عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اللغة والقوة والمقدس الدينى

بوابة الوفد الإلكترونية

«العربية نموذجًا»

< أثر="" القرآن="" الكريم="" فى="" اللغة="" العربية="">

نزل القرآن الكريم بلسان عربى مبين، فكان للغة العربية مزية لا تتأتى لغيرها من اللغات، وكما أثر القرآن الكريم فى الأمة العربية، فى أخلاقها وعقيدتها وشتى نواحى حياتها، فقد أثر أيضًا فى اللغة العربية تأثيرًا بالغًا (28) يمكن إجماله فى المحاور الآتية:

(1) حفظ اللغة العربية حيَّة على ألسنة المسلمين فى بقاع الأرض كلها:

خلود العربية- فى مقابل اندثار اللغات القديمة كلها حقيقة تاريخية؛ فالمتأمِّل فى التاريخ يرى- بوضوح- لغات كثيرة قد اندثرت بموت أهلها، أو ضعفت بضعفهم؛ فأين اللغة الفينيقيةـ لغة أهل لبنان قديمًاـ؟! وأين اللغة الهيروغليفيةـ لغة أهل مصـر؟!- والآشوريةـ لغة أهل بابل-؟!... إلخ.

إن ارتباط اللغة العربية بالقرآن الكريم جعلها محفوظة بحفظه، وباقية ببقائه، وسبحان الله القائل: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» «الحجر: 9».

وبتأمُّل النظم القرآنى فى هذه الآية الكريمة نرى من وجوه الإعجاز:

- عدول الخطاب القرآنى عن لفظ (القرآن)، واستعمال لفظ (الذِّكْر)، والمراد به هنا: القرآن؛ لإفادة معنى الحضور اللسانى والذهنى، فى تناسب وتناغم مع معنى البقاء المعبَّر عنه بالحفظ.

- استعمال أكثر من أداة من أدوات التوكيد: (إن، نحن، اللام، تقديم الجار والمجرور «له» على المتعلّق «لحافظون».

- استعمال صيغة اسم الفاعل فى (لحافظون)، بدلالتها على الحاضر والمستقبل.

وكل هذه الأدوات تتآزر معًا لإفادة معنى البقاء والدوام والحضور وقوة التأثير لهذا الكتاب العظيم إبَّان نزوله، وفى المستقبل.

والواقع يشهد بهذا؛ فالقرآن الكريم هو النص الوحيد الذى لم يتغير ولم يتبدَّل منه حرفٌ على تطاول العصور، وعلى امتداد رقعة البلاد الإسلامية فى كافة أرجاء المعمورة.

ومن وسائل حفظ القرآن العظيم: حفظ لغته وبقاؤها حَيَّةً على ألسنة المسلمين عبر خمسة عشر قرنًا من الزمان، من مهد الإسلام فى جزيرة العرب إلى أقصى أطراف الأرض.

كيف استطاعت هذه اللغة العبقرية أن تصمد نحو عشرين قرنًا من الزمان، بينما اندثرت اللغات القديمة جميعًا، بل اندثرت لغات كانت حيةً على الألسنة منذ أقل

من أربعة قرون؟

من أمثلة تلك اللغات: اللاتينية التى انقسمت إلى لهجات تحوَّلت فيما بعد إلى لغات مختلفة فى ألفاظها وتراكيبها وبنيتها الكُلِّية.

لقد كانت اللاتينية هى لغة الثقافة والعلم حتى وقت قريب، وكانت المؤلفات العلمية الكبرى تُكتب بتلك اللغة إلى عهد نيوتن (عاش فى القرن الثامن عشـر)، ومؤلَّفُه الذى قلب موازين علم الفيزياء عنوانه: (Princibia Mathmatica) باللاتينية، أى: مبادئ الرياضيات.

ومع ذلك كانت اللاتينية حينئذٍ قد اندثرت تمامًا، وصارت لغة أبراج عاجيَّة، يكتب بها الفلاسفة والعلماء، ولكنها غائبة عن الحياة؛ لأنَّ الألسنة لا تنطق بها.

ومثلها اللغات الدينية التى اندثرت- بموتها على الألسنة- وانحصر وجودها بين جدران المعابد والأماكن المقدسة، كالسريانية (الآرامية)، والعبرية القديمة، ولغات السيخ والهندوس والشنتو، وغيرها من لغات المعابد التى لا يعرفها سوى أفراد قليلين من كهنة المعابد.

على حين ظلت العربية صامدة متجددةً عبر العصور، واتسع نطاق المتحدثين بها، الذين هم عربٌ باللسان.

وهذا أمرٌ مُشَاهَدٌ محسوس؛ فإنك لتجد الهندى

أو الباكستانى أو الإيرانى أو الأمريكى المسلم لا يعرف شيئًا عن قواعد العربية، فإذا ما تلا آيات الذكر الحكيم انطلق لسانُه، وتَخلَّص من عجمته ولُكْنته، وصارت أصواته واضحة كل الوضوح مطبوعة بالطابع العربى الخالص فى صفات الأصوات ومخارجها.

أفليس هذا وجهًا من وجوه الإعجاز الصوتى للقرآن الكريم؟!

والحديث موصول إن شاء الله تعالى.

[email protected]