رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عُرس المصريين

هزني مشهد طوابير الانتخابات التي امتدت إلي كيلومترات، ودمعت عيناي وأنا أشاهد مصر تولد من جديد.. كان عُرسًا تزينت فيه مصر أجمل بلاد الدنيا.. لن أنسي الزغاريد التي انطلقت في سماء المحروسة أثناء نقل صناديق الانتخابات إلي موقع الفرز.. لم تصدق السيدات أنفسهن عندما خرجت الصناديق محمولة علي الأعناق فأطلقن الزغاريد ابتهاجًا وفرحة بهذا الميلاد الجديد.

سجدت لله شكرًا علي أن مدًّ في عمري وعشت أيام الثورة المجيدة وشاركت فيها منذ جمعة الغضب وحتي سقوط الرئيس المخلوع.. وسجدت لله شكرًا علي أن مدَّ في عمري وعشت أيام العرس الجميل.. عرس أول انتخابات ديمقراطية في مصر.. لم أصدق نفسي وأنا أري مشاهد هذا اليوم رأي العين.. وأشارك في صنع التاريخ الجديد لهذا الوطن.
لم أكن أتصور أن أيام الحزن والألم واليأس التي عشناها في أحداث التحرير ستنقلب إلي أيام بهجة وفرح وعرس وأمل.. لم أكن أتصور أن الله سيرد كيد الكائدين بهذه السرعة المذهلة.. وأن مصر التي شغلت العالم بأحداث مؤسفة ستكون علي موعد مع حدث تاريخي في بضع ساعات.
لقد لقن الشعب الرئيس المخلوع ورجاله درسًا قاسيًا، وأسقط النظريات الكاذبة التي روجوا لها تارة بأنه شعب غير ناضخ، وتارة أخري بأنه غير مؤهل للديمقراطية.. خرج الجميع رجالا ونساء.. شيوخا وأطفالا في مشهد لم يحدث من قبل.. وقفوا بالساعات في طوابير طويلة من أجل الإدلاء بأصواتهم ليشاركوا في صنع مستقبل مشرق لبلادهم.
أثبت الشعب المصري أنه أذكي شعوب العالم.. فقد قاطع الانتخابات والاستفتاءات علي مدار ثلاثين عامًا مضت لأنه كان يعلم النتيجة مسبقا، ورفض أن يشارك في الخديعة.. فكانت المقاطعة هي خير رد.. وعندما استرد حريته وشعر بأن الصوت له قيمة.. كانت المشاركة غير المسبوقة التي وصلت إلي أكثر من 70٪ وهي نسبة لا تتحقق في أعظم الدول الديمقراطية.
وكان يوم الانتخابات هو يوم قضاة مصر ورئيس ناديهم المستشار أحمد الزند ابن مصر الأصيل الذي خرج يخاطب الشعب عبر الفضائيات بلهجة حماسية أشعلت فينا الأمل وبثت فينا الطمأنينة.
وكان جيش مصر العظيم هو البطل.. قيادة ومجلس أعلي وضباطًا وجنودًا.. كانوا جميعا فخرا لمصر.. فقد وعدوا فأوفوا.. وكانوا أهلا للمسئولية التي تحملوها في وقت عصيب.. وكان خروج الشعب بهذا الحشد هو استفتاء علي المشير والمجلس العسكري.
وكان خروج الشعب أبلغ رد علي تلك المؤامرة الدنيئة التي كانت تحاول اسقاط عمود الخيمة وإدخالنا في فوضي هدامة.. وكان شعار الجيش والشعب ايد واحدة هو أبلغ رسالة للمتآمرين جميعا.
لقد كان خروج الشعب في هذا العرس رسالة إلي كل من يتحدث باسمه، وإلي كل من يحاول أن ينصب نفسه وصيا عليه.
لقد استحق الشعب المصري إعجاب وتقدير العالم حتي إن الكاتب العالمي روبرت فيسك قال إن مشهد الانتخابات في مصر كان أقرب إلي الخيال منه إلي الحقيقة، ووصفت صحيفة الشرق الأوسط يوم الانتخابات بأنه يوم العبور الجديد.
ونجح الشعب المصري في أن يلقن المتربصين به درسًا قاسيًا.. فقد سقطت الأقنعة وظهرت الفضائيات المشبوهة علي حقيقتها.. فلم تستطع أن تخفي ما تضمر لهذا البلد.. ولم يجد المشبوهون الذين أطلقوا علي أنفسهم مراقبين عيبا في الانتخابات فراحوا يروجون لشائعات مغرضة حتي قال أحدهم علي إحدي الفضائيات إن أحد القضاة أوقف التصويت في إحدي لجان القاهرة لأن زي السيدات لم يكن محتشما.. هل هناك حقد أكثر من هذا، وروج آخر إلي إطلاق رصاص في لجنة بإحدي المحافظات وهو ما نفته لجنة الانتخابات في الحال.
وشاهدنا من يولول ويلطم الخدود علي إحدي الفضائيات الجديدة، وحاولوا النيل من هذا العرس بترويج أخبار كاذبة علي تلك القناة بأن نسبة الحضور في اليوم الأول كانت 20٪، وكانوا يهدفون من هذا إلي التقليل من شأن الطوابير التي أسعدتنا جميعًا، وكانت الأرقام الرسمية للجنة العليا للانتخابات هي أبلغ رد علي أكاذيبهم.
وحاولت بعض الفضائيات صرف أنظار المصريين عن هذا الحدث التاريخي بمشاجرة في ميدان التحرير افتعلها المتواجدون هناك مع الباعة الجائلين، ولكن خابت محاولتهم وانصرف الشعب يبحث عن الحقيقة في قنوات أخري بعد أن تنبه للحقيقة.
وبعيدًا عن نتيجة الانتخابات.. علينا جميعا أن نفرح بهذا العُرس الكبير.. ويوم العبور الجديد.. وقوم يا مصري.. مصر أمك بتناديك.