عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زينب الوكيل.. سيدة مصر

كثيرة تلك الشخصيات التى لعبت أدواراً وطنية وتاريخية وكانت فى سدة الحكم يوماً ما وأعمالها خير شاهد عليها، إلا أن تقلبات السياسة وتبدل العهود وانقلاب الموازين والخصومات السياسية والفكرية، جعل تلك الأعمال إما وبالاً عليها أو معاول هدم استخدمت لتحطيمها، وأبرز مثال لذلك الملك فاروق الذى ألصقت به ثورة يوليو 1952 كل نقيصة، إلا أن التاريخ أنصفه فيما بعد، حيث كشف العديد من الجوانب المضيئة فى تلك الحقبة الليبرالية التى حكم فيها فاروق أو قبلها، ثم جاء مسلسل «الملك فاروق» منذ سنوات للكاتبة لميس جابر ليكشف أكثر ما كان مخبوءاً عن العصر الذهبى للديمقراطية المصرية فى تلك الفترة، ومن الشخصيات التى يبدو أنها ظلمت حية وميتة السيدة زينب الوكيل حرم مصطفى النحاس باشا، زعيم الوفد التاريخى، والتى يحاول الزميل مصطفى عبيد فى كتابه الذى صدر مؤخراً «زينب الوكيل سيدة مصر» رد الاعتبار لها أو إنصافها وكشف العديد من الجوانب المضيئة فيها.

يتناول كتاب «زينب الوكيل سيدة مصر» سيرة حياة حرم مصطفى باشا النحاس زعيم حزب الوفد منذ 1927 إلى 1953. ويقع الكتاب فى 230 صفحة من القطع المتوسط ويتناول سيرة زوجة الزعيم متتبعا حياتها منذ ميلادها فى سمخراط بالبحيرة عام 1912 وحتى وفاتها بمستشفى القوات المسلحة بالمعادى عام 1967.
يضم الكتاب عشرة فصول يحمل الفصل الأول عنوان «ألغام فى طريق الحقيقة» ويتناول الصعوبات التى واجهته فى متابعة حياة حرم السيدة زينب الوكيل وكم التزوير الفاضح الذى لاحقها خلال حياتها وبعد رحيلها، ثم يحكى الفصل الثانى «فتاة من الظل» نشاة زينب الوكيل وتعليمها ومحيطها الاجتماعى وانتقالها من سمخراط إلى القاهرة فى ظل عضوية والدها عبدالواحد الوكيل بمجلس النواب. أما الفصل الثالث فيخصصه المؤلف عن زواج الزعيم وقصص الحب السابقة وحكايات الاقتران الذى لم يتم، محاولا تقديم إجابة وافية حول أسباب تأخر زواج النحاس إلى سن الخامسة والخمسين وموقف السيدة صفية زغلول أم المصريين من ذلك وترشيحاتها للسيدات له للاقتران بأى منهن.
أما الفصل التالى فيخصصه المؤلف لما تحقق من إنجازات للنحاس باشا وللوفد بعد الزواج وذلك تحت عنوان «عظيمة وراء عظيم». ويتناول الفصل الخامس قصة انشقاق مكرم عبيد باشا على الوفد وكتابه الأسود مع تفصيل للاتهامات التى وجهت إلى حرم النحاس وآل الوكيل ورد الوفد عليها وتعليق المؤرخين والمحللين قديما وحديثاً. ثم يفصل الكتاب فى فصل آخر المشروعات الخيرية التى قامت بها زينب الوكيل وأشهرها أسبوع البر وكيف تحول على يد خصوم الزعيم إلى اتهامات وهجوم غير مبرر. ثم يعرض الكتاب بعد ذلك لحملات أخبار اليوم ورجال القصر على حرم الزعيم، ويحلل تلك الحملات بشكل منطقى.
ثم يقدم الكتاب قصة محاكمة زينب واتهامات ضباط يوليو لها، ويتناول الأيام الأخيرة للنحاس ودور السيدة زوجته فى مساندته واضطرارها إلى بيع أثاث منزلها للإنفاق على معيشتهما، ثم يرصد حالتها النفسية بعد رحيل الزعيم ومرضها ثم وفاتها بعده بعامين. ويزخر الكتاب بالعديد من الصور النادرة للسيدة زينب والنحاس فى مناسبات متنوعة ووثائق بخط يدها تنشر للمرة الأولى.
ويقول المؤلف إن زينب الوكيل جاءت من الظل إلى النور، حيث

دنيا الرجل المتوج على قلوب ملايين المصريين، ووقفت إلى جواره فى سنوات هى الأصعب والأشرف فى تاريخنا الحديث، وشاركته انتصاراته وانتصارات مصر وشعبها فى مواجهة سلطة ملكية مستبدة، واحتلال بريطانى بغيض، وتلقت سهام الحساد والخصوم فى صبر وجلد يليق بسيدة عظيمة.
ويضيف أن خصوم الوفد وسماسرة السياسة والمنتفعين بالملك فاروق كانوا يهاجمون النحاس باشا من خلال زوجته. يختلقون حولها الحكايات ويروجون عنها الشائعات وينشرون ضدها المقالات والافتراءات بلا حدود فى الصحف والمجلات والكتب للانتقاص من قدره، وكان الرجل يبتسم فى صبر وهو يعلم مقدار عطائه للأمة المصرية.
ويشير إلى أنه بعد ثورة يوليو وكعادة الأنظمة المُتسلطة اتسع حجم الافتراء وزاد عدد الخصوم وصار واضحاً أن كثيرين صعدوا إلى رضا السلطة على حساب النحاس باشا وحرمه وتشويه صورتيهما. وفى ظل الحكم العسكرى الغاشم لنظام يوليو عاشت زينب الوكيل مع زوجها الزعيم المحبوب سنوات فقر وألم ومرض وحرمان. لقد صادرت حكومة الضباط ثروتها وحددت إقامتها، ولم تعترف لها ولزوجها بأى دور وطنى قدموه لمصر، وظلا كلاهما مريضين حبيسين يشكيان إلى الله ظلم الحكام الجدد.
ويكشف المؤلف أنه على مدى 13 عاماً ساندت السيدة العظيمة زوجها بكل ما تملك. باعت حُليها وأثاث منزلها لتكفل له مصروفات علاجه حتى لقى ربه فى 23 أغسطس 1965، ولم يمهلها القدر أن تعيش طويلاً بعده، ففى 9 نوفمبر 1967 رحلت زينب الوكيل لتلحق به فى دار الحق، بعد أن صبرت طويلاً على افتراءات وأكاذيب دار الباطل لتطوى صفحة من المجد لم يكتبها أحد، ولتثبت أنها لم تطق الحياة بعده سوى عامين فقط، وتعجلت اللحاق به رغم أنها لم تكن قد جاوزت عامها الخامس والخمسين. ويقول «عبيد» إن بعض خصوم النحاس اعتبر تلك السيدة أساءت إلى النحاس باشا وإلى الوفد ومسيرته، رغم أن أعظم ما قدمه الوفد من انجازات وعطاء لمصر كان خلال السنوات التالية لزواج النحاس باشا بزينب الوكيل، كما أن أجمل لحظات المجد الوطنى كانت فى ظل تربعها على قلب الزعيم الذى كان ومازال رمزاً نادراً للنقاء والشرف والوطنية.