رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة بين صمت الغالبية.. وثرثرة النخبة؟

واحدة من غرائب الحياة المصرية فيما بعد ثورة 25 يناير هى إستمرارية حالة الإنفصام بين "النخبة" و"الأغلبية الصامتة" من الشعب.. فكلاهما يبدو وإنه يحيا على وطن آخر.. كلا منهما فى واد ولا وجود لأى جسر من التواصل بينهما،

ذلك رغم مختلف الوسائط الإعلامية والمؤسسات السياسية والإجتماعية، التى من المفترض إنها تعمل وتقوم على لعب مثل هذا الدور، إلا أن جميعها يعمل وفق رؤيته وإستراتيجيته وسياسته الخاصة، التى لم ولن تصل يوما إلى الطبقة القاعدية من عموم الشعب، وهو سر تفوق جماعة بعينها لازالت تتقدم وحدها تأخذ من النخبة ما تريد وتحشد الاغلبية نحو ما تريد.

هذا الواقع هو ما أكدت وأشارت إليه العديد من الأحداث مؤخرا، خاصة مشهد الإستفتاء على التعديلات الدستورية، والذى رفعت فيه النخبة العنوان (لا)، ذلك فيما ذهبت الغالبية للتصويت ب (نعم)!، أيضا ذهاب النخبة إلى ضرورة إلغاء حظر التجوال الذى وجدوه بلا قيمة وإحدى صور إستمرار عصر "المخلوع"، ذلك فيما رفض قطاع عريض من عموم الشعب إلغاؤه حتى إستقرار الحالة الأمنية للبلاد، وهو نفسه المشهد اليوم الذى تنشغل فيه النخبة بالإنتخابات بينما يبحث المواطن البسيط عن الأمن والإستقرار، من ثم لا يبدى رفضه فى العودة للعمل بقانون الطوارىء إذا كان هذا هو ما سوف يعيد له أمنه المفتقد، بل وربما ولذات السبب نفسه نرى من لا يبدى أى ممانعة فى عودة "المخلوع" إلى قصره من جديد.. ليس عشقا أو حبا له، لكن كونه رمزا للأمن بالنسبة لهم.

وهنا تطرح النخبة السؤال: وهل كان أيا من الأمن أو الإستقرار عنوانا لفترة حكم "المخلوع"؟!، والإجابة بالقطع هى لا، لكن الأمن والإستقرار عند المواطن البسيط لا علاقة له بالطوارىء أو غيره، بل هو المتمثل فى روتين حياته اليومية.. الروتين الذى إعتاد عليه وشكل ملامح حياته وفقا له، حتى وإن لم يرضى عنه، لكنه أعتاده، من ثم فأى تغيير فيه هو بمثابة شرخ يهدد إستقرار وأمن نظام حياته المعتاده. لقد اعتاد المواطن البسيط النموذج الكارزمى للنظام، ذلك منذ قيام الجمهورية فى 18 يونيه 1953، حيث "الزعيم الملهم" هو مصدر شرعية السلطة فيه، و"الديمقراطية الوصائية" هى العنوان الذى يحمله النظام

وتقدمه مؤسساته للشعب، حيث سلطة تنفيذية مهيمنة, وأحزاب محدودة النشاط, كذا شخص أو مجموعة أشخاص يسيطرون على الحزب الحاكم والدولة عن طريق الجمع بين رئاسة الحزب ورئاسة الدولة, لاسيما فى ظل برلمان دوره محدود بفعل سيطرة الحزب وتحجيم المعارضة.

إعتاد المواطن البسيط البيروقراطية التى لازالت تمارسها حكومة د.شرف.. إعتاد الفقر وضيق الحال.. زحام المواصلات وقمامة الشوارع.. دخله البسيط وإرتفاع الأسعار.. إعتاد الصمت فى فى ظل أوضاع وظروف لم تسمح يوما بخلق مؤسسات ديمقراطية حقيقية تلتفت إليه, من ثم إعتاد اللامبالاة السياسية والعزوف عن المشاركة السياسية، حيث إنحصار الرؤى للمستقبل فى ظل غيوم الحاضر، الذى أخترقه شعاع نور ثورة 25يناير، ليشكل دائرة واحده من الجموع تقف جميعها على قلب رجل واحد، تلك التى سرعان ما فرقتها عدوى الإنفصام من جديد، حيث عودة كل فريق إلى ممارسة عادته القديمة، من ثم صمت الغالبية وثرثرة النخبة، والنتيجة هى إنقسام الوطن مجددا وإنفراد مجموعة بعينها بعربة القيادة، لتقود الأحداث نحو ما تريد، وهو ما بات كفيلا لدعوة النخبة مجددا إلى الإنتباه والمراجعة، من ثم ضرورة الخروج إلى الشارع.. إلى خارج أبواب إجتماعاتها المغلفة بالسرية، ذلك من أجل إستيعاب وفهم رسائل الأغلبية، التى وجهتها من خلال الأحداث المختلفة، ذلك مادمنا جميعا نأمل فى مستقبل أفضل لهذا الوطن، الذى أصبح  فى حاجة ماسة إلى إستكمال ثورة تغييره الشاملة.. لا التوقف أمام "فورة" إصلاح جزئى مبهمة المعنى والملامح والأهداف.