عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أموال المرحوم ومواطن غلب «حماره»

من لا يتعظ من المرض أو الموت، فلا عظة فيه.. النار وحدها مأواه لتكفيه، فما زاد فساد المفسدين فى الدنيا إلا لأنهم نسوا الله فأنساهم انفسهم، واعتقدوا أن كراسيهم خالدة، مناصبهم باقية، أموالهم ستحميهم للابد، نسوا أنهم سيتركون فى لحظة كل ما صارعوا لأجله، وكل من دمروا آخرين لكسبه، وكل من داسوا على غيرهم للفوز به، سيتركون كل ما نهبوه واستحلوه ويرحلون حفاة عراة إلا من قطعة قماش بسيطة، يستوى فيها الغنى بالفقير.

لكن يبدو أن لصوص هذا الوطن، ولصوص أموال البسطاء لا يتعظون، ولِمَ يتعظوا؟ إذا كان أكبر لصوص سرقوا الوطن أصبحوا خارج السجون الآن يتمتعون فى قصورهم الفاخرة، وينفقون ما نهبوه من أموال الشعب على حياتهم المرفهة.
أقول هذا وأنا أرصد عدة شكاوى من أرامل ويتامى، «داخوا السبع دوخات» على أبواب المعاشات، وشربوا «الأمرين»، وعاشوا شهورا فى جوع وحاجة وديون، حتى تم إنهاء أكداس من الأوراق الرسمية والاجراءات التعقيدية البيروقراطية قبل أن يصرفوا معاش المرحوم، لأن سعادة «الديكتاتور» الموظف فى هذا المكتب أو تلك المصلحة، لا يكفيه حزن ولوعة الزوجة أو أبناء المرحوم، بل يصر على أن يزيد «الطين بلة» ليصبح الأمر للأسرة المنكوبة «موت وخراب ديار».
والأكثر فجاجة من هذا، وقوع عمليات نهب وسرقة لمعاشات بعض الأرامل واليتامى، ويستغل الموظف فى هذا جهل المستحقين، أو عدم علمهم بكل مستحقات المرحوم، أو انصراف الاهل بضعة أشهر فى الأمور الانسانية من مرض ووفاة ليستولوا على المعاش بتوقيعات مزورة وبطاقات رقم قومى غير صحيحة، ومن هذه القصص التى لا أريد أن أجزم فيها بسرقة معاش المرحوم، لأنى لست جهة تحقيق أو قضاء، ولكنى اطرحها وفقا للاوراق الرسمية والبلاغات والمستندات.
صاحب القصة الأعجوبة، شاب يدعى محمد عبد المنعم محمود البيلى، والده الذى كان على المعاش، أقعده المرض أكثر من 3 سنوات، حيث اصيب بنزيف فى المخ وجلطة، جعلته مشلولا طريح الفراش، وكان والده يتقاضى معاشا مبكرا وفقا لقانون 79/75 للعاملين بالقطاع برقم تأمينى 53739884، وقيمته 1300 جنيه وكان يصرفه من مكتب بريد كفر الترعة القديم التابع لمركز شربين بالدقهلية، وعندما تدهورت حالة والده، ظل 13 شهرا لا يصرف معاشه، وعمل توكيلا لابنه الوحيد محمد ليصرف له المعاش، ولكن الابن ونظرا لأن عمله فى القاهرة، فلم يتمكن شهريا من السفر إلى الدقهلية لصرف المعاش من تاريخ 7 مارس 2012 وحتى 7 إبريل 2013، وكان الأب ينفق على احتياجاته من ريع قطعة أرض يمتلكها، على ثقة منه أن ماله موجود فى أمانة هيئة البريد ولن يضيع، ويمكن صرفه فى اى وقت إذا ما اشتدت الحاجة إليه.
وكان أن توفى الأب، واحتاج الابن أموال المعاش المتأخرة والتى لم يصرفها بموجب التوكيل الذى يحمله من والده لمصروفات الجنازة واحتياجات أخرى عائلية، فتوجه محمد لصرف معاش والده المتأخر فى يوم 10 ابريل 2013، والذى لم يتمكن الأب على مدى 13 شهراً من صرفه بسبب مرضه، كما لم يتمكن هو بسبب عمله فى القاهرة أيضا من صرفه بالتوكيل، وإذا بصراف المكتب يخبره بأن والده صرف كل مستحقات معاشه، خلال الـ13 شهراً ولا توجد أى متأخرات، وأن والده كان يحضر بنفسه لصرف معاشه أو يذهب اليه الصراف فى منزله، أصيب محمد بالذهول، وكاد يحطم رأسه فى الجدار دهشة وغيظا، كيف لوالده المشلول أن يغادر فراش المرض ويذهب لاستلام معاشه بنفسه، وكيف لصراف البريد أن يسلمه ماله فى منزله ووالده لم يتقدم ابدا بطلب صرف المعاش فى منزله، وأصر المسئولون بالمكتب على انه لا توجد مستحقات

متأخرة، فطلب محمد الاطلاع على توقيع والده، ووجد ما توقعه، التوقيعات مختلفة فى كل شهر، كما أن أرقام بطاقات الرقم القومى المثبتة أمام صرف المعاش أيضا مختلفة، مما يؤكد حدوث تزوير وتدليس واستيلاء على أموال «المرحوم» على مدى 13 شهراً، فتقدم محمد ببلاغ ضد كل من وكيل مكتب البريد محمود ابراهيم احمد فرج، وصراف المكتب، اسعد عطية عيد عطية، واتهمهما بالتزوير والاستيلاء على معاش المرحوم.
وفى 19 مايو عام 2013 تقدم الابن محمد بطلب تحقيق فى الواقعة لرئيس قطاع الرقابة والتفتيش بالهيئة القومية للبريد، وبالفعل تم استدعاؤه هاتفيا يوم 3 يونيو لتحرير محضر والاستماع لاقواله بمقر الادارة العامة للتفتيش الفنى، وبعد الرجوع للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى وبفحص الكشوف الخاصة بتوقيعات أصحاب المعاشات، وبالاطلاع عليها، تبين بالفعل ان هناك توقيعات مختلفة تماما وغير مطابقة للتوقيع الأصلى «للمرحوم» بجانب وجود أرقام قومية لبطاقات مختلفة، لا علاقة لها بالرقم القومى الخاص بالمرحوم.
وبالتالى مع اكتشاف هذا التزوير المفضوح، كان من المفترض أن يتم احالة الأمر للشئون القانونية بالهيئة القومية للبريد، واستدعاء الصراف المسئول عن صرف المعاشات، والتحقيق معه حول كيفية صرف هذه الشهور من المعاش بتوقيعات وأرقام بطاقات غريبة، فى الوقت الذى يلازم فيه صاحب المعاش فراش المرض ولا يقوى على الحركة، أو أن يتم رفع الأمر بابلاغ النيابة العامة، لكن الغريب فى الأمر أنه تم حفظ الشكوى، وتم اخطار الابن المفجوع فى والده وفى سرقة معاش والده يوم 20 أغسطس بقرار الحفظ، فجن جنون محمد ولم يجد امامه سوى التقدم ببلاغ الى النائب العام بكل تفاصيل الواقعة.
وحتى تلك اللحظة وهو «دوخينى يا ليمونة» وقد غلب حماره بين هيئة البريد، والادارة العامة للتفتيش الفنى بالهيئة القومية للبريد المصرى، وبين النيابة، ولا إجابة، أو استجابة، رغم أنه يتمسك بطلب عرض التوقيعات المزعومة لوالده على خبير فنى وقضائى لفحص التزوير، ولا يزال الملف مفتوحا، وانتظر مع محمد الرد من اى مسئول، ولدى كل المستندات.
نهاية:
يا من تسرقون أموال البسطاء، وتستحلون السلب والنهب في الدنيا، يا من تلهثون وراء المال الحرام، تملأون منه البطون، وتعمرون به بيوتكم وهو خراب عليكم دنيا وآخرة، ولوا وجوهكم لحظة الى القبور عسى أن تتعظوا، يوم تذهبون إليها بمفردكم، وتسألون.. أين أبناؤكم.. عنكم اليوم.. ‏أين أموالكم.. ‏ أين وأين.. ‏أو لا تدرون كيف سيكون هو الحساب.