رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بلطجة مجلس الشعب

نشر نهاية الأسبوع الماضى أن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب، قد وافقت بصفة مبدئية على اقتراح بمشروع قانون بالعفو الشامل عن الجرائم السياسية، التى وقعت فى الفترة بين ٦ أكتوبر ١٩٨١، و١١ فبراير ٢٠١١، استثنى القانون المتهمين بجرائم إرهاب ومرتكبى جريمة الخيانة العظمى.

وبالطبع مشروع قانون مثل هذا يلفت الانتباه، أولا لأنه عن الجرائم السياسية، ثانيا انه سيعفو عن العديد من المعارضين للنظام السابق، لكن الذى يلفت الانتباه أكثر ويثير الدهشة أن العفو أو التخفيف عن العقوبة حسب الدستور المعطل يصدر بقرار من رئيس الجمهورية شخصيا، وان هذه الرخصة منحت للرئيس وليس لمجلس الشعب أو حتى لرئيس الحكومة، حيث جاءت الرخصة فى نص المادة(149) من الدستور المعطل على النحو التالى:  «لرئيس الجمهورية حق العفو عن العقوبة أو تخفيفها، أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون»، وقد نقلت بحمد الله وفضله هذه الرخصة من الدستور المعطل إلى البند رقم(9) من المادة (56) من الاعلان الدستورى، وأصبح المجلس العسكرى بنص المادة هو صاحب سلطة: «العفو عن العقوبة أو تخفیفها، أما العفو الشامل فلا یكون إلا بقانون» .
وكما قرأتم فالنص واضح وضوح الشمس محدد وقاطع دون لبس أو غموض: العفو الجزئى من سلطة رئيس الجمهورية، له أن قد يعفى أحد الأشخاص من تنفيذ عقوبة لأى اعتبار كان: المرض، الشيخوخة، العجز، الظروف الاجتماعية، وقد تم تقييد العفو فى حالة أو حالتين أما العفو الشامل فقد اشترطت المادة أن يصدر عفوه هذا فى قانون، مثل العفو عن الذين قضوا نصف المدة بمناسبة الأعياد، والعفو هنا كان جزئيا او شاملا لا يسقط الاعتبارات الادارية المترتبة على الجريمة، حيث لا تسقط الجريمة من ملف المعفى عنه قبل انقضاء فترة معلومة، كما ان رخصة الرئيس هنا لا تعطى المعفى عنه حق المشاركة السياسية او العودة إلى وظيفته.
حسب النص رئيس الجمهورية هو الذى يحيل مشروع قانون العفو الشامل إلى مجلس الشعب،ويقره المجلس من الناحية التشريعية ثم يعيده مرة اخرى لرئيس الجمهورية لكى يصدره، وكما هو واضح فالنص لم يرخص لمجلس الشعب سلطة العفو الجزئية ولا الشاملة، فكيف إذن وافقت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية على مشروع مثل هذا؟، هل أحاله المجلس العسكرى الحاكم(بصفته الدستورية كرئيس للبلاد) إلى مجلس الشعب؟.
اتصلت بأحد الأصدقاء وأرسل لى مشكورا نص مشروع القانون، وتبين انه مقدم من النائب عامر عبدالرحيم وليس من المجلس العسكرى أو من الحكومة، وهو يتكون من أربع مواد، الأولى منها تناولت الجريمة وليست العقوبة: «يعفى عفواً شاملاً عن الجنايات والجنح والشروع

فيهما التى ارتكبت لسبب أو لغرض سياسى وتكون متعلقة بالشئون الداخلية للبلاد، سواء أصدرت على مرتكبيها أحكام أم لم تصدر، وذلك فى المدة بين 6/10/81 إلى 11/2/2011. وتأخذ حكم الجريمة السابقة كل جريمة أخرى اقترنت بها أو تقدمتها أو تلتها، وكان القصد منها التأهب لفعلها أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهروب أو التخلص من العقوبة أو إيوائهم أو إخفاء أدلة الجريمة، ويدخل فى نطاق العفو الشامل أيضاً الأفعال والأقوال التى حدثت بغرض السعى لتغيير نظام الحكم السابق».
ونص المادة كما هو واضح يتضمن عوارا على قدر كبير من السوء، وهو مخالفته بفجاجة وبشكل مباشر للدستور، بمعنى آخر انه يضرب عرض الحائط بالدستور فى عدة نقاط، الأولى: إنه تغول على سلطة رئيس الجمهورية(المجلس الحاكم العسكرى)، واقتنص لنفسه رخصة رخصها الدستور للرئيس وحده، الثانية: إنه يستخدم الرخصة(العفو) فى اسقاط الجريمة وليس فى تخفيف العقوبة أو الاعفاء منها، ثالثا: انه يسقط عدة جرائم وليس جريمة بعينها عن جميع من سجنوا أو اتهموا خلال فترة زمنية، رابعا: انه اسقط السابقة من ملفاتهم بصدور العفو عنه، كما انه أعفاهم من اقامة دعوى قضائية لرد اعتبارهم بعد ست سنوات، وهو ما يعنى السماح لهم (مهما كانت نوعية الجرائم التى سجنوا من اجلها) فى الاشتراك والانخراط بالعمل السياسى والنيابى وتولى مناصب ووظائف سيادية.
بالطبع تغول وتجاوزات مثل هذه تضعنا فى حيرة عند توصيفنا ما يقوم به مجلس الشعب او لجنته التشريعية، كيف نوصف هذا التغول؟، ماذا نسميه؟،  لماذا يختزل المجلس جميع السلطات فى سلطته؟، هل رئيس اللجنة التشريعية لا يستطيع التمييز بين السلطات؟، هل المجلس يمارس وظائفه بالدراع بالبلطجة؟.
[email protected]