رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التعليم الحكومي‮.. ‬في‮ ‬الطريق للخصخصة‮!‬

 

منذ توليه وزارة التربية والتعليم انتهج الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم سياسة الزيارات المفاجئة والإجراءات العقابية مثل الجزاءات والنقل التعسفي لمدرسي ومديري المدارس العامة، وقد أثارت تلك السياسة جدلاً كبيراً بين خبراء التعليم والتربية، البعض أيدها والبعض الآخر رفضها، ويبقي السؤال مستمراً: هل نجحت الزيارات المفاجئة والإجراءات العقابية في تصوير التعليم أو علي الأقل وقف تدهوره.. كيف ينظر الخبراء إلي هذا الأسلوب؟

هذا ما حاولت »الوفد« نقاشه مع بعض المعنيين بشأن التعليم، منهم من يري أن أسلوب الدكتور زكي ضروري رغم عنفه، ويساعد علي إعادة الانضباط للمدارس، ومنهم من يري تلك السياسة غير مجدية، وتخلو من أية دبلوماسية، وهي الصفة التي يجب أن يتحلي بها أي رجل سياسي خاصة الوزراء.

رجب منصور، موجه بإحدي إدارات دمنهور التعليمية، قال: إننا بحاجة ماسة لسياسة الدكتور زكي بدر وزير التربية والتعليم، لإعادة الانضباط داخل المدارس، بعد أن أصبح بعضها بؤراً للفساد وأماكن لبيع المخدرات، واستبدل علي ذلك بحادث ذبح طالب في الإسكندرية علي يد زملائه في المدرسة وبعض وقائع بيع المخدرات داخل إحدي المدارس القومية.

وأكد أن نسبة الفساد في المدارس، تصل إلي معدلات كبيرة، وتحتاج قليلاً من الحزم كبداية لإصلاح التعليم، ولو بنسبة 10٪ بزيادة عدد الحضور لكل من الطلاب والمدرسين، وتقليل نسبة التسرب من التعليم التي تحدث بمعرفة المديرين والمدرسين دون اتخاذ أي إجراء منهم لصالح التلاميذ.

وأضاف أنه لا يمكن لأحد إنكار حركة التطهير الأخيرة التي قام بها الوزير للمدارس القومية، وتحويله لبعض المسئولين إلي النيابة بتهمة الفساد المالي، وهذه واقعة تعد الأولي من نوعها علي مستوي وزراء التربية والتعليم، منذ تولي الحزب الوطني الحكم.

فقد تم حل مجلس إدارة مدرسة النصر القومية للبنات بمنطقة الشاطبي بالإسكندرية، نظراً لوجود ومخالفات مالية، وتحصيل مبالغ من أولياء الأمور بدون وجه حق، وبسبب هذه المخالفات تم تحويل رئيس مجلس إدارة مدرسة النصر القومية إلي النيابة العامة.

وقبل هذه الواقعة بحوالي 3 شهور، تم حل مجلس إدارة مدرسة محمد كريم القومية بالإسكندرية بسبب مخالفات مالية.

وعلي غرار هذه الوقائع تم أيضاً تحويل رئيس مجلس إدارة مدرسة جمال عبدالناصر القومية إلي النيابة العامة بتهمة الفساد.

 

أسوأ سياسة

في الوقت الذي أفرط فيه البعض في الإطراء علي سياسة وزير التربية والتعليم الحالي، أكد أشرف حفني، عضو هيئة نقابة المعلمين المستقلين رفضه لهذه السياسة واعتبرها أسوأ سياسة تعليمية علي الإطلاق، فهي تهدف بالدرجة الأولي إلي سلب حق التعليم من المواطن وحقوق المدرسين المالية، وخير دليل علي ذلك عدم تجديد العقود المميزة للمعلمين، وتسخير قانون الجودة لغلق المدارس وخصخصتها لأن لجنة تقييم المدارس التي ينص عليها قانون الجودة الذي سيطبق قريباً يتم وضعها وتشكيلها من الوزارة لإسقاط أكبر عدد من المدارس بحجة أنها غير مطابقة لمواصفات الجودة وكان الأحري بالوزير أن يطور هذه المدارس، ويوفر لها الإمكانيات ويزيد دخول المدرسين، حتي تكون مطابقة للمواصفات بدلاً من إغلاقها.

وأعتقد أن هناك مؤامرة مبيتة لخصخصة التعليم، بدلاً من التطوير وإلا فكيف يضعني الوزير ولجان الجودة التابعة له، في ميزان تقييمي واحد مع المدارس الإنترناشونال التي تمول سنوياً بمبالغ كبيرة مع العلم بأن المدارس العامة فقيرة في كل شيء ومن يعملون فيها يعيشون تحت خط الفقر، علي مرأي ومسمع من الوزير، وغيره من مسئولي الدولة.

أما ثاني دليل علي فشل سياسة زكي بدر، فهو قراره بمنع الكتاب الخارجي، وكان يجدر به أن يطور الكتاب المدرسي أولاً قبل إلغاء الكتاب الخارجي.

وبالنسبة للكتب الخارجية، فقد أراد الوزير الحالي تغييرها بشكل شرعي، مع العلم بأنه في حالة موافقة أصحاب الكتب الخارجية علي دفع النسبة المقررة لوزارة التربية والتعليم، فيكون قد حصلوا علي تصريح قانوني بصلاحية الكتاب الخارجي، وحق رفع سعره كما يرغبون، لأنه بالفعل أفضل من الكتاب المدرسي، وهذا ما حدث بالضبط عندما تم تقنين مجموعات التقوية، وتحولت تدريجياً إلي دروس خصوصية في المدارس، والخلاصة: أن حال التعليم في مصر بسياسته الحالية تراجع. وأذكر أنه في القرن التاسع عشر كان هناك تعليم مواز في المنازل، فلم تكن المدارس حينها، ذات فاعلية أو أهمية تذكر، كما هو حالها اليوم، فقد انتشر التعليم الخاص في المدارس الخاصة، والدروس الخصوصية والكتب الخاصة.

أما سياسة وزير التربية والتعليم الدكتور زكي بدر تجاه المدرسين، فقد اتجهت - كما أكد أشرف حنفي - إلي الأسوأ في ظل قانون الكادر الجديد، الذي طالما طالب به المدرسون لرفع مستوي معيشتهم للحد الأدني، إلا أن بصمة الوزير زكي بدر في قانون الكادر، كانت واضحة، عندما ألغي الدرجات المالية والنوعية التي يضمها القانون رقم 47 للمدرسين.

وفي الكادر الجديد تم إلغاء الدرجات دون وضع بدائل قانونية تضمن حقوق المدرسين.. »يعني أعطاهم باليمين وأخذ منهم بالشمال« وقسم المعلمين إلي 6 مستويات، أوله معلم مساعد وآخرها معلم كبير، وترك لنفسه حرية تحديد ما يتقاضاه كل مستوي ليصبح المعلم مجرد أجير ورقبته في يد صاحب العمل، وبالطبع الوزير دون منافس، علماً بأن زيادات الكادر لا تحسب في المعاش، وأري أن كل هذا مقصود لإفشال المدرسين في تأدية مهامهم وإيجاد سبب لخصخصة التعليم كغيره من القطاعات، وعلامات الشروع في خصخصة التعليم واضحة فيما تم إنشاؤه من أدوات الخصخصة

مثل: أكاديمية المعلم، وهيئة اعتماد الجودة.

والسؤال هنا: ما الفائدة من إنشاء أكاديمية للمعلم، مع أنه هناك 27 أكاديمية للمعلمين، وهي كليات التربية.. ولماذا لا يستخدمها الوزير في اختبارات الكادر؟

أما هيئة الاعتماد والجودة فهي وسيلة لتسريح المدرسين، بحجة عدم الصلاحية، وهذا هو المخطط الحقيقي.

أما زيارات الوزير المفاجئة للمدارس وتعامله مع مديريها ومدرسيها فهي مجرد »شو إعلامي« لإلهاء الرأي العام عن المؤامرة الحقيقية، وهي خصخصة التعليم، وطرد المدرسين خارج العملية التعليمية.

 

رؤية أحادية

أيمن البيلي، عضو مكتب التعليم بحزب التجمع، ومدرس رياضيات، قال: إن سياسة الوزير زكي بدر تعبر عن رؤية أحادية تخالف كل من سبقه من وزراء التعليم، فهي أقرب للقسوة، وفرض الرأي وممارسة السلطة بشتي السياسات الديكتاتورية.

والحقيقة أن الوزير تعود علي محاسبة الآخرين، ولا يستطيع أن يحاسب نفسه، والأجدر به أن يسأل نفسه: لماذا لم تصل المناهج التعليمية إلي المدارس الإعدادية حتي الآن؟! ولماذا يعزز انتماء طلاب الإعدادية نحو الحزب الوطني، وهو مجرد حزب سيترك الحكم عاجلاً أم آجلاً؟

وأضاف أن معظم قرارات الوزير غير مدروسة، وأولها قراره في امتحانات الثانوية العامة الماضية، التي منع فيها دخول أي مدرس مستشفي عام للعلاج، فتسبب هذا القرار في مأساة حقيقية، وهي موت 7 من مدرسي المدارس العامة علي أبواب المستشفيات الحكومية التي رفضت استقبالهم، تنفيذاً لقرار الوزير.

أما فيما يخص الكادر الخاص، فهو مثال المهزلة، حيث أخذ منا الدرجات المالية جميعها، ولم يضف أية زيادات علي المرتب الأساسي، وبالتالي عدم إضافتها علي المعاش، كما ألغيت عقود خريجي كليات التربية، وزاد الضغط علي المدرسين المعينين بغرض »تطفيشهم« وخروجهم معاشا مبكرا، كل هذا يخدم مخططاً واحداً هو خصخصة التعليم، ورفع يد الدولة عن تقديم خدمة التعليم إلي الغالبية العظمي من أبناء الشعب لتخفيض الإنفاق الحكومي علي التعليم العام والمدارس الحكومية، رغم أنها في الحقيقة لا تنفق عليه شيئاً يذكر، بالمقارنة بالدول المتقدمة التي تقدر التعليم، وتؤمن بأنه حق للجميع وضروي لاختفاء الفوارق الطبقية والأمراض المجتمعية.

 

وزارة فاشلة

حسن أحمد، مدرس بالفيوم، وعضو نقابة المعلمين المستقلة قال: إن الدكتور زكي بدر وزير التربية والتعليم جار علي وزارة فاشلة بالفعل، ولا يمكن تقييمها في عهده فقط أو تحميله كل مسئوليات الفشل والفساد فيها، ومع ذلك لا أستطيع أن أنكر أن سياسة الوزير تحمل رؤية أمنية، وفيها كثير من التخبط، فمثلاً إذا استوعبنا ما وراء زياراته المفاجئة للمدارس وإجراءاته العقابية التي ينفذها ضد العاملين فيها.. فكيف تستوعب تراجعه عن الجزاءات وقرارات النقل التعسفي التي اتخذها لمجرد تدخل عضو مجلس شعب بحلوان؟ كما أنني في غاية العجب من قراره بشأن الكتاب الخارجي.. فلأول مرة أسمع عن وزارة ترتزق من الكتب الخارجية.

أما عن الأبنية التعليمية وتطويرها المزعومة، فهو يحمل في طياته فسادا كبيراً، فمثلاً هناك مدارس حديثة جداً، بنيت علي طراز حديث، ومع ذلك بحجة التطوير تهدمت مبانيها الجديدة في إهدار للمال العام ويتم إنشاء أبنية جديدة مثل مدرسة المهندس محمد رضا للتعليم الأساسي بالفيوم، وفي المقابل هناك مدارس آيلة للسقوط منذ زلزال 1992 لا يتم إعادة بنائها، ولا حتي ترميمها مثل مدرسة الزراعة الثانوية بالفيوم، هذا بجانب فضيحة قانون الكادر، الذي ألغي لنا الدرجات والوظائف النوعية، مثل الناظر والوكيل وكل الوظائف الإشرافية علي العملية التعليمية مثل مدير المراحل، وذلك بالطبع يؤثر بالسلب علي القائمين بالتعليم، خاصة المدرسين، لذا فيمكننا أن نقول: إن كل العلامات التي تشير إليها سياسة الوزير تؤكد أننا في اتجاه الخصخصة.