رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مبني الشعب - معتقل لتعذيب الشعب

مبني الشعب - معتقل لتعذيب الشعب
------------------------------------------
ترجمة مقال في جريده فرنسية يوضح المكان المستخدم في تعذيب المتظاهرين و هو مبنى الرى القديم...والذي تم تجديده بالكامل بعد حريق 2008، وأكثر ما يميزة طلاء بعض أجزاء من الحوائط والأعمدة بالذهب

------------------------------------------

في القاهرة , 55 دقايقة مع المخابرات
لقد قبض على مراسلنا الخاص و عرض على استجواب رجال الشرطة التابعة للنظام. هذه قصة ساعة لا نهاية لها.

من الممكن أن تصبح طويلة جدًا ساعة زمن عندما تكون عاجز. كنت متوجها إلى المظاهرات من نهاية شارع القصر العيني الذي كان الأمس مسرح الإشتباكات الرئيسي. في القاهرة هذة الايام الوضع يتغير في كل خطوة و كل لحظة, فيجب أن نتحرك بحذر لأن رجال الشرطة ربما يكونون معك او ضدك و كذلك المواطنون أيضا.
الساعة الثالثة الا الربع. يوقفني جدار عازل خرساني و أسلاك شائكة و عشرات العساكر تغلق الطريق فيصبح من المستحيل العبور. أحول الى اليمين و أمشي خمسين متر حتى يقبض علي رجل مخابرات(امن دولة). إنه مخبر من الأجهزة الاستخبرات التي تتكون من عشارات الآلاف و تمثل الشرطة السياسية التي لا يمكن أن توقفها. يكفي لهم أن يظهروا بطاقتهم ليخرس أي مواطن مصري.
المحاولة الأخيرة
رأيت الوضع ينقلب ضدي لأول مرة في القاهرة، في فبراير عندما قبض بعض المخبرون علي أخرجوني بعيدًا عن وسط البلد. ثم أوقفتنا لجنة من اللجان الشعبية التي كانت الناس البسيطة تنظمها لتحمي نفسها من المساجين الهاربين بيد رجال مبارك. فإن هؤلاء المصريين البسطاء أعطوا أوامر لأسيادهم بالرحيل ,الذين استخدموا سحرهم المعهود بكارنيهاتهم المخيفة وصوتهم العالي , هذا السحر الذي لم يعمل هذة المرة, ففقدوا التسيطرة علي كل شئ في البلاد. بل انهم اضطروا لأن يهربوا أمام غضب الشعب. فجأة كانت قوتهم الشاسعة تختفي. كانوا مرعوبين و ربما يتذكرون هذه الأوقات في الوقت الحالي فيحاولون بأي طريقة أن يحافظون على سلطتهم.
المخبر يمسك يدي بقوة و لكن بدون سبب لأني لم أفكر في الهرب. مشكلة المخبرين انهم أقوياء كما هم أيضا أغبياء. بالفعل حتى إن كنت تمكنت من الهرب فلن استطيع أن اهرب بعيدًا. دون أي كلمة يعيدني إلى الجدار العازل و نعبر من خلاله.
حي ملئ بالشرطة
إنني أتواجد الآن في حي شرطة بلا حدود من القوة و من المستحيل أن اواجهه بمفردي. لهذا السبب قامت ثورة يناير بقوة شديدة , لا يوجد حل اخر, كان لابد أن تكون الثورة بهذا الحجم. فاصبحت كتلة النظام ضد كتلة الشعب.
إنني الآن في مكان بين جانبي القصر العيني و يمثل هذا المكان في الوقت الحالي بقاء النظام, كأنه حي شرطة يحكمه مئات العساكر و ضباط الشرطة و المخبرين. هذا الموقف يستحق سيجارة. إني أولعها تحت شمس ديسمبر اللطيفة عندما المخبر يلتقي مع رتبة أعلى منه, "رجل سمين بجاكت للمطر".
" إنني صحفي و هذا عملى"
إنه يتهمني و يقول لي "لقد رأيتك في المظاهرة أمس و كنت أمام مجلس الشعب و كنت تصور". فقلت له "بالطبع كنت أصور لأني صحفي و هذا طبيعة عملي" رد "أعطني أوراقك!". فأعطيت لهم جواز سفري و الإعتماد المصري. في الخمسة و اربعين دقيقة القادمة كان المطلوب مني أن أرد على الأسئلة و أعطي أوراقي و أنتظر. هذا ما يحدث في حي شرطة.
أعود لشارع قصر العيني بين عساكرو ظباط شرطة و مخبرين والمرة الثانية عساكر و أخيرا مخبرين. على الطريق أجد مشهد ينم عن الفوضى التي تركتها اشتباكات الجمعة و كأن الشارع شهد زلزال. الأرض مليئة بالحجارة و قطع من الزجاج و بقايا الحرائق على الأسفلت. و البعض يستعجلون في كنس الشوارع.

احتلال للأرض
أصل إلى مجلس الشورى الذي يمثل قلب حي الشرطة. حضر إلى المخبرون أمام البوابة وبدئوا يسألوني أسئلة عامة وأنا أرد بطريقة عامة. نحن على بعد مائتي متر فقط من ميدان التحرير. صوت المتظاهرين يتردد. إنهم مستعدين! يهتفون من قلبهم "الشعب يريد إسقط المشير".في حين تقرب أمامنا سيارة نقل تحمل كتل من الخرسانة الضخمة سيسدون شارع القصر العيني.إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يديرالبلاد فيتعامل هؤلاء العساكر مع هذه المظاهرات كعسكريين: إنهم يحتلون شارع وراء شارع و يحافظون علي أماكنهم و يبنون دفاعاتهم و يستكملوا اليوم التالي. إنهم يحتلون الأرض. إنه واضح دون لبس.
مازالت أنتظر. العساكر تذهب و ترجع, في حين المخبرون يشربون سجائر ,هؤلاء وظيفتهم ان يندسون بين المتظاهرين . "إنهم بين المتظاهرين".

لوح جميلة و علامات من الدماء
يطلبون مني عبور البوابة. و المخبر الذي يحركني يزداد خشونة في التعامل و أنا مازالت أطوف. المخبرون يفتشوني و يفتشون حقيبتي بدقة و يستغربون "لا يجد أي جهاز تصوير".على الأرض تجد الحجارة التي القاها المتظاهرون فوق مبنى مجلس الشعب فأفكر "عمل عظيم يا رجال" و لكني أفضل أن أصمت.
بعد مجموعة أخري من الأسئلة أدخل مبني مجلس الشورى. يزداد المخبر خشونة في التعامل و مازلت امشي, إنه مبنى جميل الديكور بسيط و لكنه أنيق يوجد أعمدة ذهبية ناعمة بطول عشرة متر فوق هذا الديكور يصل حتى السقف. على الجدران لوح جميلة و على رخام الأرض آثار دماء, نعم إنها قطرات,إنها آثار من الدماء على هذا الرخام.
حوّل سكان هذا الحي الشرطي مجلس الشورى إلى مكان قيادة. نتابع آثار الدماء في الممر حتى ننفصل عنها في مفترق و نكمّل في اتجاه اليمين.
"
بناء على الفقرة التي يقال فيها
انه مبنى جميل، له ديكور بسيط، ولكنه انيق ويوجد به اعمدة ذهبية ناعمة بطول عشرة متر حتى تصل الى

السقف وعلى الجدران لوحات جميلة والارض رخام....
هذا الوصف ينطبق على مبنى الرى القديم...والذي تم تجديده بالكامل بعد حريق 2008، وأكثر ما يميزة طلاء بعض أجزاء من الحوائط والأعمدة بالذهب
هذا المبنى الأثري أسقفه مرتفعة للغاية ويتميز بكثرة الممرات الفرعية التي تتفرع من بعضها البعض
شهاده احد العاملين في داخل مبني مجلس الشوري
"
يريدون أن يرهبوني
فجأة أصبح ميدان التحرير بعيدًا و لا أسمع غير الصراخ الشديد. لقد اقتربت و الآن أسمع الضرب. في نهاية الممر اثنين أو ثلاث أشخاص يتم ضربهم و من خلفي يأتي شخص آخر له نفس المصير و يرتجف من الخوف. يدفعونه إلى نهاية الممر و ينضم صراخه لصراخ الآخرين. الآن أشعر إني في منحدر النهر و أكاد أغرق.
في ماذا لابد أن نفكر في هذه اللحظات؟ نفكر في اللحظة الحالية و ليس في الذي سوف أو قد سيحدث. يريدون أن يرهبوني. نعم, أشعر بالخوف و لكني لا أريد أن أبيّنه علي ملامحي فلا أسمع شيء آخر غير قلبي الذي ينبض بقوة. و في حالة إني سوف اضرب خلال الخمس دقائق القادمة فلدي الوقت الكافي لأفتخر. خمس دقائق وقت طويلاً جدًا خاصةً عندما تكون عاجز. جسدي يبتعد عن الجدار دون وعي عندما يمتلئ الممر بالصراخ و صوت الضرب. أمامي مخبر يراقبني و يرى بطرف عينه إن كنت ارتعش أم لا.
لا أفكر في شيء
في ماذا أفكر في هذا الوقت؟ هل يستوعب إنه جلاد؟ بالطبع لا : حتى أنا أجهّز نفسي للصراخ و أتهب أن أضرب. يبدو أنهم يبعدون و لكن مازال الضرب مستمر و قوي، لقد اقترب دوري، اثنين من رجال الشرطة يعبرون أمامي و هم يسحبون شخص من الأشخاص الذين تم ضربهم. إني أرآه ولا استطيع ان أفكر في شيء. هذا المخبر لديه تقريباً أربعون عاما و بالتأكيد نصفهم قضاهم كجلاد. يشعل سيجارة بهدوء شديد و يشرب كوب من الماء بهدوء شديد أيضا.
الآن يأتي القائد. رجل عجوز حوالي ستون سنة, حليق الذقن و أنيق ببدلته المضبوطة. إنه رئيس الحي الشرطي. يشرب سيجارة و يطرح علي بعض الأسئلة المعتادة باللغة الإنجليزية: ماذا أفعل اليوم و ماذا فعلت بالأمس و هكذا. سألني ماذا أفعل ببطاقات أعمال أعضاء حزب النور و الإخوان و الوسط, فقلت له "إني صحفي و أغطي الانتخابات المصرية فمن الطبيعي أن أتكلم مع كل الناس". يرفع صوته و بأسلوبه المهذب المنزعج كأنه فيطرح علي الكثير من الأسئلة : أين أسكن و مَن أعرف و مِن أين أتي. إنني اجيب. أسلوبه أفضل من أسلوب ظباطه بكثير.
أهلا بك في مصر
الممر مازال مليء بالصراخ. إنه يضحك و ينبّهني " أنصح حضرتك بتجانب المناطق الساخنة لأن الناس ربما تكون خطرة". مازال الصراخ في الممر. إني أبتسم و أقول "لقد فهمت و لكن لا أستطيع لأن هذه طبيعة عملي". مازلنا نبتسم أنا و رئيس المخبرين أثناء هذا الاستجواب في مجلس الشورى الذي أصبح مقر قيادتهم و بجانبي ناس تضرب. مازلت أطوف بقليل من الكبرياء لأن هذا كل ما يمكنني حتى الآن, إذا ضربت شعوري سيختلف تمامًا. إنه يعيد لي الأوراق و يقولي "شكرًا و أهلاً بك في مصر!" .

يغادر و ألاحظ شيء في بدلته الأنيقة: أجد منديلا ملتصقاً تحت كعب حذاءه الأيسر "إنها دماء ملتصقة بحذائة".
خرجت من مجلس الوزراء و أرى الجو جميلا . يرسلني المخبرون إلى باب الخروج فأعبر الأسلاك الشائكة التي يسحبها العسكري. الساعة ثلاثة و خمسين دقيقة عصرًا و أصبحت في الخارج. أصبحت خارج حي الشرطة, خارج من النهر. فأولع سيجارة و اسير في اتجاة المتظاهرين في ميدان التحرير.
(Samuel Forey)
المقال الاصلي
http://www.lepoint.fr/monde/au-caire-55-minutes-chez-les-moukhabarat-18-12-2011-1409728_24.php