رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فساد البرلمان يتحدى الثورة (2)

سلسلة الفساد التى حفل بها مجلس الشعب خلال العقود الماضية ليس لها نهاية. وجاءت المظاهرات التى أحاطت بمكتب أمينه العام الأسبوع الماضى، من قبل العمال المؤقتين، خير دليل على أن حماة الفساد لا يقدرون، عند الجد، عن دفع الأذى عن أنفسهم.

فقد احتج العمال على عدم التزام الأمين العام بقرار نائب رئيس الوزراء السابق بتعيينهم فور، بعد أن سبق أن منحهم وعدا بالتعيين الفورى فى أعمالهم داخل المجلس. فقد ظن العمال أنهم سيجبرون الأمين العمال للخضوع إلى مطالبهم ولى ذراعه، قبل أن يتشكل البرلمان الجديد، ويكون لديه سعة من الوقت للمناورة معهم، بالتراجع عن وعوده السابقة، أو تقوى شوكته، فيحنث بوعوده. وكما بدأت التظاهرة، انتهت بنفس الصورة، لأن الطرفين «دافنينه سوا» فلا التعيين جاء من ذى صفة، ولا حق للمتظاهرين فيما يطلبونه.
كشف الخلافات بين الطرفين عن صدق البيان الذى أعده بقايا المخلصين فى مجلس الشعب الأسبوع الماضى، والذى وَصَف حالة الفساد فى البرلمان، بأنها عملية منظمة، وكانت تتم جهارا، بمباركة رؤوسه، وجميع الأجهزة الرقابية والأمنية التى نال رموزها من «الفساد جانب». ونظراً لأن المساحة لم تمكننا من نشر البيان بأكمله، نواصل اليوم استكمال ما قطعناه على أنفسنا بأنه لن يكون للفساد ستار بعد اليوم، داخل البرلمان أو خارجه. يذكر البيان:
قام المستشار سامى مهران الأمين العام لمجلس الشعب، بموافقة من الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء الأسبق، بتعيين نحو 600 عامل كانوا يعملون بنظام اليومية لصالح صندوق العاملين بالمجلس. وسبق أن استجلب العمال للمجلس بطرق ملتوية ومشبوهة تماما ودون أدنى مقتضى منطقى سوى المجاملات والمصالح الخاصة. وتم تعيين هؤلاء بنظام «الشروة» دون نظر لمؤهلاتهم وتخصصاتهم بعد أن تظاهروا وهددوا واجبروا القائمين على الأمر بالمجلس على الخضوع لما يريدون.
فى اطار هذه «الهوجة» تداعى العشرات من كبار العاملين بالمجلس للضغط على الأمين العام لتعيين أبنائهم بالامانة بغض النظر عن مؤهلاتهم أو حاجة المجلس الفعلية لها، مستغلين ضعف مهران بعد احالته للتحقيق فى جهاز الكسب غير المشروع، ورغبته فى التستر على ملفات الفساد العديدة بالأمانة طيلة عهده الطويل. فقام الأمين العام بتشكيل لجنة مختصة بتعيين أبناء العاملين ترأسها السيدة مساعد الأمين العام للنظر فى قواعد تنظيم التعيين ليس بقواعد الكفاءة أو مراعاة القانون واللائحة التى تقضى بضرورة شغل الوظائف التى يحتاجها المجلس من خلال إعلانات عامة بقواعد واضحة وشفافة ومتاحة للجميع لتضمن اختيار الكفاءات التى تناسب عمل المجلس. وتناست اللجنة «الموقرة» جميع مقتضيات القانون ولائحة العاملين للتعيين بالمجلس، واعتمدت على توريث الوظائف لأبناء العاملين وفقا لأقدمياتهم المطلقة أيا كان مؤهلهم أو تخصصهم. ووصل الأمر إلى الموافقة على تعيين بعض أبناء العاملين بالثانوية العامة والإعدادية بل دون مؤهل لبعض الحالات.
ويذكر البيان: وفقا لهذا النظام المجافى للقانون، وافق الأمين العام على تعيين مائة من أبناء العاملين على قاعدة الأبعدية والتكية المطلقة وأيضا للحق الأقدمية المطلقة بناء على تفويض مشكوك فى مشروعيته وشرعيته صادر من د. يحيى الجمل، نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون السياسية، وهو ما أغمض أعين الكثيرين وقطع ألسن الكثير من المستفيدين.
وفى هذه الأيام بعد البدء فى الانتخابات البرلمانية والتأكد من قدوم برلمان جديد ذى رئاسة جديدة وبعد أن إطمأن قلب سامى مهران على عدم تركه المنصب وترك الأمر كما هو عليه، ورغبة فى توطيد أركانه مع رئاسة المجلس الجديدة، ألقى آخر ثعابينه فى وجه الجميع ليهدم آخر لبنة من لبنات تلك المؤسسة التى من المفترض أن تحمل عبء التحول الديمقراطى فى السنوات القادمة بكفاءات عالية وهمم قوية. فقد أبى سامى مهران إلا أن يفرقها قبل أن يجمعها أحد استكمالا لدوره السابق فى النظام المخلوع فى وأد كل سنى نور للحرية أو الديمقراطية أو الآليات البرلمانية السليمة، وكان ذلك بالقاضية حيث أرسل اثنين من كبار موظفيه وهو

أحد المنتفعين من تعيين الأبناء والبنات، فى سيارة المجلس، كما حدث مع فتحى سرور يوم حل المجلس، ليوقع لهم قرارا بتعيين 120 من أبناء العاملين على دفعتين من ناحية، وبحركة ترقيات وتسويات طالت ما يزيد على مائة موظف تم إرضاؤهم حقا أو إلهاؤهم حتى يخرس كل لسان فى حضرة المجلس الجديد وحتى تخفض كل عين إذا أزفت الآزفة.
ويضيف البيان: الآن أصبح الأمر بين يدى الشعب وبين يد من بيده الإصلاح، فالأمر يتعلق بالمؤسسة التشريعية التى يتطلب العمل بها مهارات خاصة لا تتوفر للجميع، ووفقا لمسابقة عامة على مستوى الجمهورية، تتسم بالشفافية والكفاءة، وهو ما لم يحدث وما لن يحدث على مدار الثلاثين عاما القادمة وفقا لأعمار الأبناء التى قدمت على المجلس. ونهاية فإن كل القرارات التى صدرت وكل المراكز القانونية التى نشأت بالتعيين أو تغيرت بالتسويات أو بالقرارات الإدارية هى قرارات باطلة، ويجب مراجعتها وفحصها بالكامل، ومراجعة قرارات التفويض التى صدرت من رئس مجلس الوزراء لنائبه للشئون السياسية (د. يحيى الجمل ومن بعده) مذكرين بأن السلطة الممنوحة لهما كانت لتسيير الأعمال، وهو ما كان يستدعى عدم اتخاذ أى قرار من شأنه إنشاء أو تغيير المراكز القانونية، إلا ما تفرضه حاجة العمل، حتى يأتى صاحب القرار والحق الشرعى ليتخذ قراره وقرار الشعب.
ويطالب البيان بوقف جميع قرارات التعيين والتسوية والترقية التى أصدرها الأمين العام لمجلس الشعب ود. يحيى الجمل ومن بعده د. على السلمى منذ 25 يناير 2011 حتى الآن، وكذا حالات المد وتسلم العمل منذ ذلك التاريخ. وتشكيل لجنة قضائية مستقلة لفحص جميع الأوراق المتعلقة بهذه الحالات واستبعاد كل ما تم منها مخالفاً للقانون وللائحة العاملين بالمجلس وقواعد الشفافية والعدالة ومنطق الموائمة الذى يحكم سلطات القائمين على الأمر خلال هذه المرحلة الانتقالية.
ويذكر البيان فى نهايته: هذه صرخة لإنقاذ الأمانة العامة لمجلس الشعب.. مما تشهده من هدم ممنهج لأركانها لحساب مصالح ذاتية ضيقة وأطماع زائلة وتوريث ممن لا يملك لمن لا يستحق.. والله من وراء القصد. ونحن بدورنا نؤكد أن ترك الفساد ينخر فى البرلمان بهذه الصورة الفجة، سيجعل من النواب الجدد ألعوبة فى يد صغار الموظفين وقادتهم الذين ربوهم على دفن التراث البرلمانى الحقيقى، وتحويل أية أدوات برلمانية ديمقراطية إلى شوكة فى ظهر الشعب، ووسيلة للقضاء على سيادة القانون داخل محرابه. ونعد هذا البيان ليس بلاغ للنائب العام الذى تسلم نسخة منه فقط، بل للشعب الذى أراد الحرية، ونالها عبر صناديق الانتخابات، وعليه أن يصل بنوابه إلى بر الأمان.