عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يا مخلوعة الجذور.. الحب وحده يكفى..!

كل ما هو جميل عن الحب لم أقله عنك بعد.. سيبقى فيك دوما شىء لم يقل، شىء سأذكره إن كان، وإن لم يكن.. سأستولده من ذاكرتى واستنسخه فى أزمنة الخوف والشح والعزوف، فحبى لك ليس ليومنا هذا، بل كان أمسا وسيظل غدا،

وقد لامتنى فى عشقى لوطنى مصرية اغتربت فى أوروبا منذ سنوات كففت عن عدها، ولا تزل، أطلق عليها مداعبة لها عن قصد «مخلوعة الجذور»، هاتفتنى ساخرة من قصة حبى اللامنتهية، قالت: الحب وحده لا يكفى، فمصر ليست دوما نسمة عليلة فى صيف ساخن، ولا دفء شمس فى برد قارص ولا «كوز» ذرة مشوى على النيل دون أن يعترضك بلطجى أو متسول أو قاطع سبيل، مصر ليست شارع مغسول بماء المطر كأوروبا، وليست مساحات خضراء كجنة، ولا بيوتا متأنقة منحدرة الأسقف الوردية وقد تدلت منها الوان الإزهار.
مصر ليست مباني حكومية فاخرة كالفنادق نجلس على مقاعدها باحترام فى انتظار أدوارنا لقضاء ما نحتاجه من أوراق وقد عبقت المكان رائحة الشاى والقهوة المجانى دون تشاجر أو زحام أو دفع رشوة فى درج موظف، مصر لا تعترف بالادارة الالكترونية لتخفيف أعباء المواطن وقضاء أوراقهم وهم فى منازلهم من تصاريح  أو دفع للفواتير، مصر ليست وسائل اتصال ونقل محترمة لا تهين كرامة الانسان، ليست عدلاً فتوازن بين العقول والقدرات وبين الأجور، بل يحكمها النفاق والتملق والتسلق ولو على عظام الغير، مصر لا تمنح العاطلين بدل بطالة يعادل الحد الأدنى للأجور، لتكفى العاطلين شر الحاجة والانحدار للجريمة قسرا.
مصر شوارع خانقة وحوارى غارقة فى المجارى، وقمامة فى كل مكان، مصر اهمال متربع وأنانية تعششت فى النفوس وصراع غير شريف على المناصب والنفوذ، مصر قطارات متأخرة، وأتوبيسات لا تجىء، بيوت وأنفس متهدمة، وأحياء زاحموا الموتى فى مقابرهم، مصر لا تحترم العلم ولا التعليم، ولا تعطى فرصة للابداع، ولا يزال المسئولون بها يعيشون على عقيدة انقضت منذ قرن مضى أو أكثر، وهى «الحاجة أم الاختراع والفقر يخلق الابداع»، مصر تعود لتكتشف الآلة البخارية من جديد مع كل ثورة أو تجديد، مصر بلا خطة وبلد ليس له «كتالوج» الادارات يتم «توزيرها»، فكل وزير يجىء يطيح بخطط من سبقه ويلم حوله شلة من المستشارين والمنتفعين، فى محاولة لفرض شخصيته أو حفر بصمته السوداء على الأداء، مصر عتمة وفوضى وطوابير «معجونة» فى رائحة العرق وكلمات التأفف والسباب.
مصر عقول «دوغمائية» متحجرة، تحترم البيروقراطية ولا تعرف للابداع والابتكار معنى، مصر تتمسح بقشور الغرب وثقافته، مع اهمال جوهر الحقيقة «بأنه لا حرية حقيقية  أو ديمقراطية مع جهل ثقافى وفقر اقتصادى وتخلف فى كل مناهج التفكير، فرقص أولادها على موسيقى الغرب واسقطوا بناطيلهم و«حزقوها»، «نكشوا» شعورهم أو جمدوها بالـ «جل» كعرف الديك فى منتصف الرأس، وصارت الفتيات شبه عاريات وبذراع كله طفلة لم تشب عن الطوق أو على خط الشات «بوى فريند»، هكذا صارت مصر، مسخاً دميماً.. عنوان للقبح، فهل هذا وطن يحب أو يستحق حرفا من كلمة حب..؟.
يا الله كل هذا يا ابنة بلدى من مشاعر بغيضة بصدرك تجاه

مصر، لكنى اؤكد لك.. الحب وحده يكفى، الحب يصنع المعجزات ، عطاء وتضحية دون انتظار الثمن، الحب يجعلنا نبنى أولا ثم نسكن، نزرع اولا ثم نأكل من الحصاد، فماذا فعلت أنت أو ماذا فعل غيرك من أبناء مصر المغتربين العاملين بالخارج، من كونوا ثروات، من طوروا أفكارهم وأنفسهم، من تعلموا ودرسوا وتعرفوا على كل أصول التقدم والتقنية فى الغرب، قلة قليلة جدا هى من فكرت من بين هؤلاء فى مصر، قلة قليلة حولت مدخراتها للوطن واقامت بعض المشروعات «الاستهلاكية» لا المنتجة التنموية، ولكن لم يفكر هؤلاء فى تكوين شركات مساهمة للنهوض بأوجه الحياة فى مصر، فى البلدان التى تشدقت «مخلوعة الجذور» بها، لا تتحمل الدولة وحدها أعباء التنمية والتقدم، بل يساهم رجالات المال والأعمال وكل الأثرياء فى هذه المشروعات وتحت اشراف الدولة للاسهام فى تقديم الخدمات للمواطنين بأسعار مقبولة وفى المتناول.
ففى هولندا على سبيل المثال، مشكلة الطرق.. تعبيدها وتطويرها، والتوسع فى شبكاتها، تعتمد الدولة فى جانب كبير من تكلفتها قبل بدء اقامتها على عقود مع شركات ومؤسسات ستسفيد من هذه الطرق، بجانب شركات ستقوم بطرح اعلاناتها عبر طول الطريق، وبهذا تتحمل الدولة نسبة بسيطة من التمويل، وتعوض الجزء الخاص بها من خلال تحصيل ضرائب الطرقات التى يدفعها أصحاب السيارات، ويتم فى هذا الصدد انشاء طرق موازية للطريق الرئيسى، يكون بديلا فى حال وقوع حادث أو عطل أو كارثة بالطريق الرئيسى، وهكذا لا يعانى قائدو السيارات من زحام خانق يمتد لساعات، حتى وإن حدث زحام فهو لا يستغرق دقائق، تصنع على امتداد جانبى الطريق «بالوعات» لتصريف مياه الأمطار وتكون على شكل شبكات حديدية وكأنها مصافى، لتسمح بمرور المياه فقط وليس أى شوائب او قاذورات فلا تنسد المواسير، وبالوعات الطريق تصب المياه فى بحيرات صناعية أو فى قنوات خاصة توجه لرى الأراضى وللغابات المنتشرة، أو لاعادة تدويرها لاستخدامها فى أغراض أخرى غير مياه الشرب بالطبع، فلا تغرق الطرق بمجرد نزول حفنة من مياه المطر ولا تقع الكوارث.. وللحديث بقية.