رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإبداع ليس في الميدان

فيلم «بنتين من مصر»
فيلم «بنتين من مصر»

 ما بين عامين تقع أحلام ثورة 25 يناير التي مازالت مستمرة وفي حاجة إلي شحذ جميع وسائل الإعلام ورؤي المبدعين لدعمهما، فحتي الآن لم نشاهد إعلام الثورة، ولا الأعمال الفنية

التي ترقي إليها، كلها مازالت ما بين صور مضللة لها أو إرهاصات إبداعية لم تنضح بعد ولم تعرف طريقاً إلي المسئولية الثورية، إلي جانب سلسلة من التصريحات والمؤتمرات المحصورة داخل فكرة التواجد الإعلامي واللحاق بركبها لعل وعسي يكون لهؤلاء تواجد فيها عند جني الثمار،.
ومع التقدير التام لنداءات الفنانين من خلال وثيقة الحرية والإبداع بتفعيل المادة 49 من الدستور والتي تنص علي حرية المجتمع عامة والإبداع خاصة، إلا أن هذا ليس كافياً ما لم يتواكب معه حركة فنية وإبداعية علي جميع الأصعدة تتواكب مع قيمة هذا الحدث.
فليس من المعقول المناداة بالحرية ونحن لم نرتق حتي الآن بتقديم عمل يصل إليها، وإذا كانت تلك المناداة كوسيلة للدفاع عن الفن بعد نجاح التيار الإسلامي واكتساحه البرلماني وتصريحات بعض السلفيين، إلا أن هناك من عقلاء التيار الإسلامي والسلفيين أكدوا في أكثر من لقاء احترامهم لحرية الإبداع، وأصبح الطريق ممهداً لمعرفة حقيقة نواياهم بتقديم إبداع حقيقي خارج عن أطر الابتذال ويخاطب عقل المشاهد ووجدانه بدون أي قيود، ثم نري ما سوف يحدث، إننا في حاجة إلي تضافر كل القوي الفنية للنهوض بالسينما المصرية التي تعثرت كثيراً، والتي جعلت الطريق مفتوحاً إلي أعمال علي شاكلة «تك بوم» نموذجاً لأفلام الثورة، وفيلم «شارع الهرم» مكتسحاً الإيرادات، بينما لم نقف كثيراً أمام تجربة «الطيب، الشرس، السياسي» فرغم أنه عمل تسجيلى إلا أنني اعتقدت أنه سيكون هناك احتفاء علي المستوي الفني به، والسؤال الآن هل سيمنح السادة المنتجون المشاركون والمطالبون بالحرية والإبداع الفرصة لأصحاب الأفكار الجادة للخروج؟ هل سيتحلي «آل العدل» وإسعاد يونس بروح المغامرة ويدعمون أفكاراً قد لا يقبل عليها الجمهور في تلك الآونة لأنه عاني خلال السنوات الماضية من تجريف متعمد لذوقه الفني، لذلك لم تصمد كثيراً أعمال مثل «بنتين من مصر» لمحمد أمين ولـفيلم «أسماء» لعمرو سلامة.
وأعتقد أنه يجب دعم هذين المخرجين بشكل خاص لكون كل واحد فيهما مؤسسة فنية في حد ذاتها مؤمن بما يقدمه ولا يتعامل معه بأسلوب السبوبة والتواجد في السوق من أجل لقمة العيش، إلي جانب أن أعمالهما تقع تحت طائلة سينما المؤلف والتي يعد2 فيها المبدع كاتباً للسيناريو ومخرجاً

له، وغالباً ما يظل يعمل فيه لأكثر من عام أو أكثر ثم يعيش الأمرين باحثاً عن منتج وإذا وجده لن يجد الممثل الجيد القادر علي طرح أفكاره وتقديمها لأن هذا الفنان يكون متعاقداً علي قائمة طويلة من الأعمال. إننا في حاجة إلي أفكار تطرح رؤي حقيقية لهذا المجتمع وليس بالضرورة أن تكون أعمالاً تؤرخ للثورة لأننا في حاجة إلي وقت حتي نستطيع تقديم عمل يقدم الثورة بما لها وما عليها بعيداً عن الشعارات الرنانة والأفكار المصطنعة.
إننا في حاجة إلي ثورة في الأفكار والموضوعات وجرأة في التناول، فمجرد خروج أعمال مثل «الحسين شهيداً» أو «أولاد حارتنا» بشكل فني واع ومتحمل مسئولية عرض تلك القنابل الملغمة يعد في حد ذاته ثورة، علي أن يكون المبدع عالماً بالحد الفاصل ما بين الشجاعة والجرأة في طرح الأفكار والتهور وامتهان المعتقدات.
فمنذ أكثر من 50 عاماً قدمت السينما فيلماً بعنوان «رسالة إلي الله» بطولة مريم فخر الدين ورغم بساطة الفكرة وسذاجة التناول إلا أن هذا العمل إذا قدم في مناخ لا يحترم الإبداع سيتعامل علي أنه تجاوز وامتهان للذات الإلهية وليس دليلاً علي ذلك أكبر من مقالات توفيق الحكيم «حديث مع الله» التي اضطر إلي الاعتذار عنها ثم كتابة أنها «حديث إلي الله».
فمن سيمتلك الشجاعة وبدلاً من السير في مسيرة والوقوف اعتصاماً وتضامناً مع حرية الإبداع الانتقال إلي تقديم عمل إبداعي يتحمل مسئوليته.. الأيام القادمة ستسقط القناع عن الكثيرين ولن يبقى إلا المبدعون الذين يدفعون عن إبداعهم بالفعل وليس بالكلام.. وإلي ذلك الحين ليس أمامنا سوي تصديق الجميع!!