رسائل الإخوان المسلمين
في الأيام الماضية كتبت عدة مقالات أعلنت رأيي فيها بجماعة الإخوان المسلمين، وأكدت رفضي فكرة تسليم البلاد للجماعة علي المفتاح، وقلت إن الجماعة لها خطابها ورؤيتها الدينية التي ستسعي إلي تسكينها في مؤسسات الدولة، والخطورة في هذا الخطاب أنه سوف يغير هوية وملامح الوطن، كما أن الخروج عليه هو بالضرورة خروج ورفض لشرع الله وسنة رسوله الكريم، وأكدت خلال المقالات انحيازي للدولة المدنية، خلال نشر المقالات تلقيت عشرات الرسائل من أعضاء بجماعة الإخوان علي بريدي الإلكتروني
، جميعها ولله الحمد مليئة كما يقولون: من المنقي خيار، كلها شتيمة مثل: يا حمار، يا جاهل، يا حاقد، يا كاره لكل ما هو إسلامي، يا ليبرالي، يا علماني، بعض الرسائل تضمنت ألفاظا لا يمكن نشرها، والطريف في هذه الرسائل أن الشتيمة تسبقها دائما حرف النداء « يا»، يا حمار، يا جاهل، يا ملحد، والحقيقة توقفت أمام هذه الملاحظة كثيرا، وضربت أكثر من علامة استفهام، لماذا؟، لماذا ينادون علي لكي يشتموني؟، ولماذا لا يسبونني دون ان ينادوني ؟، وبالطبع فشلت في التوصل لسبب، لكن بعد فحصي الرسائل جيدا، اكتشفت أن البعض استخدم حرف الإشارة « أنت» قبل أن يشتمني، قال: أنت حمار وكاذب، وأذكر ان أحدهم كتب: أنت كاتب فاشل وطور، وأذكر كذلك ان إحدى الرسائل قالت لي: انت كلب أعور.
في ساعة صفا جلست وجمعت من بعض الرسائل كلمات الشتيمة، واتضح أن اغلب الكلمات جاءت من أسماء الحيوانات التي يتم تدجينها، مثل: «الجاموسة، والحمار، والطور، والجحش، والكلب»، واتضح ان هذه الحيوانات لها علاقة وثيقة بأوصاف الجهل، والغباء التي شتموني بها، وبالطبع الربط بين الحيوانات والأحكام التقييمية الإنسانية شائع في الثقافة العربية، وقواميس اللغة العربية مليئة بمثل هذه التشبيهات، مثل قولهم: أجهل من دابة، أو أنت حمار يا حمار.
لا أخفي عليكم أن هذه التشبيهات الحيوانية استوقفتني بشدة، ومن المؤكد أنها لفتت انتباه غيري من الكتاب الذين يتعرضون للشتيمة، وبصراحة كان يجب ان أتوقف أمامها وأبحث فيها، لماذا نشبه عيوبنا بالحيوانات؟، لماذا نحكم علي تصرفات البعض بالحيوانية؟، لماذا نحمل الحيوانات جميع عيوبنا ونواقصنا؟، وما أدرانا أن الحمار لا يفهم؟، ومن الذي قال إن الجاموسة ميح جاهلة؟، ومن الذي تأكد أن الطور طور الله في برسيمه؟، لماذا نحتقر الحيوانات لهذه الدرجة؟، هل لأنها تخدمنا؟، هل لأن الإنسان هو الذي يدجنها؟، هل لأنها تطيع الإنسان وتفعل ما يأمرها به؟، ولماذا الحمار تحديدا من بين الحيوانات الذي يحضر دائما عند وصف أحدنا بالجهل أو الغباء أو عدم الفهم؟.
زمان في منزل جدي أذكر عندما كنا نركب الحمار ونضل الطريق يقال لنا: ارخ اللجام واترك الحمار سيوصلك لحد
[email protected]