رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البحر‮.. ‬يأكل شمال كفر الشيخ‮!‬

نحن فعلاً‮ ‬شعب لا‮ ‬يقرأ ولا‮ ‬يتعلم‮.. ‬وينام فلا‮ ‬يستيقظ إلا علي‮ ‬الكارثة‮! ‬إيه الحكاية هذه المرة؟‮.‬ لقد كنت أول من حذر من تآكل أرض مصر الغربية من البحر المتوسط‮.. ‬بسبب التغير المناخي،‮ ‬وتوقع ارتفاع منسوب البحر عن مستوي‮ ‬الأرض المجاورة له‮.. ‬والبعض اتهمنا بالسوداوية واننا نبحث عن كل ما‮ ‬يعكر المزاج المصري‮.. ‬وليس فقط ارتفاع منسوب البحر‮.. ‬ولكن هجمات البحر‮ ‬تأكل الأرض عاماً‮ ‬وراء عام‮.. ‬وقد عشت عمري‮ ‬كله وأنا أتابع مأساة مصيف رأس البر الذي‮ ‬أكلت أمواج البحر صفوفاً‮ ‬وراء صفوف من هذا المصيف،‮ ‬وتكررت هذه المأساة عند رشيد‮.‬

وفي‮ ‬الأيام الأخيرة،‮ ‬أكلت نوة‮ »‬قاسم‮« ‬مساحات كبيرة من قري‮ ‬القطاع الشمالي‮ ‬من محافظة كفر الشيخ‮.. ‬وبالذات بين مدينتي‮ ‬البرلس ورشيد‮.. ‬ووصلت الي‮ ‬قري‮ ‬عديدة وأغرقتها‮.‬

‮** ‬ولكن ظهرت خطورة هجمات البحر علي‮ ‬الطريق الساحلي‮ ‬الدولي‮ ‬الذي‮ ‬يربط بين مدينة رفح في‮ ‬أقصي‮ ‬شرق مصر والسلوم آخر مدينة علي‮ ‬حدود مصر الغربية مع ليبيا‮.. ‬وهو طريق أنفقت مصر علي‮ ‬انشائه مليارات عديدة ليس فقط في‮ ‬طرق كانت تعبر البحيرات‮.. ‬ولكن أيضاً‮ ‬في‮ ‬الجسور والكباري‮ ‬علي‮ ‬المواقع المائية المختلفة‮.. ‬فماذا فعل موج البحر وبالذات خلال نوة قاسم في‮ ‬المنطقة التي‮ ‬يمر فيها هذا الطريق الدولي‮ ‬في‮ ‬شمال محافظة كفر الشيخ؟‮!.‬

‮** ‬يقول المحافظ اللواء أحمد عابدين ـ وفقاً‮ ‬لما نشرته جريدة الوفد أمس ـ ان مياه البحر وصلت الي‮ ‬هذا الطريق واجتازته في‮ ‬بعض المواقع أمام قرية الحنفي‮ ‬غرب البرلس واقتحمت المنازل وقال في‮ ‬تصريحات صحفية ان مياه البحر لو ارتفعت‮ ‬10‮ ‬سنتيمترات في‮ ‬النوة الأخيرة لانهار الطريق الدولي‮.. ‬هنا لنا عدة ملاحظات نحاسب عليها الذين صمموا هذا الطريق،‮ ‬في‮ ‬هذه المنطقة المنخفضة وكيف لم‮ ‬يتوقعوا ذلك فيبتعدوا عن شاطئ البحر بمسافة كبيرة لتأمين الطريق‮.. ‬أو ـ علي‮ ‬الأقل ـ‮ ‬يرتفعون بمنسوب الطريق ولو نصف متر عن منسوبه الحالي‮.. ‬أو لم‮ ‬يقترحوا بناء حاجز حجري‮ ‬أو أسمنتي‮ ‬يفصل بين البحر والطريق‮.. ‬وها نحن نري‮ ‬ان البحر المتوسط أصبح علي‮ ‬مسافة لا تتعدي‮ ‬200‮ ‬متر في‮ ‬بعض المناطق عن هذا الطريق الحيوي،‮ ‬الذي‮ ‬ظللنا نحلم به طريقاً‮ ‬يربط بين مناطق شمال الدلتا،‮ ‬التي‮ ‬ظلت معزولة عن باقي‮ ‬مناطق مصر وكانت مرتعاً‮ ‬لمهربي‮ ‬المخدرات وقطاع الطرق الذين كانوا‮ ‬يقطعون المنطقة في‮ ‬عز شمس النهار‮.‬

‮** ‬وأري‮ ‬ان من واجبنا أن نحاسب الذين صمموا الطريق في‮ ‬هذه المنطقة خصوصاً‮ ‬وانه‮ ‬يربط بين موانئ مصر من رفح والعريش الي‮ ‬بورسعيد ثم دمياط‮.. ‬الي‮ ‬الاسكندرية والدخيلة‮.. ‬الي‮ ‬أن نصل الي‮ ‬مرسي‮ ‬مطروح ثم السلوم‮.. ‬وأقول لهؤلاء ألم تسمعوا عن‮ »‬جسر أبو قير‮« ‬الذي‮ ‬أقامه محمد علي‮ ‬باشا ومن بداية حكمه ليحمي‮ ‬أراضي‮ ‬شمال اقليم البحيرة التي‮ ‬كان البحر‮ ‬يغزوها ـ خلال مثل هذه النوات ـ وبعد أن أقام هذا الجسر قام باستصلاح كل هذه الاراضي‮ ‬واستصلحها وأعدها للزراعة ـ وأوصل اليها مياه الري‮.. ‬ثم قام بتوزيعها علي‮ ‬الناس‮.. ‬هي‮ ‬الآن من أكثر أراضي‮ ‬مصر خصوبة وانتاجاً‮.. ‬حتي‮ ‬ولو كان محمد علي‮ ‬قد وزعها علي‮ ‬معاونيه وكبار الملاك في‮ ‬عصره‮.‬

‮** ‬والآن لم‮ ‬يعد أمامنا إلا أن

نبني‮ ‬جسراً‮ ‬مماثلاً‮ ‬في‮ ‬هذه المناطق المنخفضة لنحمي‮ ‬الأراضي‮ ‬الزراعية فيها لحمايتها من مياه البحر ونحمي‮ ‬الشواطئ من عوامل النحر‮.. ‬بعد أن أغرقت مياه البحر منازل كثيرة في‮ ‬مناطق الحنفي‮ ‬وعزبة الشامي‮ ‬وعماد‮.. ‬وأمر المحافظ بفتح جسور وتركيب ماكينة لرفع المياه وشفطها من الشوارع لحماية المنازل من الانهيار‮.‬

وبناء مثل هذا الجسر هو الحل لانقاذ كل هذه المناطق لمواجهة ارتفاع منسوب البحر،‮ ‬سواء في‮ ‬مثل هذه النوات أو في‮ ‬المستقبل عندما‮ ‬يرتفع منسوب البحر عموماً‮ ‬بسبب التغير المناخي‮.‬

‮** ‬وأمامنا تجارب عديدة‮.. ‬منها تجربة في‮ ‬الأراضي‮ ‬المنخفضة في‮ ‬هولندا حيث أقامت الحكومة هناك جسوراً‮ ‬عملاقة داخل بحر الشمال ثم أقامت محطات رفع عملاقة لنقل المياه الي‮ ‬خارج هذه الجسور وتم تحويل كل هذه الاراضي‮ ‬الجديدة الي‮ ‬أجود الاراضي‮ ‬لزراعة الازهار والخضراوات والفراولة‮.. ‬وهذا هو سر طواحين الهواء القديمة المنتشرة هناك لترفع المياه وتلقي‮ ‬بها في‮ ‬القنوات الداخلية ليس فقط في‮ ‬هذه الاراضي‮ ‬الجديدة‮.. ‬بل والقديمة أيضاً‮.. ‬وقد سبق أن نشرت تحقيقاً‮ ‬صحفياً‮ ‬مصوراً‮ ‬بعنوان‮ »‬الذين سرقوا مدنهم من البحر‮« ‬ووقتها زرت أعظم معامل ومراكز البحوث المائية في‮ »‬دلفت‮« ‬وهو من أشهر مراكز البحوث في‮ ‬العالم‮.. ‬ولمن لا‮ ‬يعلم فان الاسم الرسمي‮ ‬لهذه البلاد هو‮ »‬الاراضي‮ ‬المنخفضة‮« ‬فلماذا لا ندرس تجربتهم‮.. ‬ومحاولة تطبيقها عندنا في‮ ‬الساحل الشمالي‮ ‬المصري‮.‬

‮** ‬وفي‮ ‬مدينة نيو أورليانز أكبر مدن ولاية لويزيانا علي‮ ‬خليج المكسيك رأيت منسوب المدينة منخفضاً‮ ‬عن منسوب مصب نهر المسيسيبي‮ ‬ثاني‮ ‬أطول أنهار الدنيا بعد النيل،‮ ‬ولما كان منسوب فيضان هذا النهر كثيراً‮ ‬ما‮ ‬يرتفع فيهدد ويغرق أجزاء من المدينة‮.. ‬لهذا تم انشاء حائط طولي‮ ‬كبير‮ ‬يفصل بين مسار مصب هذا النهر وبين شوارع ومباني‮ ‬المدينة لحمايتها من مياهه‮.‬

‮** ‬خلاصة القول اننا‮ ‬يجب أن نفكر من الآن في‮ ‬حماية هذا الطريق الحيوي‮ ‬الذي‮ ‬أحيا كل مناطق شمال الدلتا من‮ ‬غزو البحر‮.. ‬وأري‮ ‬ذلك مهمة أساسية أمام الدولة،‮ ‬ولا أقول أمام وزير الري‮ ‬الدكتور علام،‮ ‬الذي‮ ‬ربما لم‮ ‬يسمع عن جسر أبو قير‮.. ‬أو حائط نهر المسيسيبي‮.. ‬أو حتي‮ ‬معهد دلفت‮!!.‬