رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"شيكاغو-مصر".. آذان الفجر يرفع لأول مرة في أمريكا من المصريين قبل 128 عامًا

زوار الشارع المصري
زوار الشارع المصري في معرض شيكاغو

تأثر مصر ودورها الريادي بارزًا في كل العصور والأزمنة، وذلك ليس لموقعها الجغرافي ومكانتها في إفريقيا وحسب، بل لإرادة وعزيمة شعبها المميز منذ بداية الخلق، فهم دائما يستطيعون التأثير والظهور البطولي في أي مكان يتواجدون فيه، وهذا ما حدث عندما ذهبت بعثة مصرية من الفقراء لأول مرة في التاريخ لشيكاغو عام 1893.

 

في بداية شهر مارس عام 1893، كانت ترسو باخرة على أحد شواطئ مدينة الإسكندرية، في انتظار صعود حوالي مائتي مصري ما بين الرجال والنساء والأطفال، بالإضافة لمجموعة من الجمال والحمير وأدوات مستخدمة في تنظيم الموالد وموكب كسوة الكعبة، بخلاف تصميمات لبناء مسجد ومنازل على الطراز الإسلامي، للإبحار حتى مدينة شيكاغو الأمريكية.

 

شيكاغو-مصر

بدأت القصة الاستثنائية، عندما تم الإعلان عن إقامة معرض عالمي في شيكاغو، يضم مجموعة من الدول الأوروبية والإفريقية والعربية، بمناسبة مرور 400 عام على اكتشاف كريستوفر كولومبس لأمريكا، ولتحسين صورة أمريكا التي كانت متشوه في هذه الفترة، وللنهوض بالاقتصاد بعد كارثة حريق معظم مباني المدينة في عام 1871.

 

عندما سمع جورج بنجالو يوناني إنجليزي كان يعمل مديرًا للبنك الأنجلو المصري في القاهرة، بأمر المعرض، قرر أن يشارك فيه ويعرض الحياة المصرية بكافة تفاصيلها، وذلك بهدف تعريف العالم بمصر وتصحيح فكرة العالم عنها وعن والمصريين.

جورج بنجالو صاحب فكرة الجناح المصري

تنفيذ الشارع المصري في معرض شيكاغو

وبالفعل أخذ بنجالو في تنفيذ الإجراءات اللازمة للمشاركة في المعرض الكولومبي العالمي، باسم "شوارع القاهرة"، وعندما عرض الفكرة على الخديوي عباس، تحمس جدًا ووافق على الفكرة بعدما شاهد التصميمات التي سوف تعرض في المعرض للشارع المصري وحياة المصريين.

 

للمزيد من موضوعات قسم كان زمان.. اضغط هنا

 

كان تصميم "شوارع مصر" الذي نقل إلى شيكاغو، يعد جناح موازي لربع مساحة مدينة القاهرة التاريخية، مع إبراز الجمال المعماري لها، حيث تم الاستعادة بالمعماري النمساوي "إدوارد ماتاسيك" الذي وضع مخططًا لشارع قاهري يبلغ طوله قرابة 180 مترًا، ولإضفاء الواقعية على تصميم الشارع، قرر أن يكون مقسم إلى شوارع يصل عرضه في أقصى حالاته إلى 44 مترًا.

 

شيكاغو-مصر

ضم الشارع المصري الذي نقل إلى شيكاغو الأمريكية، مبني يتميز بالطراز العربي الإسلامي، ومجموعة من المنازل والمتاجر والمقاهي ونافورة مياه ومسرح وكُتاب ومدرسة وضريج، بالإضافة إلى مبنى نسخة من قصر جمال الدين الذهبي وهو واحد من أشهر المباني التي أقيمت في العصر العثماني، وكان يتميز بتأثيثه بقطع فاخرة ومُبهرة، فضلًا عن المسجد الذي كان الأبرز في البعثة المصرية، حيث كان نسخة من مسجد قايتباي، بمئذنة مطابقة لمسجد أبو بكر مزهر.

 

ولكن لم يكن الشارع القاهري ليكتمل دون معبد مصري يمثل المرحلة المبكرة من

تاريخ المصريين والأشهر بالنسبة إلى سكان أمريكا، مما أدى إلى تخصيص مكانا في نهاية الغربية للشارع لبناء معبد أطلق عليه اسم "معبد الأقصر".

 

بعد وصول المصريون إلى معرض شيكاغو، تم بناء الشارع وتركيب كافة المباني والمحلات وغيره، حتى تحول إلى شكل شارع حقيقي، خاصة أنه كان مسكون بالمصريين الحقيقين، فكانت هناك أسر فعلية ذاهبة مع البحث ليسكنوا هذه المباني ويقاموا بالتجارة والصناعة وبيع المنتجات، حتى يشعر زائرين المعرض وكأنهم في مصر تمامًا.

 

شيكاغو-مصر

وبالفعل تم افتتاح الشارع الذي احتوى على قرابة 50 متجرًا وورشة، كانت أغلبها متاجر ضيقة للغاية لا تزيد عن 6×6 قدم، ما كان يدفع البائعين لوضع بضائعهم خارج المحل لكي يراها المشتري، كما كانوا يقومون بتصنيع بضائعهم أمام المارة لجذبهم، وكانت تضم هذه المتاجر: نساجون، صانعو نعال، صانعو خيام، صانعو الطرابيش، صانعو الحلويات، صانعو المجوهرات، صانعو الخزف، صانعو النحاس، صانعو الملابس، بائعو المحار والصدف، بائعو العطور، وغيرها من الحرف.

 

وسرعان ما دربهم بنجالو على تنفيذ عروضهم والعيش بتلقائية في الشارع، حيث اتفقوا على طرق تنظيم حفلات الزفاف الوهمية الصاخبة ومحاكاة احتفالات المناسبات الدينية كما يحدث في الشوارع المصرية الطبيعية، مثل المولد النبوي وخروج كسوة الكعبة ومواليد الأولياء المسلمين والقديسين المسيحيين.

 

شيكاغو-مصر

كما كان للمسجد دورًا محوريًا في واقعية الأحداث داخل المعرض، حيث أصبح معروفًا للغاية في أمريكا بأكملها وليس في شيكاغو فقط، لأن المسلمين المشاركين في المعرض، كانوا يحرصون على أداء الصلوات الخمس في المسجد يوميًا ويتم رفع الأذان في موعده حتى آذان الفجر، وكان هذا أغرب طقس ديني يشاهده زوار المعرض من كل مكان حول العالم والأمريكان أيضا، وكان جذابًا للغاية بالنسبة لهم.