رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هتلر والإخوان وحرب الفئران

تحكى أساطير اليهود خدعة الحرب التى نفذها ابن الحطاب «جدعون» لينصر بنى اسرائيل على اهل مدين عام 1245 قبل الميلاد، ويزرع الخوف في قلوب خصومه ويهزمهم نفسيا حتى قبل أن يحاربهم، فقد كان من المتعارف عليه في حروب هذا الزمان، أن يتم تقسيم المحاربين الى فرق، كل فرقة من مائة محارب، ويتقدم كل فرقة شخص يحمل فانوسا مشتعلاً وآخر يحمل بوقا ينفخ فيه، وكان من جدعون الذى لم يمتلك سوى 300 رجل لمحاربة اهل مدين ان فكر فى خدعة، فأمر كل رجل من الثلاثمائة أن يحمل فانوساً بيد وبوقاً باليد الأخرى وسط الظلام، وان يحيطوا بمعسكر اهل مدين، وينفخوا فى الابواق مرة واحدة.

وانطلت الحيلة على خصومه، حيث اعتقدوا أن وراء كل شعلة مائة محارب أى هناك 30 ألفا يحاصرونهم، كما أرعبتهم الأبواق التى انطلقت دفعة واحدة، وبهذا تمكن جدعون من هزيمة الخصم، إنها الخدعة والحرب الدعائية النفسية منذ قديم الأزل، الحرب النفسية سلاح قوى فتاك يهزم جيوشا وأمما قبل أن تهزمهم قوة السلاح الحقيقى، وهو ما استخدمه النازى هتلر مع كل شعوب أوروبا التى اجتاح أراضيها فى الحرب العالمية الثانية، يدفعه جنون السلطة والحلم بإمبراطورية ألمانية تحكم العالم، فكان يروج اعلاميا لانتصارات وهمية، ومذابح لاعدائه لم تحدث، بل ابتكر اكذوبة المحرقة وغرف الغاز السام، التى زعم أنه يحرق أو يسمم أعداءه بها لبث الذعر فى نفوس خصومه وكانت غرف الغاز ليست إلا آلات بخار لتنظيف ملابس الجنود والاسرى من خطر الطاعون، بل تلاعب حتى بعقول قواته من خلال الايحاء.
فعندما خالف ثلاثة ضباط أوامره، حبس كل منهم بصورة منفردة وهو مقيد، ووضع أمام كل منهم ماسورة تسرب نقاط المياه ببطء شديد، واخبرهم أن السجن به تسرب لغاز سام سيقتلهم خلال ٦ ساعات، وبالفعل بعد مرور 4 ساعات، ذهب هتلر ليتفقدهم فوجد اثنين منهم ماتا والثالث يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولم يكن هناك أى تسرب غاز، لكنه استخدم الحرب النفسية أو «القتل بالإيحاء»، فقتلتهم عقولهم ومخاوفهم لقناعتهم باستنشاقهم غازاً ساماً، مما جعل أجسامهم تفرز هرمونا معينا أثر سلبا على القلب وأدى إلى توقف أجهزة الجسم والموت.
انها الحرب النفسية، نفس ما تستخدمه الآن جماعة الاخوان وزبانيتها من محاولة نشر الذعر والخوف لدى المصريين عبر الترويج بأنهم كثر، منظمون، مسلحون، رغم انهم ينقلون مظاهراتهم من مكان لآخر، وارهابيوهم ينتقلون ايضا من مكان لاخر، وينسون انهم بضعة آلاف أو حتى - مبالغة - بضعة ملايين، وان الشعب المصرى 90 مليونا، يهددون بأن ارهابهم سيطول الجميع، قطبى الأمن والحمى للوطن أى الجيش والشرطة، للتأثير النفسى على المصريين بانه اذا كانت أيديهم طالت هذه القوى المسلحة المدربة، فبالتالى أصبحت أى أهداف أخرى أمامهم ايسر، وبهذا تهتز الثقة فى كفاءة الجيش والشرطة وفى قدرة القيادة السياسية على تحقيق الاهداف القومية وتوفير الأمن للشعب، كذلك بث عدم الثقة بين افراد الجيش والشرطة فى أسلحتهم ومعداتهم وتدريبهم، وعدم تمكن هذه الآليات التى يمتلكونها فى حمايتهم من أيدى الارهاب الخسيس، وفى هذا يلتقط الإخوان الخيط، لنشر الشائعات والمبالغات، من شرائط فيديو حقيقية أو ملفقة حول نجاح عملياتهم وانتشار الذعر بين المصريين، ليقولوا للعالم لا تدخلوا مصر لأنها لم تعد آمنة.
وليس هذا فقط، بل يستخدم الاخوان الاعلام بصور خطيرة، أولا فى الترويج لقوتهم وارهابهم، بل وأيضا يستخدمون اعلامنا بصورة غير مباشرة فى الترويج الدعائى لهم، للأسف اعلامنا وقع فى الفخ، بالامعان فى بث ونشر مشاهد الحزن والبكاء والعويل على فقد الشهداء الذين سقطوا بأيدى الارهاب، دون أن ننتبه كاعلاميين فى غمرة تعاطفنا

الشديد مع الضحايا أن هذه المشاهد تزيد الاخوان ثقة فى انفسهم وخيلاء، وتثبت وجودهم أمام مموليهم بأنهم نفذوا المطلوب منهم بنشر الذعر والحزن فى مصر، وأن كل مصرى لم يعد آمنا فى ظل النظام الحالى، وان مخرجنا من بحر الدم هو عودة الاخوان، وان نتعلق فى رقبة مرسى ليحمينا ويطيل اعمارنا، وننسى كاعلاميين فى موجة الحماس ان لكل أجل كتابا، وان الشهداء لو لم يقتلوا على أيدى الخونة الارهابيين لانتهت اعمارهم ايضا فى نفس اللحظة بأى صورة أخرى، تتعدد الاسباب والموت واحد والعمر محدد.
ولا يفهم أحد مما أقوله اننى أطالب بتجاهل أحزان اهالى الشهداء وذويهم، ولكن فقط أطالب بالاعتدال فى التناول الاعلامى، أطالب بألا نقدم للإخوان خدمة اعلامية بإظهار قوتهم، وتحقيقهم لمأربهم فى ترويع الشعب وسرقة أمنه، نحن فى حرب، وسقوط الضحايا فى الحرب أمر طبيعى، وليس كل ما يحدث يجب أن ينشر، نحن بهذا الاعلام المرعوب الحزين نهديهم سلاحا اضافيا للامعان فى قتلنا وترويعنا، واستقطابا للمزيد من البسطاء المخدوعين، ولم نعد نختلف كإعلاميين فى هذا عن إعلام داعش الذى يبث فيديوهات ذبح الرهائن والاسرى لبث الذعر فى العالم وفى نفوس كل من يعارضهم، علينا ان نفيق وندرك انهم يزدادون قوة من اظهار ضعفنا، و سعادة من احزاننا، و كبرا كلما نزفنا الدمع علنا على شهدائنا، علينا ان نضمد جراحنا فى كبرياء، علينا ان نستتر مع البلاء، ان نقول لهم نحن اقوى منكم لأننا يداً واحدة ومعنا الله الذى حرم القتل والذى جعل لكل اجل كتاباً، وكتبنا ليست بأيدكم، وان كنتم سببا فى موتنا، فنحن شهداء احياء عند الله نزرق الى يوم الدين.
علينا أن نقول لهم أنهم ليسو سوى فئران، تخوض حربا دنيئة من جحورها، تتسلل فى الظلام للقتل ثم تلوذ مذعورة إلى كهوفها، أو قد تحول نفسها الى قنبلة بحزام ناسف تعلقه فى ذيلها، عليهم أن يفهموا أننا لهم بالمرصاد، كل مصرى سيجعل من نفسه مصيدة لهم، سنرصدهم، نتربص بهم، ندك على رؤوسهم جحورهم، لن نجعلهم ينامون او يهنأون بانتصاراتهم الوهمية.
هذه هى الرسالة التى يجب أن نوصلها جميعا كاعلاميين وكسياسيين الى جماعة الإخوان الارهابية، بألا ندع حربهم النفسية تقهرنا، تقتلنا، لنموت فى أماكننا انتظارا لرصاصهم، أو نسير أحياء مقتولين رعبا من ارهابهم، فكل نفس ذائقة الموت طال اجلها او قصر، وستبقى مصر للأبد آمنة بلا فئران.