رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا يحبون داعش؟

لماذا يكسب «المشروع الإرهابي» عقولا وقلوباً في الساحة العربية وما سر «جاذبية» خطاب التطرف؟! هذا السؤال طرحه المفكر والباحث دكتور عبد الحميد الأنصاري استاذ الشريعة والقانون القطري وتضمنه مؤلفه المهم «ثقافة الكراهية».

ويستكمل الدكتور الانصاري قذائف تساؤلاته.. العالم أصبح موحداً ضد تنظيم «داعش»، لكن خطاب هذا الأخير لا يزال يستهوي نفوساً من مختلف دول العالم. قال المنسق الأوروبي لشئون مكافحة الإرهاب: هناك أكثر من 3 آلاف أوروبي انضموا لـ «داعش»، منهم شابات ومراهقات، طبقاً لـ «الجارديان» البريطانية التي نشرت تقريراً يذكر أن قرابة 10% ممن غادروا أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا للالتحاق بـ «داعش» هم من النساء! «مراهقات أوروبيات» يركبن الصعاب بغية الانضمام إلى «داعش»! ترى ما الذي يدفع شابات وشباباً ترعرعوا في أوروبا ودرسوا في مدارس علمانية، يحبون الغناء والموسيقى، لترك عائلاتهم والالتحاق بـ «داعش»؟ مراهقة بريطانية تعيش في عائلة علمانية، ظهرت مؤخراً في سوريا كمتحدثة باسم «داعش» من أجل تجنيد المزيد من الفتيات الغربيات للتنظيم. فلماذا يرتمي هؤلاء في حضن «داعش»؟!
يحار المرء في تفسير دوافع أشخاص يعيشون في مناخ ديمقراطي (غربي) وينعمون بمباهج الحضارة، ويتمتعون بالحريات، لا يعانون أزمات اقتصادية.. فما الذي يجذبهم لـ «داعش» ؟! وما الذي يعجبهم في تصرفات قاطعي الرؤوس؟! لا يقتصر الأمر على أناس عاديين، فهناك أطباء ومهندسون انضموا لـ «داعش»! لماذا يتركون «الإسلام السمح» الذي عليه مليار مسلم إلى «الكراهية والعنف»؟! وما الذي يستهويهم في خطاب العنف والكراهية؟ وما سر جاذبية الخطاب العنيف؟ وما هي العوامل الجاذبة فيه؟! هذه التساؤلات المحيرة، هي «التحدي» الأكبر والأخطر أمام مجتمعاتنا وخطابنا «التعليمي» و«الديني» و«الإعلامي» و«الثقافي».
الى هنا كان كلام الدكتور الأنصاري واسئلته التشريحية التي ترك مهمة الاجابة عنها للأنظمة العربية وللمثقفين العرب وللمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والاعلامية العربية.. الواقع المزري الذي نواجهه في عالمنا العربي يتركنا في عراء الخوف والاضطراب عاجزين عن الفعل امام عواصف تحمل معها اقذر رمال الكراهية والاجرام والتي تعبر عنها افكار الدواعشة وشهيتهم للدم والتخلف.
واعتقد اننا جميعا نتحمل مسئولية كبرى امام الله لتفكيك ثقافة الكراهية تلك والمسألة تحتاج الى فلسفة حكم جديدة تمتلك جسارة المواجهة بآليات مختلفة عما كان متعارفا عليه من قبل، واعتقد ان الرئيس السيسي لدية الاستعداد لخوض غمار معارك مصيرية بجسارة محارب ورؤية حاكم على دراية بما تغير ويتغير في العالم والاقليم.. ولكي نخطط جيدا للمواجهة المصيرية مع أخطر حروب المائة عام الأخيرة فلابد أن نقرأ ونتعلم ونفهم بلا مغالاة في تقدير الذات واستضعاف الآخر.
مصيبتنا في المجتمعات العربية وحسب دراسة حديثة اننا تغيب عنا ثقافة الإصغاء للآخر، فالكل يقاطع الكل، والكل

يتكلم ويصرخ في وقت واحد. ثم علينا أن نسلم بأن «الإيمان الحق أو الصواب ليس حكراً على مذهب»، وأن الإسلام أكبر وأرحب من أن يختزل في مذهب أو اجتهاد واحد، فالله جل وعلا هو العالم بالحق المطلق. وأخيراً ينبغي أن يكون الهدف من الحوار معرفة ما عند الآخر مباشرة لا عن طريق الآخرين، بقصد توسيع مساحة الاتفاق وتضييق مساحة الخلاف ثم تلمس الأعذار للمخالف وخير الناس أعذرهم للناس.
وأعود في الختام للدكتور عبد الحميد الانصاري الذي يطرح سؤالا محوريا يقول.. ما مدى نجاح ثقافة الحوار مستقبلاً في المجتمعات العربية؟ ويجيب في نقاط محددة ان اهم ركائز ثقافة الحوار هي الإيمان بأن الاختلاف حقيقة إنسانية وكونية يجب القبول بها- إحياء « البعد الإنساني» في مجمل الخطابات المجتمعية والدينية والتعليمية - تنقية المناهج التعليمية من الإرث التعصبي والتمييزي - تدريس المفاهيم الدينية، مثل «الجهاد» و«الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» و«الولاء والبراء».. وفق منظور إنساني تسامحي - معالجة التشريعات الوطنية بتخليصها من التحيزات ضد المرأة والأقليات - التركيز على القواسم الثقافية والدينية المشتركة - الإقلاع عن «لوم الآخر» وتفعيل ثقافة «نقد الذات» - تعزيز قيم المواطنة كرابط جامع أعلى من كل الروابط الأخرى - إبعاد خطاب الكراهية عن منابر التوجيه والتعليم والتثقيف - تجريم توظيف بيوت الله تعالى في غير أهدافها المشروعة، مثل التحريض وبث الكراهية والدعاء على الآخرين - ضبط ومراقبة الفتاوى المثيرة للكراهية - ترشيد السياسة الإعلامية للفضائيات بما يعمق المشترك الديني والإنساني - تدريس «ثقافة الاختلاف» و«ثقافة الحوار» ضمن التعليم العام.. وختاما أعتقد أن ما كتبه الدكتور الانصاري أعمق واشمل وأهم من ألف مؤتمر تكتب شهادة وفاتهم قبل انصراف المشاركين والمصورين وتجار الكلام.

[email protected]