عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صندوق الأجيال القادمة ودوره فى إنقاذ الاقتصاد الكويتى

بوابة الوفد الإلكترونية

جاء فيروس كورونا ليشكل ضربة قوية لاقتصادات جميع دول العالم تقريباً، وخاصة تلك الدول التى تعتمد بشكل كبير على النفط كمورد رئيسى للدخل. ومن الدول التى تضررت بشكل كبير دولة الكويت بسبب تهاوى أسعار النفط ليزيد، ويفاقم الضغط على الاقتصاد، رغم الملاءة المالية القوية التى تتمتع بها الكويت، وهو ما يعتبره المراقبون سبباً فى قدرة الكويت على امتصاص تلك الأزمة وتجاوزها بشكل أسرع من غيرها، وذلك بسبب اتخاذها إجراءات احتياطية منذ عدة سنوات ومنها صندوق الاجيال القادمة. الا أن الأزمة الاقتصادية وضعت الكويت أمام مواجهة وتحديات أكثر من صعبة لن تجعلها بعيداً عن اتخاذ إجراءات قاسية لعبور المرحلة بأمان، بحسب خبراء ومختصين. ومنذ بداية أزمة كورونا أعلنت الحكومة الكويتية عن خطة للتقشف والتوقف عن الإنفاق السخى إلا على القطاع الصحى، وذلك فى ظل توقعات بأن تخلّف الأسعار الحالية للنفط عجزاً تاريخياً لم تشهده البلاد من قبل.

وقد تمثلت أولى خطوات الحكومة الكويتية فى تعديل ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية للسنة المالية الجارية 2020/ 2021 بزيادة مبلغ 500 مليون دينار كويتى (نحو 1.62 مليار دولار)، لتغطية الاحتياجات الطارئة اللازمة لمواجهة فيروس كورونا. وأمام هذا التفاقم المتوقع للعجز فى الميزانية تقف الحكومة الكويتية أمام خيارات عدة.

 وقد تحدثت الأنباء الكويتية عن نية الحكومة تقديم مشروع قانون إلى مجلس الأمة لوقف الاستقطاع من «صندوق الأجيال». ونقلت صحف كويتية عن مصدر حكومى قوله إن حكومة البلاد تنوى إعداد مشروع قانون وتقديمه إلى مجلس الأمة لوقف استقطاع حصة «صندوق احتياطى الأجيال القادمة»، وهى خطوة يُنتَظر منها أن توفر أكثر من مليار دينار (نحو 3.25 مليار دولار) فى السنة المالية الحالية وحدها. وتستقطع الكويت حالياً بحكم القانون ما لا يقل عن 10% سنوياً من إيراداتها لصالح الصندوق الذى تديره الهيئة العامة للاستثمار. واعتبر البعض أن هذه الخطوة «شر لا بد منه» مع إلزام الحكومة بسداد تلك المستحقات عندما تتحسن الظروف. فيما عبر آخرون عن رفضهم لها.

وقد ذكرت وكالة «بلومبيرغ» الأمريكية أن الكويت التى تعد واحدة من أغنى دول العالم تعانى من أزمة موازنة شديدة لدرجة أنها قد تضطر إلى البدء قريباً فى الاعتماد على صندوق مخصص لمستقبل خالٍ من النفط، بسبب عجز قد يصل إلى 40% من اقتصادها هذا العام، وعدم قدرتها على الاقتراض بسبب المواجهة بين الحكومة ومجلس الأمة. وأشارت الوكالة إلى أنه تم استغلال صندوق الاحتياطى العام، بوتيرة قوية، لدرجة أن أصوله السائلة قد تقترب من النفاد خلال السنة المالية الحالية، أو بحلول أبريل 2021. وقد جذب هذا الأمر الانتباه إلى صندوق الأجيال القادمة، وهو أقدم صندوق ثروة سيادية فى العالم ويقدر أنه رابع أكبر صندوق على مستوى العالم، ويوحى اسم هذا الصندوق بأنه وسيلة وأداة الادخار تهدف إلى تأمين رفاهية الأجيال القادمة من الكويتيين، الذين لن يتمكنوا على الأرجح من الاعتماد على النفط لإعالة واحدة من أكثر السكان ازدهاراً فى العالم.

وتطرقت الوكالة إلى أن أحد الإجراءات التى تتم مناقشتها هو إيقاف التحويل السنوى الإلزامى بنسبة 10% من إجمالى الإيرادات إلى صندوق الأجيال القادمة فى السنوات التى تعانى فيها الحكومة من عجز. وأشارت إلى أن هناك خياراً آخر يتمثل فى الحصول على قرض من صندوق الأجيال على أن يتم سداده لاحقاً، أو شراء الصندوق 2.2 مليار دينار (أى ما يعادل 7.2 مليار دولار) من الأصول المملوكة للخزانة، من أجل تعزيز السيولة. ويرى تقرير بلومبيرج أن الحكومة الكويتية حاولت على مر السنين الحد من الإسراف فى الإنفاق، ولكن مع انتشار الأضرار الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا وانخفاض أسعار النفط، قامت الكويت بأحد أصغر التعديلات المالية بالمقارنة مع جيرانها، وقد طُلب من الوزارات تخفيض ميزانياتها للسنة المالية الحالية بنسبة 20% على الأقل. وفى هذا الصدد تحاول الحكومة تحصيل مستحقاتها لدى الجهات الأخرى حتى إن كانت حكومية، ففى أبريل الماضى طلبت وزارة المالية من مؤسسة البترول الكويتية المملوكة للدولة تحويل 7 مليارات دينار من الأرباح المستحقة للخزينة.

وكشفت صحيفة كويتية عن موافقة حكومية على وقف استقطاع حصة صندوق الأجيال القادمة، والمحددة بنسبة 10% من إجمالى الإيرادات الفعلية للموازنة، بسبب الأزمة التى خلفتها أسعار النفط وجائحة كورونا.

وذكرت صحيفة «القبس» المحلية، أن ذلك الاستقطاع سيربط بتحقيق فوائض فعلية، بدلاً من الوضع الحالى الملزم بالتحويل إلى الصندوق. ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها، إن وقف الاستقطاع الذى وافقت عليه الحكومة، من شأنه أن يقلل الضغوط على صندوق الاحتياطى العام، الذى ساء وضعه كثيراً فى الفترة الأخيرة، فى ظل غياب قانون الدين العام.

وكانت الكويت قد بدأت بالادخار للأجيال منذ عام 1976، إلا أنها يبدو أمام مرحلة جديدة، قد يكون أبرز ملامحها دخول أسواق السندات لتمويل العجز المتفاقم على وقع صدمتَى النفط وكورونا.

ومنذ تأسيسه كان الهدف الرئيسى هو الاستثمار فى الأسهم العالمية والعقارات لمصلحة أجيال المستقبل فى الكويت، بتحويل 50% من رصيد صندوق الاحتياطى العام الذى أنشئ عام 1953، إضافة إلى إيداع ما لا يقل عن 10% من جميع إيرادات الدولة السنوية فى الصندوق، لإعادة استثمار العائد من الإيرادات.

وتهدف الكويت من إنشاء الصندوق إلى تأمين مستقبل أجيال البلاد القادمة، لأن إيرادات النفط تمثل المصدر الأساسى للدولة، وتعد من الموارد ألقابلة للنضوب، لذا وجب على الدولة تأمين حياة أجيال المستقبل، وشرعت فى تأسيس صندوق استثمارى أطلقت عليه صندوق الأجيال القادمة. ويتكون صندوق الأجيال القادمة من استثمارات تتم خارج الكويت على أساس استراتيجية معتمدة لتوزيع الأصول فى فئات أصول مختلفة، فى حين تستند عملية توزيع الأصول فى الهيئة إلى مساهمات الناتج المحلى الإجمالى العالمى والرسملة السوقية، فضلاً عن عوامل مختلفة أخرى مثل قوانين الاستثمار (ومن ذلك الأنظمة الضريبية) وإمكانات النمو المستقبلية.

خيارات

ويأتى هذا التوجه فى سياق سعى الحكومة الكويتية برئاسة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح إلى خفض النفقات فى ظل تراجع أسعار النفط وتفشى تداعيات فيروس كورونا، بالإضافة إلى عامل مؤثر ومهم يتجلى فى عدم قدرتها على الاقتراض من الأسواق الدولية، نتيجة وصولها إلى سقف الاقتراض الخارجى المحدد بموجب قانون سابق وعدم الاتفاق مع مجلس الأمة على مشروع قانون جديد كان يقضى برفع سقف الإقراض الخارجى إلى نحو 20 مليار دينار (65 مليار دولار). كما أن صندوق الاحتياط العام بلغ مرحلة النفاد على أثر استخدامه على مدى السنوات الثلاث الماضية فى تمويل عجز الموازنة، مع الإشارة إلى أن إجمالى المبالغ المحولة من قبل الصندوق منذ بداية تسجيل عجز فى الموازنة العامة خلال السنة المالية 2014/ 2015، وحتى نهاية السنة المالية 2019/ 2020، بلغ نحو بـ 13.8 مليار دينار تقريباً إلى صندوق الأجيال القادمة.

مطالبات

ودار جدل سياسى واقتصادى فى البلاد حول الخيارات المتاحة لتمويل العجز الناتج عن تدهور أسعار النفط وتفشى فيروس كورونا والذى قدّرته أوساط معنية بنحو 14 مليار دينار (45.5 مليار دولار)، حيث سرت مطالبات باللجوء إلى استخدام السيولة المتوفرة لدى المؤسسات الحكومية ولاسيما منها مؤسسة البترول الكويتية، من دون أن تجد مثل هذه المقترحات طريقها إلى التنفيذ.