رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التقارب بين القاهرة وموسكو ضرورة

بوابة الوفد الإلكترونية

أن يقوم متظاهرون بحرق صور للرئيس الأمريكى باراك أوباما فى العديد من المسيرات والمظاهرات أصبح أمرا عاديا، لكن أن يرفع متظاهرون صورا للرئيس الروسى فلاديمير بوتن، فهذا هو الأمر الجديد

لأنه غير معتاد. هذا ما حدث بالفعل في المظاهرات التي دعا لها الفريق اول عبدالفتاح السياسي لتفويض الجيش لمواجهة الإرهاب. لقد رفع عدد من المتظاهرين فى ميادين مصر لافتة كبيرة بداخلها صور 3 من الزعماء السياسيين هم بالترتيب من اليمين: الرئيس الروسى فلاديمير بوتن، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مما جعل الكثير يتساءل هل من الممكن أن تستبدل مصر روسيا بالولايات المتحدة الأمريكية؟
لقد زادت كراهية الشعب المصرى لأمريكا خلال الفترة القليلة الماضية، بعد أن علم أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما حاول أن يمارس نوعا من الضغوط على القائد العام للقوات المسلحة الفريق عبدالفتاح السيسى خلال اتصال هاتفى لإقناعه بالبقاء على الرئيس المعزول محمد مرسى، ثم قراره الأخير بتأجيل إرسال 4 طائرات f16 إلى مصر. بينما يرى الشعب أن روسيا اتخذت موقفا طيبا من التغيير السياسى فى مصر، كما حذرت أمريكا كثيرا من ممارسة أى ضغوط على مصر من أجل خدمة فصيل سياسى معين، فضلا عن أنها قررت زيادة صادراتها من القمح إلى مصر فى سنة التسويق 2013/2014 التى بدأت فى هذا الشهر، رغم الاضطرابات السياسية التى يشهدها أكبر بلد مستورد للقمح فى العالم.
يبدو الموقف الروسي هنا أكثر إيجابية، بل مبادرا مما ينبئ عن أن موسكو تسعى بشكل حقيقي إلى تعديل علاقة الصداقة بينها وبين القاهرة التي ظلت عادية أو باردة خلال فترة الرئيس السابق حسني مبارك وكانت مثيرة للسخرية خلال فترة الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي تندرت فيه صحف روسيا على زيارة المعزول الذي لم يكن لديه أي جدول أعمال واضح في زيارة اتضح أنها غير رسمية لم يتعامل معها بوتن إلا بالإهمال والتجاهل خاصة أن جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي مدرجة على قائمة الإرهاب لدى موسكو.
ويرى كثيرون أن زيارة بوتن القريبة إلى مصر، يمكن أن تكون تدشيناً لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين. لكن هذا لا يعنى أن تستبدل السياسة الخارجية المصرية الولايات المتحدة بروسيا، فرفع بعض المتظاهرين المؤيدين للجيش صور الرئيس الروسى «فلاديمير بوتن» وحرق بعضهم صور الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» نوع من استرجاع الذاكرة التاريخية المصرية. الشعب المصرى يستعيد مرة أخرى عداءه للسياسة الأمريكية تجاه مصر، ويحاول القول أن هناك بدائل لأمريكا يمكن الاعتماد عليها من بينها دولة كبيرة مثل روسيا وهى دولة صديقة لمصر قدمت الكثير من العون كان أبرزه بعد ثورة يوليو عام 1952 حين قدم الاتحاد السوفيتى لمصر المساعدة فى تحديث قواتها المسلحة وتشييد السد العالى.
ويحاول البلدان هنا استغلال الظرف الدولي الراهن للإفادة منه بأكبر درجة، فروسيا تسعى إلى اكتساب أكبر درجة من حرية الحركة في المنطقة، مع تراجعها عقب سقوط الاتحاد السوفيتي، بل انهيار أهم نظام متحالف معها في المنطقة، وهو نظام بشار الأسد في سوريا، حتى يتسنى لها مواجهة المطامع الأمريكية التي تحاول تقليص نفوذ ومصالح موسكو في كثير من الجبهات، والعلاقة القوية مع مصر ستفتح لها أبواباً كثيرة ومصالح أكبر وحرية حركة في كل من العالم العربي والإسلامي وإفريقيا أكثر من ذي قبل. أما مصر فيمكنها أن تستغل التقارب الروسي في اكتساب مرونة أكبر في التعامل مع الضغوط الأمريكية في كثير من الملفات العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية، خاصة مع احتكار واشنطن لعقود كثيرة مضت التأثير على صناعة القرار المصري، وهو ما أصبح من الضروري الفكاك منه خاصة بعد المتغيرات التي فرضتها ثورتا يناير 2011 ويونيه 2013 على صعيد أهمية استعادة استقلال القرار الوطني.
ما نتحدث عنه ليس مجرد تنظيرات نتوهمها، بل هي محط اهتمام لكثير من دوائر صناعة السياسة في العالم. لقد حذرت مصادر استخباراتية إسرائيلية تل أبيب وواشنطن من أن استمرار التعامل الحالي مع مصر، والضغوط الأمريكية على الجيش من أجل الرئيس المعزول محمد مرسي، يهدد المصالح الإسرائيلية وأمن إسرائيل، خاصة في ظل سعى روسيا لاستغلال الموقف وتقديم الدعم الكامل للشعب المصري حاليا. وكشفت المصادر الاستخباراتية لموقع «ديبكا» الإسرائيلي أن الرئيس الروسي «فلاديمير يوتن» يرى في قائد الجيش الفريق أول «عبدالفتاح السيسي» الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والقادر على قيادة مصر واعادة العلاقات مع روسيا، والخروج بالبلاد من الهيمنة الأمريكية. وبدأ

الكثير من المفكرين والسياسيين في مصر يتجهون إلى روسيا كونها يمكن أن تكون بديلا عن الولايات المتحدة التي تقف بجانب جماعة الإخوان والرئيس المعزول، وتمارس ضغوطا كبيرة على الجيش المصري، وأعربت موسكو عبر قنوات سرية وعلنية عن استعدادها لتوفير الدعم لمصر سواء أكان سياسيا أو اقتصاديا متمثلاً في صفقات القمح. كما أن موسكو مستعدة لفتح أبواب ترسانتها العسكرية أمام مصر، خاصة بعد أن فقدت وتعثر سوريا بشكل كبير، فأصبحت مصر سوقا مهما تأمل روسيا دخوله وتقديم الأسلحة إليها. وربما لا يتوقف التعاون بين مصر وروسيا عند هذا الحد، بل يمكن أن يمتد لتشكيل تحالف أوسع يضم إليه الصين والسعودية وعدداً آخر من الدول.
ولعل ما جعل هذا يتضح جليا  ظهور الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بموقف بطولى بجانب مصر بعد ثورة 30 يونيه مباشرة وعزل محمد مرسي من منصب الرئاسة، رغم ان هناك دولا كبيرة كانت آراؤها مذبذبة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودول في الاتحاد الأوربي، وبعض الدول التي تتبع آراء الدول الكبرى – لعدم وجود وزن لهم.
وعند قيام ثورة الـ30 من يونيه أصدر بوتن بياناً كرسالة طمأنينة للشعب المصرى قائلا: إن أى قوة خارجية ستساند الإخوان المسلمين ضد إرادة الشعب المصري فإن تلك القوة ستكون فى حرب مباشرة مع روسيا. ولم تقف مساعدات بوتن عند مد مصر بالتسهيلات التصديرية للقمح ومطالبة المجتمعات الدولية بتقديم المساعدات الانسانية لمصر، حيث قالت شبكة RT الروسية لن بوتن قام بتوظيف قمر صناعى عسكرى «روسى» لجمع معلومات دقيقة عن المسلحين بسيناء ورصد تحركاتهم واتصالاتهم مهما كانت وسيلة الاتصال، وبعد تهديد أمريكا للجيش المصرى أنه إذا انقلب على مرسى فسيفقد المساعدات الأمريكية، جاء تصريح بوتن باننا على استعداد تام لأن نمنح وندعم الجيش المصرى عسكريا دون شروط أو قيد. كما قال فور خطاب الفريق عبدالفتاح السيسى «إننى أرى أن التاريخ سيسجل حروف اسمه من نور بعد أن لبى نداء الوطن بالقضاء على الإرهاب».
يذكر أن موقف الزعيم بوتن من جماعة الإخوان المسلمين ومحمد مرسي، ظهر أثناء وجود المعزول فى الحكم حيث لم يستقبله بوتن فى قصر الرئاسة لعدم احساسه بأنه رئيس مصر.
وقال بوتن، إن المعزول كان يطارده باستمرار ويطلب مقابلته بشكل ملح للغاية وأن هذا النوع من الرؤساء لا يعيش طويلا، ويرحل دائما ضمن مأساة. كما يذكر أن هناك قواسم مشتركة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، والفريق أول عبد الفتاح السيسي، منها أن الأول جاء رئيسا من المخابرات الروسية، وان السيسي كان رئيسا لجهاز المخابرات الحربية المصرية، فضلا عن تقارب السن بينهما بشكل كبير. الفريق السيسي الآن وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة نائب أول رئيس مجلس الوزراء. كما نجح بوتن من خلال خطة محكمة في القضاء على الإرهاب في روسيا، بعد ان استشرى بشكل كبير في التسعينيات، والسيسي طلب من خلال خطة محكمة تفويضا من الشعب للقضاء على الإرهاب.