رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العزل الإعلامى

بمناسبة ما يثار هذه الأيام عن قانون العزل السياسى الذى يهدف لعزل فلول النظام السابق على ثورة 25 يناير 2011 استدعت ذاكرتى أحداثاً مماثلة أعقبت الثورات السابقة، فثمة قناعة لدى كل ثورة أنها لكى تحمى نفسها فعليها أن تعزل رموز النظام الذى أسقطته، وبعض هذه الثورات اعتمد فى هذا على الشرعية الثورية التى تعتبرها الثورات بديلاً مؤقتاً للشرعية الدستورية من أجل سرعة إنجاز أهدافها.

حدث هذا بعد قيام ثورة يوليو 1952، بقيادة جمال عبدالناصر، وبعد 15 مايو 1971 التى أسماها خلفه أنور السادات بثورة التصحيح، وما يهمنى أن أبرزه هنا أن العزل الذى تم فى عهدى عبدالناصر والسادات شمل ـ فضلاً عن السياسيين ـ عدداً كبيراً من الإعلاميين العاملين فى أجهزة الإعلام الرسمية، فبعد ثورة يوليو 52 تمت حركة سموها «التطهير» وتم فيها تصفية رموز النظام الملكى من جهاز الإذاعة المصرية (لم يكن هناك تليفزيون بعد) وتم عزل عدد من الإذاعيين من بينهم الإذاعى الكبير على خليل، وصوته مازال فى تسجيل للحفل التاريخى لأم كلثوم فى النادى الأهلى عام 1944 وهو يصف على الهواء إنعام الملك فاروق عليها بنيشان الكمال ولقب صاحبة العصمة، هذا الرجل الذى لقب بشيخ الإذاعيين عزلته ثورة 52 لعلاقته الوثيقة بالقصر الملكى فغاب ربع قرن ثم عاد ليكرم بعضوية مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون قبل أن يرحل.

وكما أقصت ثورة 52 عدداً من الإذاعيين، فإنها أعادت آخرين كانوا مضطهدين قبل الثورة وأشهرهم الإذاعى الكبير جلال معوض الذى كان منقولاً إلى وزارة التموين عقاباً له على ثوريته، فعاد وأذاع بيان خروج الملك يوم 26 يوليو.

وقام الرئيس الراحل أنور السادات فى 15 مايو 71 بما أسماه ثورة التصحيح اتهم فيها حكومته ومساعديه بمؤامرة لقلب نظام الحكم، واتهم فيها من أسماهم مراكز القوى فى الحزب الأوحد الحاكم «الاتحاد الاشتراكى» بالضلوع فى المؤامرة، وقبض عليهم، كما اتهمهم بتكوين تنظيم سرى متفرع من الاتحاد الاشتراكى، يقصد التنظيم الطليعى الذى أنشأه عبدالناصر، واتبع ذلك بالتحقيق مع الإعلاميين (تالى!)

المنتمين إلى ذلك التنظيم وعاقبهم، فمنهم من سجن ومنهم من جلس فى بيته، ومنهم من نقل إلى شركات مثل باتا والأوفر حظاً تم نقله إلى وزارة المالية أو التموين! وبعد سنوات من المعاناة عاد بعضهم وهاجر بعضهم وآثر بعضهم البقاء فى الأماكن التى نقلوا إليها مفضلين البعد عن الإعلام بجنته وناره، وبعد ربع قرن آخر أعتز بأنى شرفت بإعادة بعضهم إلى الميكروفون مثل جلال معوض وصلاح زكى وطاهر أبوزيد ومعهم أحمد فراج وإن لم يكن منهم!

واليوم.. وبعد ثورة 25 يناير بدأت المطالبات بعزل فلول النظام السابق حكومة وحزباً منحلاً بحكم القضاء، ومن بينهم إعلاميون بالطبع (ثالث!) متهمون بمعاداة الثورة والثوار وزرع الألغام فى طريقها، أو التلون لركوب موجة الثورة والاستفادة منها كما استفادوا سابقاً، ولكن ثورة يناير 2011 المجيدة ثورة سلمية كريمة ملتزمة بالقانون، ولذلك تركت هؤلاء الإعلاميين «يبرطعون» فى قنواتهم الخاصة، يهاجمون الثوار ويضخمون الأزمات ويلقون بالاتهامات هنا وهناك ويسبون الثورة والثوار، بلا رادع، وكأنهم نسوا غلطة أسلافهم فى 52 و71 أو لم يعوا درسهما أو لم يطلعوا على المذابح السابقة أصلاً، فكرروا الخطأ نفسه، ولكن ثورة 25 يناير لم تمس أحداً منهم بسوء، لم تحاكمهم، ولم تنقل أياً منهم إلى باتا أو عمر أفندى، وإن كانت تكتفى بالنظر إليهم بسخرية مكتفية بعزلهم شعبياً وجماهيرياً.

Obattisha@yahoo.com