لشخصه فمثله ليس له اصدقاء كثر ولعلى اكون مخطئا ..وإنما  لأنهم بحاجة الى" رقم "أولا لضمان الاغلبية البرلمانية ..ثم انه قادر على الجدال والدفاع عن الشىء ونقيضه ويستطيع ان يشاغب مع الاخوان ويتكلم عن الامن القومى لمصر مبارك ويدلى بآراء وجيهة فى مسألة الفتنة الطائفية ..لذاكان ضروريا أن "يزوروا" له ..دون أن يدروا –بل من دون ان يعبأوا فى الواقع-انهم فى نفس الوقت يكسرون كبرياءه ويضعون على رأسه بطحة..تقلل من قيمته كمفكر عربى وككاتب مصرى .

-وكشفت حقيقته وبطحته فارهبوه ان نطق ..أوفتح فمه ..فهو نجح بالتزوير من فوق ..فكان أن عاقبه الاعلام على موافقته لهم وسكوته عن الفضيحه بل ومحاولة نفيها احيانا ب"......"و"....."والحصار اعلاميا وثقافيا ..ومع انكسارة نفسه ..فإنه بادر للانزواء وخفت صوته,,ثم نزع عن مقاله الاسبوعى بالحياة اللندنية صفته ككاتب قومى ..واكتفى ب"مصرى"!!!

-ولانعرف كيف يحدث ذلك لكاتب فجأة ..هل كانت القومية وظيفة له ثم طرد منها اواستقال ..؟وكيف يصبح المفكر القومى مصريا فقط دون أن يفسر لنا سبب تحولاته المذهبية,ويوضح لنا هل انقلب على القومية العربية..ولماذا وكيف ..الخ تساؤلات من هذا النوع (اذكر ان المرة الاخيرة التى وجهت له  مثلهامن الاستاذ"هيكل"أصابته بالذعر الشديد)..لم يجب عنها ربما لانها توجه إليه لأول مرة.

-قبل عشرين عاما ادى تهوره عند "الجامعة الامريكية" الى اخراجه من" جنة" رئاسة الجمهورية..وربما من "جحيمها"..من يدرى ربما لو استمر حتى الان لكان "مشرف" فى طرة الى جانب زكريا عزمى..ومع هذا ترك خروجه فى قلبه غصة ..لم تكن الاخيرة من آل مبارك..فقد أخرجه من لجنة مصر والعالم البرلمانية يقول إن السبب فيها يعود الى انه رفض زيارة اسرائيل..كماأدى تهوره ايضا فى حضور "الهانم"ذات يوم..الى إخراجه من المجلس القومى للمرأة .لوقوع مشادة بينه وبين أحدهم

ومع هذا ظل تابعا للنظام ورجلا من رجاله..حينما يريدون حديثاعن الطيار الجسور فى 73 ..أو عن صديق مبارك القبطى الذى كان يبيت عنده..وكانت ام صديقه تطمئن عليه وتدثره بالغطاء كماتفعل مع ابنها تماما.. كانوا يطلبونه.. وباعتبار ايضا انه صاحب احدى الدراسات المهمةعن الاقباط فى السياسة المصرية..وباعتباره محسوبا على القوميين ولأنه مندوب دائم لمصر لدى الجامعة العربية سابقا كان لابد أن يبقوا عليه..والاستفادة (ولااقول استخدامه) من مؤهلاته ..

-انه الدكتور مصطفى الفقى..الذى يثير ترشيح مصر له لخلافة عمرو موسى فى امانة الجامعة العربية قضية فكرية واخلاقية وسياسية بامتياز..فقد تظاهر ضده العشرات امام وزارة الخارجية ..وكان لحركة شباب 6 ابريل والجبهة القومية للعدالة دور فى تأجيج الاحتجاجات ضده ..والتى لن تثنى مصر عن عزمها الاستمرار فى ترشيحه..بل إن أحد أهداف جولة رئيس الوزراء لدول الخليج العربى هو ضمان تأييدها للفقى.

-الموقف ملتبس على النخبة وعلى الصحافة وعلى السياسة ..فالرجل نفسه قيمة كبيرة لكنه مختلف عليه ..ولاشك ان مواقف الفقى نفسه هى السبب ..فحينما يكتب كاتب مؤيدا ترشيحه كما فعل محمد شردى  فإن هناك من يرد عليه بقوله:مصطفى الفقى كان يرى قبل انفجار ثورة 25يناير على النحو المليونى الهادر ان مصر ليست تونس ..ومبارك ليس بن على ..وانه جرى تحول فى موقفه يوم 5 فبراير ..أى قبل التنحى بقليل..عندما استقال من الحزب الوطنى (المنحل)..طبعا مع اضافة عبارة  لقراره  بالاستقالة لم  ينس ابدا ان يحتمى بها من غائلة الايام  تقول بذعر :"مع كامل احترامى لقيادته"!!

-كان الدكتور الفقى دوما غابة من المتناقضات ..فهو صريح الى درجة التهور ..اذ يجترىء ويفشى سرا –أوخبرا-لمحمود مسلم مفاده ان رئيس مصر المقبل يجب ان توافق عليه امريكا.. ولاتعترض عليه اسرائيل..ولكنه فورا يصاب بالذعر عندما يسأل "هيكل"مجدى الجلاد عن شهادة مصطفى الفقى تللك التى تعتبر شهادة شاهد من أهلها..شهادة ملك..ويطلب إليه ان يستكمل ال"شهادة"..وال"خبر"باعتبارها خبرا ناقصا ..ويرتبك  الفقى ويحاول اتهام الصحيفة بالتحريف وإخراج الكلام عن سياقه ..ويتوتر فى التليفزيون لأن هيكل الله لايسامحه هو الذى أوقعه فى هذه البلوة ..ويعاتبه قائلا:ليه ياهيكل كده ..ده انا دفعت فاتورتك مرتين!!..ولكنه يبدو مذعورا من موقف الحزب لأنهم وعدوه أن يرسلوا له مندوب الاهرام ليأخذ منه توضيحا "لكن لحد دلوقت لم يأت ..كما انهم لم ينشروا مقالاتى الاسبوعية"!!.

-الذعر فى تجربته الحياتية والسياسية له مؤشراته ..وذات مرة هاج زكريا عزمى بسبب تصريح نشر للفقى بصفته سكرتيرا للرئيس للمعلومات وذعر الفقى وطلب من زميلهما بالرئاسة محمود صبره ألا يأتى أحد على ذكر هذه الصفة فى الاعلام الدولى ابدا..كان الرجل  دائمايخشى دنو ساعته لدى نظام لايرحم..ويخشى اللحظة التى يعلق فيها فى السقف .. وهى "بهدلة" لم ينج منها الا المحظوظون ..كان دوما يخشى من وخزه بملف هنا أو هناك من نوعية ملفات  ابو غزالة ولوسى ارتين -وابو الفتوح ودينا..وباعترافه يقول :لم يكن لدى الشجاعة لأعمل عنترخلال الفترة الماضية

..وأضاف: بصراحة كان عندى حسابات ومخاوف من التشويه الشخصى(الوفد 17 مارس 2011.)

-الدكتور الفقى حظى  بتأييد المجلس العسكرى ورئيس الوزراء وقال إن مرشد الاخوان هنأه بالترشيح ..ولكن ومع هذا لم يلق الفقى الدعم النخبوى والشعبى اللازم ..حتى وزير الخارجية نفسه أيد ترشيحه بطريقة ذكية ولافتة للنظر..قال الدكتور نبيل العربى:إن تاريخ الفقى الدبلوماسى والعلمى يجعله المرشح الانسب فى هذه المرحلة الدقيقة.."وبالإضافة لاهتمامه العلمى منذ فترة طويلة بالفكر القومى وقضايا العمل العربى المشترك ..."ومع ذكاء الكلمات إلا أن الفقى سبق أن تهور ..فبعد أن نزع عن نفسه فى مقالاته صفة الكاتب القومى نزع عن نفسه ايضا  صفة المفكر العروبى فقد نقلت عنه صحيفة عكاظ الصادرة فى 19 ابريل الماضى قوله "ان مفهوم القومية العربية والشعارات والعواطف قد ولى "لكنه قال أيضا إنه "سيسعى لإعداد مشروع متكامل لتطوير الجامعة العربية بهدف خلق شبكة مصالح مشتركة بين الدول العربية.!!

-ومع أن العمل العربى المشترك يحتاج الى من يؤمنون به وبالمصير الواحد والروابط المشتركة إلا أنه نسف رصيده فى هذا الاطار..وأعطى مسوغات عديدة لليسار المصرى وللناصريين تحديدا عدم تأييده ..كما هو الموقف من عمرو موسى الذى ناله من عبد الله السناوى نقد موجع ..لموقفه من مصر الناصرية.

لكن متناقضات الفقى  لم تمنعه محاولة الدفاع عن نفسه  ونيل شرف الفوز بالمنصب الرفيع ..والتأكيد على انه ليس من فلول النظام السابق إذ يقول:إن هناك فهما خاطئا من الاجيال الجديدة لأنهم يتصورون أن كل من عمل مع النظام السابق فهو فاسد وهذا غير صحيح"..موضحا انه فخور بعدم زيارته لاسرائيل .."وهذا موقف نفعنى لان الجزائر فى طرحها طلبت ان يكون الامين العام مصريا بشرط الا يكون قد ذهب لاسرائيل فكانت هذه نقطة لصالحى"..ويقول ايضا :انتقدت تشكيلة المجلس  (الشعب)الجديد فى اجتماع مع جمال مبارك فقال لى انت تتحدث كالمرشد العام ..لكنه –الفقى-لم يتوقف ابدا عن زلات اللسان –او المتناقضات بمعنى ادق- فقد قال فى 8 مارس الماضى:"كان امام مبارك الفرصة ليضع ختاما رائعا لحكمه "..وتمنى –فى إطار آرائه المثيرة للجدل ان يرأس مصر د. بطرس بطرس غالى!!.

..وماذا الآن ..هذا مفكرمصرى بارزودبلوماسى مخضرم ويحظى بتأييد وتقدير عربى ورفض شعبى وصمت نخبوى تجاه ترشيحه أمينا عاما للجامعه العربية مع ان مؤهلاته المذكورة تجعله أنسب مرشح مصرى..؟هل علينا الآن ان نعتذر من الأمة ..وان نقول لها إ ن أول خسائر مصر عربيا  بعد الثورةهى فقدانها لهذا المنصب الرفيع؟

هل نعتذر من قطر ونقول لها نحن لا نستحق هذا المنصب عربياوتفضلى بمرشحك .ففى الحقيقة الآن لانستطيع الدفع بمرشح جديد؟

-الحقيقة اننا  يجب ان نتعامل مع واقع مدهش ..فهذا رجل ملىء بالمتناقضات ..ونحن فى لحظة تاريخية فريدة ..فرئيسنا السابق الذى أذلنا هووأذنابه 30 عاما ..سجناه هو وأولاده وأتباعه ..وحللنا الحزب الوطنى وأسقطنا أمن الدولة وأطلقنا الاخوان والسلفيين وبدأ البلطجية يشتغلوننا بسبب جفاف الموارد ولأن فلول الحزب الوطنى لاتطلب خدماتهم بالجملة ,وتزامن ذلك مع الاحساس الشعبى بالاعتزاز المصرى بأنه "مفيش خوف تانى ومفيش قهر تانى" ولذا فإن عمالا ومدرسين وفلاحين وقناوية ومسلمين واقباطا خرجوا فى مظاهرات لم تنقطع حتى الان منها مايعترض على تعيين الكثير من المحافظين وفى هذا الاطار علينا أن نعى ونفهم سياق هذه الاحتجاجات ..وعلينا أن نفهم ايضا اننا نعالجها فى إطار غير صحيح احيانا..فلماذانختار محافظا دون ان نستمزج آراء القيادات الشعبية فى المحافظة؟..ولماذالايكون هناك تأن و..خط رجعة مع الشعب..الحل الوحيد الان هو استمزاج الاراء لإجراء مايسمى ب "التدوير" وليذهب محافظ القليوبية الجديد المحترم مكان محافظ قنا..اما مصطفى الفقى فعليه أن  يخوض معركته ..ويبرأ من ذعره وتناقضاته ..ويبرأ من ذنوب وخطايا لصقت بتاريخه الفكرى والدبلوماسى المرموق وشوهت تاريخه السياسى..وأن يصبر على الثوار فى الحوار ..ومثلما تشجع وذهب لاخوتنا فى السودان معتذرا عليه ان يجتهد للاعتذار من الشعب المصرى ومن ثواره ولو كلفه ذلك حملة إعلامية متكاملة..فأيا ماكان الأمر الآن فإن هذا "المذعور"الذى ترشحه مصر الآن هو الذى نؤيده!!