الوفد بين الماضي والحاضر!!
< عهدناهم="" رجالاً="" في="" الشدائد="" قبل="" السرائر..="" عهدناهم="" مخلصين="" لانتمائهم="" وحزبهم="" العريق..="" عهدناهم="" أوفياء="" لسعد="" والنحاس="" وسراج="" الدين="" وكل="" من="" يضيف="" لبنة="" في="" صرح="" الوفد="" العظيم..="" كان="" يوم="" الجمعة="" الماضي="" بحق="" عرساً="" للديمقراطية..="" رغم="" حدة="" المنافسة="" وشراسة="" المعركة="" الانتخابية="" لانتخابات="" الهيئة="" العليا،="" إلا="" أن="" الجميع="" كان="" علي="" قدر="" المسئولية="" في="" السلوك="" والدعاية="" والمبارزة="" السياسية="" المحترمة..="" سخونة="" الانتخابات="" في="" هذه="" الدورة="" نتجت="" عن="" حماس="" الوفديين="" الشديد="" وغيرتهم="" علي="" الوفد="" في="" ظل="" الظروف="" الجديدة="" التي="" تمر="" بها="" مصر،="" وشعورهم="" بأن="" الوفد="" في="" غير="" مكانه="" الطبيعي="" علي="" الخريطة="" السياسية،="" وفي="" حاجة="" الي="" اعادة="" الترتيب="" من="" الداخل="" من="" خلال="" هيئة="" عليا="" قوية="" تنقل="" الحزب="" الي="" مكانه="" الطبيعي="" لقيادة="" مصر="" في="" هذه="">
لا يختلف أحد علي أن الفترة الحالية تشكل تحديا حقيقيا للوفد بعد أن زالت كل المعوقات والعراقيل التي وضعها النظام السابق أمام الأحزاب وشلت حركتها حتي أصبحت مجرد ديكور سياسي، بعد أن غلت يد الجميع عن المشاركة السياسية، وعزف الشعب المصري عن الأحزاب والمشاركة السياسية بشكل عام في الانتخابات والاستفتاءات الوهمية وأصبح اليأس والاحباط سمة عامة في المجتمع المصري.
هذه المرحلة تحتاج عودة الوفد لسابق عهده مدافعاً عن كرامة وحرية الشعب المصري، وحافظاً لحقوقه ومحققاً لآمال وطموحات كل شرائحه خاصة الشريحة الكادحة والفقيرة التي تشكل غالبية هذا الشعب.. الوفد الذي شكل ضمير ووجدان الشعب المصري والأمة العربية كما قالها لي الملك الحسن الثاني ملك المغرب رحمه الله، عندما كنت في زيارة الي المغرب الشقيق عام 1992 ضمن وفد اعلامي يضم نخبة من كبار الكتاب والمثقفين، وأثناء حفل استقبال اقامه لنا، قدمني له فاروق حسني وزير الثقافة السابق قائلا: "فلان" من الوفد.. وإذا بالملك يستوقفني ويشد علي يدي بيده الأخري ويسألني عن صحة فؤاد باشا سراج الدين ويطلب نقل تحياته له.. ثم ينظر الي الحضور قائلا: يا اخواني الوفد مفجر الثورات الوطنية في العالم العربي والعالم الثالث بأسره وزعاماته الوطنية أثرت في كل الثائرين والوطنيين في العالم، وبمجرد عودتي الي القاهرة توجهت الي منزل فؤاد باشا بجاردن سيتي لنقل الرسالة.. وابتسم فؤاد باشا وقال: تربطني صداقة قديمة بالملك الحسن الثاني والوفد في وجدان كل مصري وعربي وهذا ما يجعل النظام يشدد من حصاره
هكذا كان الوفد الذي قاد ثورات التحرر في العالم العربي، وأسس لديمقراطية حقيقية منذ ما يقرب من مائة عام، واقام مجانية التعليم وحمي حقوق العمال، ورسخ الوحدة الوطنية، وحرية التعبير، واصدار الصحف، وقاد ثورة التنوير، والتعليم في العالم العربي بعد أن أفرزت هذه الحقبة عمالقة الفكر والثقافة والادب والشعر والفن حتي اصبحت مصر قبلة المثقفين في الشرق.. لقد حان الوقت لعودة الوفد لقيادة الأمة شريطة اعادة ترتيب اوراقه والتمسك بثوابته ومبادئه حتي يلقي دعم ومساندة عامة المصريين.