رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

هل بدأ مسلسل تفتيت مصر؟

لا شك أن ردّ الفعل العفوي لعموم المصريين على حادث الانفجار الإرهابى أمام كنيسة القديسيين فى الإسكندريه ليلة رأس السنه هو شعور بالغضب مع الدهشة من غرابة التوقيت والمقصود به إثارة أكبر قدر من الصدمة والسخط والحزن بين المصريين فى ليلة يتسابق فيها الجميع مسلمون ومسيحيون على التعبير عن فرحتهم باستقبال عام جديد بمختلف الوسائل الجديدة والغريبة فإذا بفرحهم ينقلب حزنا وبسعادتهم تنقلب سخطا وخوفا من المجهول الذى ينتظر أرض الكنانه ويتخوف الجميع من قدومه وهذا المقال هو محاوله للخروج من حالة الصدمه التى أصابت الجميع بحاله من الشلل الدماغى  فلم نعد ندرك ماذا جرى لنا ولا ماذا حاق بنا.

 

1 ـ التفجيرلا شك أنه حدث مخابراتي تم تدبيره من جهة محترفة  وبتوقيت محسوب وبناء على رصد مدقق لحوادث الاحتكاكات الأخيرة بين المسلمين والأقباط بمعنى آخر هو محاولة محسوبة لتوظيف عناصر الإحتكاك لإحداث أكبر قدر من الصدمة والغضب والتصدّع فى الجبهة الداخلية التى بدأت تهتز بشدة فى الفترة الأخيرة إثر عمليات التزوير الفاضحة التى جرت فى انتخابات مجلس الشعب 2010، ومعنى ذلك أن هناك توظيفا مباشرا للوضع السياسى فى إحداث مزيد من التخلخل فى الجبهة الداخلية واستغلال حالة الاحتقان والتباعد بين الحاكم والمحكوم، والتى زاد منها ردّ الفعل المتسم بالكبرياء والتعالى من قيادات الحزب الحاكم على كلّ ما قيل عن وقائع التزوير الموثقة، فنحن إذن أمام نوع من التوظيف الدقيق للواقع المصري لإحداث مزيد من التصدع فى الجبهة المصرية.

2 ـ من المقطوع به وهذا رأى عموم المصريين أن هذا الإرهاب الأسود لا يمكن أن يقوم به مصري لأن ما يصيب الوطن يؤثر بصفه مباشرة على المصريين الذين يتعرضون بصدورهم المفتوحة لهذه الحوادث الإجرامية بعكس النخبة الحاكمة التى تتمتع بحماية مشددة فى السكن والشارع والعمل فالشرطة كما يشعر عموم المصريين جلّ جهدها فى تأمين النخبة الحاكمة ولم تعد كما كانت فى خدمة الشعب.

3 ـ أن ما تم التوصل إليه من أنّ التفجير حدث من خلال إرهابي وليس من خلال عبوة مفخخة فى سيارة أمرغريب لأنه محاولة مقصودة لإبعاد الشبهة عن الأيادي الخارجية وبالتحديد إسرائيل، خاصة وأن هناك تصريحا نسب إلى القاعدة باستهداف الكنائس فى مصر، وهو تصور يجب أن نتعامل معه بحذر شديد لأن معظم حوادث التفجير فى مصر تمت من خلال عبوات مفخخة.

الأمر إذن يحتاج إلى مزيد من التدقيق، وأن نترك الأمر لجهات الأمن فى الشرطة والمخابرات لتدقيق الحدث ومعرفة الفاعلين بالتحديد ودون أي مواربة، وهو أمر أثق كباحث سياسي فى إتصاف جهات التحري به خاصة المخابرات المصرية.

4 ـ إننا يجب كمصريين أن نعي أنّ اكتشاف شبكة الجاسوسية الأخيرة قد أصاب إسرائيل بضربة أمنية قاصمة وعرض نظامها المتشدد لأزمة مصداقية وشرعية كبيرة ويمكن أن يكون حادث التفجير الأخير هو محاوله لصرف النظر عن هذا العمل المخابراتى المتميز الذى قامت به المخابرات المصرية ومره أخرى أقول أن ما حدث هو جهد مخابراتى لمحترفين لا علاقة له بما يحدث فى مصر من إحتكاكات بين المسلمين والمسيحيين.

5 ـ أقول أننا يجب أن نأخذ تصريح رئيس المخابرات الإسرائيلية السابق عن تهديد الجبهة الداخلية في مصر باستخدام الورقة الطائفية بجدية، لأن استراتيجية إسرائيل الأساسية فى مصر والعالم العربى هى استراتيجية التفتيت وهناك مركز دراسات إستراتيجية فى إسرائيل يقوم على هذا الأمر هو مركز ديان وهو مركز معروف ومرصود ـ وذكرت ذلك في مقال سابق ـ لا شك من رجال المخابرات المصرية وكباحث سياسى أقول: إن إسرائيل لا يمكن أن تنجح فى تحركها العدواني كدولة حاجزة فى

قلب العالم العربى وفى مواجهة الثقل السكانى العربى والعمق الجغرافى للوطن العربى إلا من خلال إستراتيجية التفتيت والتفكيك.

6 ـ هذا الإستراتيجية تحظى باهمية كبيرة فى الدولة الصهيونية لاهتمام الصهاينة البالغ بتحصين جبهتهم الداخليه للتقليل من آثار أزمة الاندماج القومى التي يعانون منها، لأن الشتات الصهيونى أتى من حوالى 90 دولة ولذلك فهم يقيسون سنويا ما يسمى بمؤشر المناعة القومية فى مؤتمر جامعة هرتزليا السنوى وهو من أبرز الفاعليات السنويه فى إسرائيل.

7 ـ إن أبرز معالم القوة الناعمة فى مصر هو التجانس الموجود فى النسيج الإجتماعى المصرى ولذلك     فإنّ كثيرا من العمل المخابراتي الإسرائيلي يوجّه لمصر للقضاء على أكبر مصادر المناعة القومية المصرية وهو ما يجب أن نتنبه له فى مصر حكاما ومحكومين وهذا فصل الخطاب فى هذا الحدث الحزين :

أولا : يجب على النظام الحاكم فى مصر أن يسمع لمرة واحدة لعقلاء وحكماء هذا الوطن وأن يحاول البدء فى نوع من التراضي العام بين الحاكم والمحكوم، ورجاله يعلمون جيدا ماذا عليهم أن يفعلوا فقد بح صوتنا من الحديث فى هذا الأمر.

ثانيا: أن يتصرف عموم المصريين بإحساس عالٍ من المسئولية ويكفوا عن أى محاولة لإشعال مزيد من الحرائق، ونترك الأمر لجهات الاختصاص لتقوم بواجبها، ونحن نثق فى مهنيتها، وكل ما نطالب به هو الشفافية والجديّة ووضع مصلحة الوطن فوق أى إعتبار.

ثالثا : الأمر يحتاج من الرئيس مبارك وكل حديث موجّه إليه من كل مصري مخلص سيذكّره به المولى ـ عزوجل ـ يوم القيامة فى يوم يحاسب ربنا فيه العباد على مثاقيل الذر؛ أقول له: إنّ الأمر يحتاج منك إلى وقفه مع النفس أ وأنت الرجل الشيخ ـ أن تُراجع فيها ما حدث للوطن في الفترة الأخيرة وتتخذ بناء عليه قرارات مؤلمه للنخبة التى تقوم على استنزاف الوطن،  ولكنها ـ أي القرارات ـ ستعيد اصطفاف المصريين حولك من جديد ولن يحميك إلا شعبك ياسيادة الرئيس، فتترس خلف حبّه لك وثقته بحرصك عليه وعلى أمنه وأمانه ويومها لن تحتاج لجيوش الأمن المركزي التى تصيبنا بالاكتئاب وأقولها لك صادقا لن يحمى مصر ويحفظها إلا العدل.

ولن أيأس من توجيه النصح، لأن هذا ما أملكه، وأدعو لك ياسيادة الرئيس بحُسن الخاتمة، وأقول أخيرا مصر أولا ومصر ثانيا ومصر ثالثا، وأذكر بني وطني بأنّ حُبّ الوطن من صميم الإيمان ..اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.