عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

احتكمنا للصندوق وعلينا قبول النتيجة

أمر طبيعى أن تأتى نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية على غير هوى البعض، فليس كل ما يريده المرء يدركه.. ولكن المسألة تتعلق بمدى قبولنا واستعدادنا للعمل بمبادئ وقواعد الديمقراطية المتعارف عليها من عدمه، فما حدث عندنا.. حدث ويحدث فى كل أنحاء العالم.. حيث يحتكم الجميع فى الانتخابات.. برلمانية.. أو رئاسية.. إلى نتائج الصندوق.. خاصة عندما تتم تلك الانتخابات بحرية ونزاهة.. وتحت إشراف قضائى كامل.

وقد يرى البعض - بمنطق الجدل ليس أكثر - أن الانتخابات لا تسفر دائماً عن الأفضل.. كما أن انتخاباتنا كانت عقب ثورة شعبية ضحى فيها الكثير من الشباب بدمائه الزكية.. شهيدا أو مصابا، ومن ثم لا يمكن أن تكون النتيجة.. إما إعادة إنتاج النظام السابق والذى ثار الشعب لإسقاطه.. أو تسليم السلطة فى البلاد لتيار معين.. أو جماعة واحدة!
ومع وجاهة هذا الرأى.. إلا أننى أعود وأؤكد أن هذه هى الديمقراطية.. ولابد من الاحتكام لقواعدها المتعارف عليها عالميا.. وإلا ما هو البديل؟.. فهل يصح أن يظل المجلس العسكرى يدير البلاد إلى أجل غير مسمى؟.. وهل يجوز أن يأتى الرئيس الجديد للبلاد يغير طريق الانتخاب الحُر المباشر؟.. بالتعيين مثلا، ومن يملك فى مصر تعيين الرئيس؟!.. وحتى إذا - فرضنا- اتفقنا على إعادة الانتخابات الرئاسية مرة أخرى.. فهل هناك ضمانة أن يأتى الرئيس الجديد على هوى الأغلبية الكاسحة من الشعب؟!
والمعنى أن لكل شىء ثمناً.. فالمريض يضطر لأن يتجرع الدواء المُر.. حتى يشفى من علته.. ويسترد كامل صحته.. ونحن قد اتفقنا بعد الثورة أن نقيم دولة المؤسسات.. وأن نحتكم جميعا للقواعد الديمقراطية.. وأن يكون القانون هو المرجعية الأخيرة للجميع.
وقد سبق وفعلنا ذلك.. فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس 2011، وكذلك فى الانتخابات البرلمانية.. وقبلنا جميعا ما أسفرت عنه نتائج التصويت وكنا نفتخر ومازلنا بما حققناه.. على الرغم من معارضة البعض للمقدمات والنتائج.. ولكن فى النهاية قبلت الأقلية رأى الأغلبية.. ورضى الجميع بما حدث.. وانتقلنا جميعا إلى الخطوة الثانية وهى الانتخابات الرئاسية والتى قد يكون شابها بعض التصرفات أو الأخطاء.. ولكنها فى رأيى.. وفى رأى كل من تابعها محليا وخارجيا.. كانت انتخابات حُرة نزيهة.. وما حدث من أخطاء لم يكن جوهريا ولا مؤثراً فى النتائج النهائية التى أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات.
وإذا كانت الانتخابات هى «مصدر» الشرعية لمن فاز فيها.. فهى أيضاً «كاشفة» عن إرادة شعبية عبّرت عن نفسها فى صندوق الانتخابات.. ثم إذا كان مرشحو الثورة قد حصلوا على حوالى 9 ملايين صوت فالمرشحان الفائزان فى الجولة الأولى حصلا على أكثر من 11 مليون صوت.
وما حدث ليس نهاية العالم.. فالجولة الأولى لم تكن سوى «محطة» فى طريق إعادة بناء مصر على أسس ديمقراطية سليمة.. وخاصة أن هناك جولة الإعادة.. فليستعمل كل منا عقله.. أو يستفتى قلبه ويراعى ضميره ويختار ما يراه الأصلح للبلاد فى تلك المرحلة الانتقالية التى لن تزيد - وبحكم القانون - على أربع سنوات.. فضلا عن المتابعة والرقابة المستمرة من قبل المجتمع بمؤسساته وأحزابه.. وجمعياته ونقاباته.. إلخ.
أى أن حكم البلاد.. وأياً كان الفائز فى جولة الإعادة لن يكون بالسلاسة أو البساطة أو حتى الديكتاتورية التى كان يحكم بها النظام السابق.. وإلا ما معنى أننا قمنا بثورة لإسقاط هذا النظام السابق!

ولكن ليس معنى أن نتقبل بصدر رحب نتائج الجولة الأولى فى الانتخابات الرئاسية.. أن نذهب لجولة الإعادة مغمضى العينين.. فأهداف الثورة معروفة ومعلنة وهى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. كما أننا نعانى مشاكل مزمنة وأخرى طارئة.. فمن يرغب فى الحصول على أصواتنا لابد أن تكون لديه القدرة على تحقيق أهداف الثورة والتصدى للمشاكل التى يعانى منها المجتمع وألا يتم ذلك من خلال وعود انتخابية وكلام مرسل وإنما من خلال برامج تفصيلية وفى توقيتات زمنية محددة.. وبتعهدات مكتوبة تصل لدرجة الوثائق التى يمكن الاحتجاج بها عند التقييم والمحاسبة.

ويرتبط بما تقدم قضية انتهاء حالة الطوارئ والجدل الدائر حولها.. خاصة أننا على وشك الدخول فى مرحلة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية وما يتطلبه ذلك من تأمين بواسطة القوات المسلحة بالتعاون مع الشرطة المدنية..
فالبعض يقول إن استمرار القوات المسلحة فى الشوارع مرتبط باستمرار حالة الطوارئ.. وإذا انتهت فلابد أن تعود تلك القوات إلى ثكناتها!
وهو كلام لا يمت للقانون بصلة.. ولا علاقة له بالسياسة.. لأنه من المعروف أن هناك تكليفاً للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد وهذا التكليف تم من الرئيس السابق وأعيد التأكيد عليه فى المادة 56 من الإعلان الدستورى لحين تسليم السلطة لرئيس

منتخب.. وإذا كان هذا الرئيس المنتخب لم يعرف اسمه فى الجولة الأولى.. وينتظر ونحن معه ما سوف تسفر عنه جولة الإعادة.. والتى ستحدد الفائز النهائى بالمنصب الرئاسى.. فهل يجوز أن تعود القوات إلى ثكناتها قبل إتمام جولة الإعادة؟!
والأمر ليس كذلك فقط.. فالإعلان الدستورى الذى وافقنا عليه جميعا.. ينص فى المادة 59 منه على أن يعلن رئيس الجمهورية - بعد أخذ رأى مجلس الوزراء - حالة الطوارئ على الوجه المبين فى القانون - قانون الطوارئ وهو مازال ساريا - ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال السبعة أيام التالية ليقرر ما يراه بشأنه.
وتنص المادة أيضاً على وجوب موافقة أغلبية مجلس الشعب على إعلان حالة الطوارئ والتى لا يجوز أن تتجاوز ستة أشهر.. مع جواز مدها بعد استفتاء الشعب على ذلك.
أى أن هناك سنداً قانونياً لاستمرار القوات المسلحة فى تأمين البلاد.. ومنها بالطبع جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، الأول هو ما ورد بصدر المادة 56 من الإعلان الدستورى.. بتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد..
والثانى إمكانية قيام رئيس المجلس العسكرى بإعلان حالة الطوارئ لمدة 6 أشهر أخرى.. وموافقة مجلس الشعب على ذلك.. وأعتقد أن مجلس الشعب لن يمانع من أجل عودة الاستقرار السياسى والأمنى فى البلاد.. وبما يمكن معه إعادة بناء مؤسسات الدولة بسهولة ويسر.

وأعتقد أن إعادة بناء مؤسسات الدولة فى سهولة ويسر وخلال 6 أشهر التى ستمتد فيها حالة الطوارئ لتحقيق الاستقرار الأمنى يتطلب سرعة الانتهاء من تشكيل الجمعية التأسيسية التى ستتولى إعداد مشروع الدستور الجديد.. والتى حدد لها الإعلان الدستورى ستة أشهر أيضاً - من تاريخ تشكيلها - للانتهاء من عملها وعرض مشروع الدستور للاستفتاء على الشعب.
ولكن لا أفهم ومعى كثيرون لماذا التباطؤ فى انتخاب أعضاء هذه الجمعية من قبل أعضاء مجلس الشعب والشورى فى اجتماع مشترك.
لقد استغرقت اللجنة التشريعية بمجلس الشعب وقتا طويلا وكنا نظنها - بعد ما عقدته من جلسات استماع مطولة - سوف تنتهى لمعايير محددة تحظى بتوافق أغلبية القوى السياسية على تشكيل تلك الجمعية.
ولكنها فاجأتنا بمشروع قانون من 12 مادة عبارة عن «توجيهات» أو كما يقول المثل العربى «فسرت الماء.. بالماء»!، فالمادة الأولى تنص على قيام الأعضاء المنتخبين بمجلسى الشعب والشورى بانتخاب مائة عضو لإعداد مشروع دستور جديد.
وكذلك المادة الثانية والثالثة، بأن يراعى فى تشكيل الجمعية - قدر الإمكان - تمثيل جميع أطياف المجتمع.
وهكذا بقية المواد.. بأن على الجهات والمؤسسات أن ترشح من يمثلها.. وأن يدعو رئيس مجلس الشعب لاجتماع مشترك لتشكيل الجمعية.. التى عليها بعد ذلك انتخاب رئيس لها ومعه نائبان، وأمانة عامة وأخرى فنية وأن تستعين بمن تراه ضرورياً فى عملها، وعلى أجهزة الدولة معاونتها فى ذلك.. وأن الجمعية سيدة قرارها.. وتتمتع بالشخصية الاعتبارية ويكون لها موازنة مستقلة.
«كلام جميل وكلام معقول مقدرش أقول حاجة عنه».. ولكن متى يتم انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية..؟! أى متى سيكون لدينا دستور جديد يحظى بموافقة الشعب بعد الاستفتاء العام عليه؟!