رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعرف على قصة مملكة فارسكور وثورة 1919

 مملكة فارسكور وثورة
مملكة فارسكور وثورة 1919

فارسكور أحد المراكز الكبرى وثاني أقدم وأكبر مركز من حيث عدد القرى التابعة في محافظة دمياط، وهي مدينة من مدن التاريخ المصري القديم؛ حيث تتواجد بها بعض المعالم الأثرية، منها جامع الحديدي، وهو من أقدم المساجد في مصر.

وكانت فارسكور تتبع محافظة الدقهلية قبل ثورة 1952، أما الآن فتتبع محافظة دمياط  حيث  يحتفل أبناء فارسكور  بذكرى ثورة 1919 في 9 مارس من كل عام، ففي 9 مارس 1919 اندلعت المظاهرات في كل أنحاء مصر، احتجاجا على ما جرى في 8 مارس، وهو اعتقال أربعة من قادة الوفد المصري ونفيهم إلى مالطة كان الأحد 9 مارس سنة 1919 يوما ليس عاديا في مصر، استيقظ المئات من أبناء دمياط على صوت صياح في الشارع، بعضهم قرر النظر من النافذة ليفهم ما الذي يحدث، والبعض الآخر كان يدرك كل شيء وبمجرد سماع الضجيج قرر النزول من بيته ليشارك في أول انتفاضة شعبية سلمية يقوم بها الشعب المصري في تاريخه.

وبدأت القصة عندما وعدت بريطانيا مصر بنيل استقلالها من الاحتلال البريطاني بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى التي اندلعت في 1914 وانتهت في 1918 وبعد دعم مصر لبريطانيا في الحرب لم تفِ بريطانيا بوعودها وتطلّعت الرموز الوطنية في مصر لحضور مؤتمر الصلح في باريس ليعرضوا قضية استقلال مصر وعلى هذا اتجهت مجموعة من زعماء الحركة الوطنية في مصر إلى المندوب السامي البريطاني  السير وينجت وكان الزعيم سعد زغلول على رأسهم يطلبون منه السماح لهم بالسفر لباريس وتمثيل مصر فيه لطرح قضية الاستقلال، غير أن السير وينجت وبعد أن استمع إليهم في جلسة طويلة لم يسمح لهم بالسفر متعللا بسؤال استنكاري وهو بأي حق فوض هؤلاء لأنفسهم التحدث باسم المصريين  وهنا  قام سعد زغلول وزملاؤه في الوفد بجمع التوكيلات من عموم الشعب لتفويضهم للتحدث باسم المصريين وطبع الوفد آلاف التوكيلات ووزعها في كل أقاليم مصر للحصول على توقيع المصريين عليها، ونجحت حملة التوقيعات، وأمام نجاح الحملة اضطرت القوات البريطانية إلى القبض على سعد وأصحابه، وتم إرسالهم إلى بورسعيد في 8 مارس 1919، ومن هناك تم نقلهم في إحدى السفن الحربية إلى مالطة وكانت هذه شرارة الثورة في اليوم التالي في 9مارس 1919 وقد بدأها طلبة الجامعة ثم طلبة الأزهر. واكتظت مصر بالمظاهرات التي شارك فيها كل طوائف الشعب من عمال وفلاحين وتجار وغيرهم، وشاركت النساء في المظاهرات لأول مرة، وكانت ثورة 1919 قد اندلعت بعدما ظن كثيرون في الخارج أن روح الثورة قد خبت في عروق المصريين، وتبدأ مملكة فارسكور قصتها عقب نفي سعد زغلول في مارس 1919، حيث اندلعت الثورة في كل مكان تنادي بالإفراج عن سعد زغلول ورفاقه وباستقلال مصرو هنا  انفصلت مدينة فارسكور عن التاج الملكي المصري خلال حكم السلطان فؤاد لمصر والذى تحول لقبه لملك بمقتضى تصريح 28 فبراير لمصر في مارس 1919 و أعلنت  فارسكور  مملكة مستقلة و توج  حافظ دنيا ملكًا عليها والتف أهالي فارسكور ودمياط حول حافظ  دنيا ووقفوا بجانبه ضد الانجليز ونادوا به حاكما على شمال الدلتا، فاستولى على المركز والأسلحة وقطار محمل بالذخائر والمواد الغذائية للإنجليز و استطاع ملك فارسكور المتوج بحكمة كبيرة أن يدير شؤون مملكته و يشكل مجلسا وزاريا يشمل وزارة الداخلية و الحربية كما أنشأ وزارة اسمها  قطع المواصلات و الطرق ، واصبح  حافظ دنيا  ذائع الصيت وبلغت قوته عندما اعتقل مأمور مديرية دمياط 80 رجلا، هددهم بأنه سوف يمنع المياه التي تأتي من ترعة الشرقاوية، فاضطر المأمور للإفراج عنهم وبالفعل  نصب  ملكا على دمياط، وعين ٢٦ وزيرا، وكانت آثار ثورته هذه أشد تأثيرا وأهمية من جمهورية زفتى، وعندما قامت ثورة ١٩١٩.

كان لحافظ دنيا دور كبير فى محيط فارسكور والمناطق المجاورة، وكان هدفه محاربة المستعمر والتصدى له، فكون فى بداية الأمر خلية صغيرة تشكلت منه ومن بعض أقرانه الوطنيين، الذين يثق فيهم، وكان هدف الخلية مقاومة الاحتلال البريطانى بجميع صور القتال، ولقيت هذه الخلية قبولا طيبا من فئات كثيرة من أبناء الإقليم، فالتفوا حول حافظ دنيا يؤيدونه فى قيادته لمناهضة الإنجليز واعوانهم، وكانت شرارة العمل المسلح بمهاجمة المجموعة لمركز شرطة فارسكور، واستولوا عليه، بما فيه من أسلحة وطردوا المأمور وأعلنوا العصيان وكان اللافت بعد هذه الحادثة هو انضمام الكثير من العساكر إلى هذه الحركة، التى لاقت التأييد الواسع  وامتد صداها حتى وصل مشارف المنصورة والمناطق المحيطة بها، وبالطبع كان امتدادها أكثر فى دمياط عاصمة المديرية آنذاك، واتخذت الحركة هيئة الثورة ضد الإنجليز  حيث تجمعوا الاهالي خلف حافظ دنيا

واستولوا علي المصالح الحكومية  بفارسكور وقاموا بقطع الطرق علي الانجليز وحراسة مداخل النيل واستمر هذا الاستقلال قرابة 4 اشهر حتي استطاع الانجليز الاستلاء علي فارسكور وتم القبض علي حافظ دنيا في حادث فريد  لشعب حر أبي  كريم  يحب الحرية ويشتاق لها و انتهى الأمر بأن ارشد عنه زوج شقيقته فوقع فى قبضة الانجليز وعندما احاطت دبابات الانجليز بمنزله رفض أن يقبض عليه ضابط برتبة بسيطة، ولكنه طلب أن يأتي إليه القائد الإنجليزي، واقتيد إلى المنصورة وصدر ضده حكم بالإعدام  و تم العفو عنه ومن معه.

ولد حافظ دنيا فى مدينة فارسكور فى 25 يونيو 1885 وبعد انطلاق العمليات  ضد الانجليز اجتمع أعضاء الحركة، وقرروا بالإجماع اختيار المناضل حافظ إبراهيم دنيا قائداً وزعيماً لها، وتدخل المحتل البريطانى بقوته، وأصدر أوامره إلى مدير دمياط  المحافظ  آنذاك لقمع هذه الحركة بكل السبل، فأرسل حامية كبيرة من الجنود الإنجليز بمرافقيهم ومعداتهم، وتمكنوا من اعتقال حوالى ٨٠ من أعضاء الحركة، وإزاء ذلك هددت الحركة بقطع إمداد المياه الواصلة من ترعة الشرقاوية، التى تغذى مديرية دمياط إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى، وتفاقمت الأمور وازدادت شعبية حافظ دنيا إلى حد الزعامة القومية، فنصبه الثوار المحيطون به ملكاً على فارسكور وشمال الدلتا، واستمر  ملكا لمدة ٣ أشهر وعشرة أيام وهنا اندلعت  الثورة فى فارسكور واندلعت بعد رفض الإنجليز مطالب سعد زغلول وفريقه بالتفاوض من أجل المطالبة الوطنية  وهى بالتالي تواكبت مع ثورة يوسف الجندي فى زفتى و بالفعل الثورتان كانتا متزامنتين  ولكن دون تنسيق، فالروح الوطنية كانت مشتعلة فى أنحاء البلاد، والمثقفون الوطنيون هم الذين قادوا الحركة فى بلادهم .

وعندما أيقن المحتل الإنجليزى أن ثورة حافظ دنيا وتنصيبه ملكا على شمال الدلتا بدأت تنتشر مثل النار فى الهشيم كان لابد له من الإمساك برأس الثورة واعتقاله، وتم له ما أراد باستخدام الغدر والوشاية  فالإنجليز جاءوا إلى منزل حافظ دنيا ووضعوا المدافع أمام بابه، بحثا عنه ، بصفته ثائرا ضد السلطة، وكان زوج شقيقته نائبا للعمدة فى ذلك الوقت، وهو الذى بلغ الإنجليز عن مكان  حافظ دنيا  ، وأرسل الاحتلال ضابطاً صغيراً لإلقاء القبض على حافظ دنيا ، إلا أنه رفض ووكز الضابط بعصاه، وقال له  اذهب وأحضر قائدك إلى هنا ، وبالفعل ذهب الضابط وأحضر قائم المقام وألقى القبض على دنيا، وتم ترحيله إلى المنصورة، وهناك تم الحكم عليه بالإعدام، ولحسن الحظ صدر عفو له  وذلك بعد اشتعال الثورة الداعية للإفراج عنه والتهديد بإشعال دمياط كلها واستقبل أهالى فارسكور  حافظ دنيا  استقبال الفاتحين بعد عودته من المنصورة،  مع العلم  تصرف حافظ دنيا  فى جميع أراضيه، التى بلغت ٣٥ فداناً خلال ثورته، رغم أن  زوجتة  نصحته بأن يراعى حقوق أولاده الصغار، إلا أنه لم ينصت لها، ومع ذلك فقد كل الأطيان  وبعد مرور شهر من العفو عنة اسدعاة الزعيم  سعد زغلول فى القاهرة،  الحمد لله على سلامتك  وسوف  نعمل بكل جهدنا للقضاء على هذا الاحتلال وإزاحة الغمة، ومنحه ٥٠ جنيها.