لا تنخدعوا.. علاقات تركيا بإسرائيل لا يحكمها سفير
هللت مصر والعرب لقرار تركيا بطرد السفير الإسرائيلى وخفض التمثيل الدبلوماسى، والتلويح بتجميد الاتفاق العسكرى، على إثر نتائج تقرير الأمم المتحدة حول المجزرة الإسرائيلية لأسطول الحرية العام الماضى،
هللنا وكأن قرارات تركيا انتصار للعالم العربى ضد إسرائيل، ووقفة حقيقية بجانب فلسطين وسكان قطاع غزة المحاصرين منذ أعوام بين الجوع والفقر والمرض، غير أن قرارات تركيا وإن عنت فى ظاهرها نوعا من استعادة كرامتها بعد الموقف المصرى الأخير تجاه إسرائيل فى أزمة مقتل ضباط وجنود مصريين على الحدود، إلا أنها قرارات ظاهرية المقصود بها غسل ماء الوجه، فعلاقات تركيا الوثيقة مع إسرائيل لا يحددها بقاء سفير أو طرده، ولا يحددها التلويح بتجميد اتفاقية أو أكثر، لأن قنوات العلاقات وجسورها مفتوحة «على البحرى» بين الجانبين سراً أكثر منها علانية.
العلاقات التركية مع إسرائيل راسخة وعميقة، من منطلق ثابت، مضمونه أن حسن العلاقات مع أمريكا أساسه الرضا الأمريكى عن العلاقات التركية مع إسرائيل وذلك منذ ان دخلت تركيا عضوية حلف الأطلنطى عام 1952، وطريق تركيا لبوابة العبور لعضوية الاتحاد الأوروبى أساسه جودة العلاقات بين اسطنبول وتل أبيب، ولا يمكن لتركيا التى تحارب فيها العلمانية أيديولوجيات الأسلمة أن تتنازل عن قوة علاقاتها مع أمريكا، أو حلمها الأكبر الذى تنتظره منذ مطلع التسعينيات فى عضوية الاتحاد الاوروبى، وما ستحمله لها هذه العضوية من مكاسب سياسية واقتصادية هائلة تغنيها عن علاقاتها مع العالم العربى بما فيه، هذا العالم الذى ترتبط معه بتعاملات تجارية لا تزيد على 7 مليارات دولار، وهو رقم ضئيل لا يمثل حتى حجم علاقات تركيا مع إسرائيل وحدها، أو مع دولة أوروبية مثل ألمانيا.
وأعتقد أن التحركات التركية الظاهرية ضد إسرائيل ليس إلا قرصة أذن، لأن إسرائيل رفضت مؤخرا إمدادها بصور الأقمار الصناعية للمراقبة الفضائية، وهى صور تستفيد بها تركيا فى جوانب استراتيجية وأمنية عسكرية واقتصادية، وحجبت إسرائيل تلك الصور عن تركيا لقيام الاخيرة ببيع بعض هذه الصور أو تسريبها لدول رأت إسرائيل أنها مرفوضة وتشكل خطراً على الأمن الإسرائيلى نفسه، كما أعتقد ان تركيا أطلقت تلك الفقاعة، كنوع من جس النبض فى العالم العربى والاسلامى، عسى أن تحتل لديه مكانة تنافس بها إيران التى تسعى لقيادة العالم الاسلامى فى زمن ما بعد ثورات الربيع العربى، واذا ما أيقنت تركيا انه لا مكان لها لهذه القيادة، ستعود لثكناتها الثابتة من عمق العلاقات مع إسرائيل، وعلينا ألا ننخدع، ونرتمى فى أحضان تركيا على عجالة مكافأة لها على حرب طواحين الهواء المزعومة مع حكومة تل أبيب.
وعلينا ألا ننسى فى خضم فرحتنا