رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الأقباط والثورة المصرية

أستطيع تلخيص مطالب الأقباط في ثلاث نقاط أساسية: المساواة الكاملة بين أبناء الوطن الواحد وحرية بناء كنائسهم وتوفير الأمن والأمان لهم حيث تكررت حوادث الفتنة الطائفية بطريقة ملفتة للنظر في السنوات الأخيرة وهذا أمر مرفوض ولا يمكن السكوت عليه.

وإذا سألتني ما المقصود بالمساواة قلت لحضرتك: إنها تعني شغل المناصب العليا بالذات.. وغير معقول أن يكون هناك واحد مسيحي فقط بين كل المحافظين في مصر، وهذا أمر تراه أيضاً بالجامعات، فالغالبية العظمي من المسئولين عنها هم من المسلمين فقط، والقيادات العليا بالدولة تقتصر عليهم خاصة ما يسمي بالجهات السيادية! أما عن الترشيح في الانتخابات فحدث ولا حرج، ونادراً ما تجد قبطياً منتخباً بالبرلمان، وحجة القوي السياسية في عدم ترشيحه أن نجاحه علي كف عفريت وغير مضمون أبداً لأنه مسيحي!!

وإذا انتقلنا إلي بناء الكنائس تجد مفاجأة، حيث إن مجرد تجديدها يحتاج إلي إذن من السلطات، فما بالك بالسماح بدور عبادة جديدة للمسيحيين في مصر الإسلامية!! فهذا أمر غاية في الصعوبة مع أن الشريعة الإسلامية تسمح لهم بذلك طالما أن الأمر يتعلق بالفعل بعبادة ربنا.. يعني الأقباط في مكان ما يحتاجون إلي كنيسة تضمهم، وعيب في هذه الحالة »الطناش« عليهم! أو القول إن هناك كنيسة بعيدة في الحي المجاور عليهم الصلاة فيها وممنوع بناء واحدة جديدة!

ومن المؤسف جداً أن عدداً لا يستهان به من الأقباط وعلي رأسهم قياداتهم راهنوا علي الحاكم المخلوع في حمايتهم وتحقيق مطالبهم وباركوا التوريث، وكانوا من أنصار أن يخلف جمال مبارك والده في حكم مصر، وتحويل مصر من جمهورية إلي ملكية باسم الشعب!! وعندما قامت ثورتنا العظيمة لم يتحمسوا لها ونظروا إليها بريبة خوفاً من أن يكون وراءها الإخوان! وكنت دوماً أنتقد هذا الموقف وبقوة قائلاً: إن المساواة التي يطالب بها الأقباط مستحيل أن تتحقق في ظل حكم بوليسي مستبد، ولن تري النور إلا بعد قيام ديمقراطية حقيقية ونظام يطلق الحريات العامة وأما الرهان علي حاكم ديكتاتور وولده فهو خاسر بكل المقاييس!!

والحمد لله إن ما كنت أحلم به تحقق، ورأينا علي أرض مصر

ما يشبه المعجزة.. انتفاضة شعبية رائعة نجحت في إسقاط مبارك وحكمه، وأشهد أنني رأيت في أثناء الثورة أقباطاً رفضوا توجيهات الكنيسة وشاركوا في اعتصام التحرير وكانوا يحملون صلبانهم قائلين: نحن مصريون أولاً ثم أقباط بعد ذلك! عكس الهتاف الذي تردد فيما بعد ولقي استنكار الجميع: ارفع رأسك فوق أنت قبطي بدلاً من أنت مصري!!

وهناك حالياً فرصة ذهبية للأقباط لتحقيق كل ما يحلمون به في ظل حكم جديد قوامه نظام حر بحيث تعود من جديد أمجاد شركاء الوطن قبل ثورة سنة 1952 حيث كانوا منذ ثورة 1919 يعيشون عصراً رائعاً فيه مساواة كاملة وتبوأوا المناصب الكبري برغم ما شاب هذا العهد من فساد أدي إلي ثورة في النهاية، إلا أن مكانة الأقباط في العصر الملكي لم تتكرر بعد ذلك أبداً.

والنظام الجديد أثبت فاعلية في مواجهة فتنة طائفية نشبت في إحدي قري حلوان بسبب قصة حب فاشلة قاتلة بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة وأدت الحوادث التي وقعت إلي هدم كنيسة علي رؤوس أهلها!! وقررت القوات المسلحة التي تحرس مصر إعادة بنائها في ذات مكانها، ولم تلجأ في ذلك إلي استخدام القوة أو الأمن المركزي الذي ولي وراح، بل تم ذلك كله بالحوار والإقناع مع كل الأطراف، يعني طريقة ديمقراطية تماماً، وهذا ما يميز عصر الحريات عن الاستبداد السياسي الذي ظل جاثماً علي أنفاسنا سنوات طوال.

[email protected]