عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سياسيون: الوضع فى شمال مالى خطر على أمن الجزائر

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

حذر سياسيون وخبراء جزائريون من تداعيات التطورات الحاصلة في شمال مالي بعد إعلان إقليم أزواد المجاور الاستقلال وسيطرة الانفصاليين والجماعات الجهادية عليه، على الأمن  القومي للجزائر ودول الجوار، على أساس أن الوضع المتأزم سيدفع بالتدخل العسكري الأجنبي في المنطقة لمواجهة المتشددين. 

   وأعلن المتمردون يوم الجمعة الماضي استقلال شمال مالي، وهي أرض صحراوية تسمى أزواد، لتنقسم الدولة الى شمال يخضع لسيطرة المتمردين)الطوارق) وجنوب يخضع لسيطرة الحكومة العسكرية بعد انقلاب غير متوقع قام به بعض الجنود في 22 مارس الماضي.
    وفي خضم هذه التطورات، أعلنت الجزائر عن اختطاف قنصلها ومساعديه الستة في مدينة جاو شمالي مالي، وتبنت حركة (الجهاد والتوحيد) في غرب افريقيا عملية الاختطاف.
    ورفضت الجزائر إعلان استقلال إقليم أزواد الذي أعلنته حركة تحرير أزواد.
    وقال الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى في حديث مع صحيفة ((لوموند)) الفرنسية "نحن نساند حلا يمر عبر الحوار، والجزائر لن تقبل أبدا المساس بوحدة مالي، مضيفا أن الوضع " يدعو للانشغال" ويشكل بؤرة توتر مهمة على الحدود الجزائرية وله "أبعاد عديدة".
     وعزز الجيش الجزائري من وجوده على الحدود مع مالي على خلفية المعارك بين الحكومة المركزية وحركة تحرير الأزواد.
     وفي لقاء مع أعضاء من حزبه (التجمع الوطني الديموقراطي) قبل أيام، اتهم أويحيى جهات أجنبية لم يحددها بالعمل على زعزعة استقرار المنطقة من أجل الإستحواذ على مصادر الطاقة فيها.
     وقال أويحيي "إن وضع منطقة الساحل الصحراوي من الصومال إلى المحيط الأطلسي يتطور بشكل وبطرق جد خطيرة والدليل على ذلك تقسيم السودان الذي لا يزال يتخبط في مشاكل والأزمة التي مرت بها دولة مجاورة يربطنا معها ماض مجيد في الكفاح وهي ليبيا التي دعمت الثورة الجزائرية (ثورة التحرير).
    وأوضح أويحيى أن "ما يحاك من طرف الأجانب يستهدف في الأخير بترول وغاز ويورانيوم وخيرات"، داعيا إلى "التغلب على المؤامرات التي تأتينا باسم الديمقراطية بعد أن هزمنا الإرهاب".
    واعتبر أنه إذا كان إعلان قبائل الطوارق في مالي استقلال إقليم أزواد "شأنا داخليا" فإن بلاده "متمسكة بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية..ولكن هل فكرة الأزواد محلية فقط؟ إذا لم تكن كذلك لابد أن نفتح أعيننا ونكون حذرين".
    واستضاف الجزائر في العام 2006 مفاوضات بين الحكومة المالية و"التحالف الديمقراطي 23 مايو من أجل التغيير" الذي يتألف من قبائل الطوارق انتهى بالتوقيع على اتفاقية الجزائر.
    وتدعو الاتفاقية الى عدم استعمال السلاح في أي خلاف بين الحكومة والطوارق وتطوير المناطق التي يقطنها الطوارق في الشمال على الحدود مع الجزائر.
    ويقول رئيس حركة النهضة الجزائرية المعارضة فاتح ربيعي في حديث مع وكالة ((شينخوا)) " إن أي بلد له حدود مع الجزائر ويحصل فيه عدم استقرار يؤثر علينا بصورة مباشرة، ولم نكد نخلص من الوضع المتدهور في ليبيا وتداعياته علينا حتى أضيفت لنا بؤرة منطقة الأزواد وهي بؤرة للتوتر ونشاط القاعدة".
     وحذر ربيعي من أن "الجزائر ودول الجوار كلها مهددة بالوضع المالي المضطرب بالخصوص مع انتشار السلاح الليبي بشكل كبير، وإمكانية توظيفه إما لإعلان استقلال إقليم ما أو أن تستعمله جماعات مسلحة لضرب استقرار دولة معينة".
    واعتبر أن "الأطماع الخارجية تحصل في ظل الاحتقانات الداخلية وطبيعي أن يكون للدول مصالح وتجتهد هذه الدول لحفظ مصالحها بصورة مشروعة وهذا مرحب به ولكن استغلال الاوضاع الداخلية لتحقيق هذه المصالح يعد تدخلا أجنبيا".
    وانضم إلى هذا التحليل خبراء جزائريون في السياسة الدولية حيث حذروا خلال ندوة سياسية نظمتها صحيفة "الشروق" الجزائرية من تداعيات إعلان الأزواد دولة مستقلة والنتائج المباشرة لهذا الإعلان الذي وصفوه بالكارثي على استقرار المنطقة خلال العشرين سنة القادمة، وتحويلها إلى "معسكر واسع للجهاديين"، على منوال النموذج الصومالي والأفغاني، مستلهمين من تجارب التدخل الأجنبي في كل من العراق، أفغانستان.
    واعتبروا أن أطماع الدول الكبرى تدفع بالجزائر إلى مستنقع خطير وأنه بات على الجزائر الانتقال إلى دبلوماسية هجومية وتقوية وحدتها الوطنية.
    وقال العقيد السابق في الجيش الجزائري المتخصص في الإستراتيجية محمد شفيق مصباح "إن الأحداث الجارية في الساحل الإفريقي بحجة محاربة الإرهاب هي مقدمة لإعادة رسم خارطة المنطقة من طرف القوى الغربية التي تتسابق للسيطرة على موارد المنطقة من محروقات ومعادن".
    وأوضح مصباح أن "إنشاء الجمهورية الترقية (الطوارق أو الأزواد) سيستعمل من قبل القوى الغربية كقاعدة عسكرية للحرب على الإرهاب في المنطقة بالإضافة إلى جعل هذه الدولة الجديدة حاجزا لمنع آلاف الأفارقة من دول جنوب الساحل من الوصول إلى القارة

الأوروبية"، معتبرا أن "الجزائر هي المستهدف الأول من عملية التقسيم على اعتبار أن مناطق الطاسيلي والأهقار بالجزائر تنتمي جغرافيا لما يسمى بمنطقة الساحل".
     ولفت مصباح إلى أنه "منطقتي الطاسيلي والأهقار (الجزائريتين) بسكان المنطقتين وثرواتها جزء لا يتجزأ من الساحل الإفريقي، مما يبين أن الانعكاس المباشر على الجزائر لا مفر منه، ومادام الأمر على هذا النحو، فإن الإشكالية تكمن في مدى قدرة الجزائر على التصدي للخطر القادم لا محالة، ومن الأكيد أن وحدة التراب الجزائري مهددة، وتماسك المجتمع الجزائري بسبب الخطر القادم من الجنوب".
    من جهته، حذر المختص في الشؤون الأمنية الدكتور أحمد عظيمي من تداعيات إعلان "الطوارق" لدولتهم، على الدول المجاورة وعلى رأسها الجزائر باعتبارها القوة الإقليمية التي تقع على عاتقها الكثير من المسؤوليات في المنطقة، مشيرا إلى أن التدخل العسكري للجزائر في مالي يعد بمثابة السقوط في مستنقع لا يمكن للجيش الجزائري أن يخرج منه سالما، وهو الهدف الذي تسعى حسبه إليه الدول الغربية لتحقيقه.
   وقال عظيمي "إن هناك قوى دولية تريد جر الجزائر إلى المستنقع المالي، وتوريطها بطريقة مباشرة، قبل أن يتم استنزافها عسكريا، ماليا وبشريا، ومحاصرتها عن طريق منطقة الجنوب، بعد أن أصبحت أكبر دولة عربية وإفريقية جغرافيا بعد تقسيم السودان، إلى جانب امتلاكها لثروات طبيعية وبشرية، إلى جانب حيازتها على أكبر قوة عسكرية في شمال إفريقيا".
   واعتبر عظيمي أن الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى الجزائر قبل أيام قائد القوات الأمريكية لإفريقيا "أفريكوم" الفريق كارتر فاهام، تندرج ضمن محاولة إقناع الجزائر بضرورة التدخل العسكري في مالي "وبالتالي توريطها في مستنقع خطير لا يمكن الخروج منه لسنوات عديدة".
   ودعا عظيمي النظام الجزائري إلى "ضرورة الانتقال من دبلوماسية دفاعية إلى دبلوماسية هجومية" من خلال "تعزيز علاقات الجزائر مع جميع دول الجوار" أما الصعيد الداخلي "فعلى الحكومة والسلطات الجزائرية أن تعمل على تدعيم كل المتغيرات، التي من شأنها أن تقوي الوحدة الوطنية، التي لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال محاربة جميع أشكال الإقصاء والح? رة والجهوية، وبناء نظام ديمقراطي حقيقي".
   من جانبه، اعتبر الأستاذ بكلية الإعلام والعلوم السياسية في جامعة الجزائر محمد لعقاب،أن الإعلان عن ميلاد دولة الأزواد "يعتبر امتدادا للمشروع الاستعماري الغربي القائم على تفتيت الوطن العربي ومنطقة الساحل، والتي بدأت بالعراق وامتدت إلى السودان، حتى وإن كانت مقومات هذه الدولة ضعيفة".
    ونبه لعقاب إلى أن "الخلفية الاقتصادية للمشاريع الغربية، لا يمكن إنكارها" مشيرا إلى أن "الأزمة التي ضربت العالم الغربي جعلته يبحث عن مناطق نفوذ بها ثروات، وقد وجدتها في العالم العربي ومنطقة الساحل" فضلا عن "عامل آخر يتمثل في خلق الصراعات والحروب من أجل بيع السلاح وخلق المشاريع لمواجهة الكساد وخلق فرص العمل".
   وخلص لعقاب إلى أن أفضل طريقة للتعاطي مع التطورات التي تعيشها منطقة الساحل تكمن في تقوية الصف الداخلي، وهذا لن يتأتى إلا بإنجاح الإصلاحات التي طرحها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة.