عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يوليو .. سليمان .. والرئيس

تتوالى الأحداث على مصر وتتاح الفرصة للدكتور محمد مرسى ليثبت أنه رئيس لكل المصريين وليؤكد أنه رئيس مصر حقاً ، ولكنه للأسف يُضيع الفرص تباعاً ، ليزيد القلق فى قلوب المصريين .

إن ثورة يوليو هى ذكرى غالية على قلوبنا مهما كانت إنتماءتنا الفكرية وتوجهاتنا السياسية ، ليس حباً فى عبد الناصر ولكن لأنها الثورة التى حققت لمصر جلاء المحتل ، وإقامة النظام الجمهورى ، ولأنها الثورة التى تبنت ثورات التحرر فى المنطقة العربية .
إن تاريخ ثورة يوليو هو التاريخ الذى تحتفل فيه سفارات مصر فى كل العالم باليوم الوطنى لمصر ، هذا اليوم يعنى اليوم الذى تتلقى فيه كافة السفارات المصرية التهانى من دول المقر ومن الممثلين الدبلوماسيين لكافة الدول ، وكم كان هذا اليوم سعيداً بالنسبة لى وأنا أتقبل تهانى التونسيين فى الحفل الذى تقيمه السفارة فى تونس ، وكم كنت سعيداً وأنا أتابع الإعلام التونسى وهو يتناول هذه الذكرى المجيدة .
إسترجعت ذلك كله طوال اليوم ، ولكن ما كان ينغص على هذه الذكرى هو الإحتشام المصرى فى الإحتفال هذا العام ، فكلمة الرئيس جاءت غير معبرة عن حجم تلك المناسبة ، فكون للإخوان موقف مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، فهذا لايعنى أن يكون موقف الرئيس معبراً عن جماعته ...
على رئيس مصر تقدير مناسباتها القومية حق قدرها ، وليس وفق رؤية الجماعة ، حتى لو كان الرئيس هو مرشح الجماعة وحزبها ، فالرئيس الآن هو رئيس مصر ، وثورة يوليو هى ثورة مصر ، والتاريخ سيكتب اسم " مرسى " فى نفس السجل المكتوب فيه بحروف من نور اسم " عبد الناصر " ، فهل سترفض الجماعه هذا السجل الوطنى أم أنها ستمحو ما كان قبل مرشحها .
الشعب المصرى فى أمس الحاجه إلى أن يطمئن إلى رئيسه ، يطمئن إلى أن تاريخ مصر لن تمحوه جماعة أو حزب ، فأهم حدثين مصريين فى التاريخ الحديث ــ وهما ثورة يوليو وحرب أكتوبر ــ لا يروقان للجماعة نظراً لخلافها مع زعيميهما ، فماذا هم فاعلون ؟ .
من أهم مراسم الإحتفال بذكرى ثورة يوليو هى زيارة رئيس الجمهورية  لقبر الزعيم جمال عبد الناصر ، وهو ما لم يتم هذا العام ، حتى كلمة الرئيس بهذه المناسبة لم تأتِ للإحتفال بالثورة بقدر ما أتت لإظهار سلبيات هذه الثورة من وجهة نظر البعض ، وهذا لايتناسب مع قدر ومنزلة رئاسة الجمهورية  .
وتذكرت كلمة الرئيس لأهله وعشيرته فى ميدان التحرير ، " الستينيات وما أدراك ما الستينيات " ، وما أراد الرئيس إيصاله ــ دون إفصاح ــ عما عانته جماعته خلال هذه الفترة ، ولكن بعد هذه الكلمة بساعات قليلة ، إستضافت إحدى الفضائيات المصرية " أخو الرئيس " ليتحدث عن عائلة الرئيس ، وتحدث الأخ أنهم أسرة مصرية عادية لا يملكون سوى " الفدانين اللى خذوهم من عبد الناصر " ، فالرئيس وجماعته يكرهون عبد الناصر ، نظراً للعلاقة التى تتطورت من دعم الجماعة للثورة ، وإستثناء الجماعة من قرار عبد الناصر بحل جميع الأحزاب السياسية ، مجاملاً للجماعة ، ومعتبراً إياها جماعة دعوية ، إلى محاولة

الإغتيال والتاريخ الذى نعلمه جميعاً ، أما أسرة الرئيس فهى من الأسر المصرية العديدة التى إستفادت من ثورة يوليو وقراراتها السياسية والإجتماعية ، وهكذا نجد أن الرئيس سار فى فلك جماعته  .
أما الحدث الآخر الذى أثبت فيه الرئيس بجدارة أنه ليس رئيس كل المصريين ، هو وفاة اللواء عمر سليمان ، ذلك الرجل الذى خدم وطنه طوال حياته دون ضجيج ولا أضواء ، عمر سليمان كان رجلاً عسكرياً ، وتاريخه العسكرى يستحق الإحترام والتقدير ، وترأس جهاز المخابرات لفترة طويلة ، لم يدخر فيها جهداً لخدمة وطنه ، وهو رجل تعرف دول العالم قدره ، ويحظى بإحترام أعداء مصر قبل أصدقائها ، رجل لم يفصح ببنت شفاه رغم كل ما يعلمه ، فهو يعرف قيمة المنصب الذى كان يتولاه ، رجل آثر الإبتعاد عن صخب الحياة السياسية ، هذا الرجل الذى عندما تم تعيينه نائباً للرئيس إلتقى أول من إلتقى قادة الجماعة ، رجل كان منصبه "معلوماتى" وليس "تعذيبى" ، فما سر هذا الإستعداء الغريب الذى وجدناه من جماعة الإخوان وغيرها من بعض التيارات الدينية الأخرى ، ناسين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تظهر الشماته لأخيك فيعافيه الله ويبتليك " .
إن جنازة رئيس المخابرات السابق وعزاءه لا خيار فيها لرئيس الدولة ، فهو من كان لا بد أن يتقدم المشيعين والمعزين ، فهذا أمر لا يحتاج إلى تردد ولا إلى مشورة هيئة الشورى ولا قرارت مكتب الإرشاد ، فهذا قد يجوز للمرشد وقادة الإخوان ، أما رئيس مصر فالأمر مختلف ...
كنت أتمنى أن يعمل الرئيس على أن يثبت للشعب المصرى كاملاً ــ ولغيره ــ أنه يقوم بواجبات وظيفته ومسئوليته تجاه مصر تاريخاً ورجالاً ، فتاريخ مصر لايمكن تغييره ، ورجالات مصر لا يمكن تجاهلهم ..
فلتختار الجماعة ما يتناسب مع معتقداتها ، فهذا شأنها ولا يهمنا ، أما الرئيس فيجب أن يختار وفق مسئولياته تجاه الشعب المصرى باكمله .
الظروف واتتك لتطمئن الشعب ولم تفعل  ، وأبت الجماعة  إلا أن تصفى حساباتها مع الماضى على حساب الحاضر والمستقبل .