رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عودة سيناء.. بطولات منسية

من عبدالناصر إلي مبارك مروراً بالسادات بطل الحرب والسلام.. ومن الفريق سعد الشاذلي رئيس الأركان السابق صاحب خطة المآذن العالية إلي أبطال حرب التحرير المنسيين من رجال الصاعقة وحرب النابالم إلي أبطال عملية إيلات.. ومن أبطال مجموعة العريش إلي الكوماندوز المصريين خلف خطوط العدو إلي الصبي السيناوي الأبكم الذي رسم معسكرات العدو.. إلي هؤلاء جميعاً.. أطيب تحية وسلام وألف رحمة وباقة ورد للأحياء منهم والأموات.

في 25 أبريل الماضي احتفلنا بذكري تحرير سيناء في عام 1982، وهي مناسبة سنوية دأبنا علي الاحتفال بها منذ عودة هذا الجزء الغالي من تراب الوطن بعد احتلاله غدراً علي يد الإسرائيليين في 5 يونيو 1967، ولكننا في غمرة الاحتفال نكاد ننسي أصحاب الفرح الحقيقيين أو أبطال النصر، بعضهم أحياء والآخرون أموات، أدوار بعضهم معروفة ولكن هناك أدواراً لآخرين مازالت مجهولة حتي اللحظة لا يعرفها إلا عدد قليل جداً ممن عاصروا حرب أكتوبر وبطولاتها الاسطورية.
نبدأ بالزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذي فوجئ بالهزيمة المروعة وضياع سيناء في غمضة عين، وبعد خطابه الشهير بتحمله المسئولية كاملة للهزيمة واستعداده التنحي ورفض الجماهير لذلك وتمسكها ببقائه.. لنجد أنه تحرك فوراً لإزالة آثار العدوان وبدأت حرب الاستنزاف، ومن أشهر عمليات تلك الفترة التي مهدت لحرب أكتوبر واسترداد سيناء عملية تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات، وكانت أكبر القطع البحرية في الأسطول البحري الإسرائيلي، وطلب عبدالناصر من قائد البحرية إعداد الفريق المكلف بذلك وبالفعل تم تجهيزه للقيام بالمهمة الانتحارية، وقبل تنفيذ العملية بيوم واحد طلب عبدالناصر من قائد المجموعة ترك جهاز الإرسال الخاص به مفتوحاً لاحتمال إلغاء العملية في أي وقت، ويوم التنفيذ اتصل به عبدالناصر إلا أن الجهاز كان مغلقاً، وعلم الزعيم من المخابرات أن العملية نجحت فعلاً ولكن أبطالها احتجزتهم السلطات الأردنية في ميناء العقبة، وكان الملك حسين يزور القاهرة وقتها، فأبلغهم عبدالناصر أن الملك حسين مقابل أبطال إيلات، وعلي الفور أفرجت عنهم السلطات الأردنية، ولما سأل عبدالناصر قائد المجموعة عن سر إغلاق جهازه اللاسلكي قال: خشيت أن تأمر بإلغائها في أي لحظة وأنا اعتبرت ما حدث في 5 يونيو ثأراً بيني وبين إسرائيل!
بخلاف عملية إيلات.. هل ننسي عبقرية السادات ودهاءه السياسي لإخفاء موعد حرب أكتوبر؟.. الشائع هنا قصة العميل بابل – أشرف مروان - الذي أعطي إسرائيل ثلاثة مواعيد للحرب أحدها يوم 6 أكتوبر نفسه في السادسة مساء تكون وقتها قواتنا نجحت في العبور، لكن غير الشائع أيضاً أن السادات لعب مع إسرائيل لعبة الثلاث ورقات بالنسبة لتحديد الموعد، حيث سرب يوم الحرب في 6 أكتوبر ظهراً – الموعد الحقيقي للحرب – إلي قيادتين فلسطينيتين من قيادات منظمة فتح قبل موعد الحرب بأسبوعين بالضبط، وحدث ما توقعه السادات، حيث عقد القياديان الفلسطينيان مؤتمراً صحفياً في باريس أعلنا فيه موعد الحرب كما أخبرهما السادات وكان الموساد الإسرائيلي ضمن الحضور بالطبع، حيث استبعد تماماً موعد الحرب في ذلك التاريخ بعد تسريبه علي مستوي العالم، وكان هذا خطأ فادحاً، تماماً كما يحدث في لعبة الثلاث ورقات فعندما يركز اللاعب علي الجوكر أكثر مما يجب، فإنه يسبب الصدمة للخصم فيخسر أكثر مما يتوقع.
وإذا كانت انتصارات أكتوبر تنسب للضربة الجوية وقائدها حسني مبارك، فإنه لا يمكن إغفال بطولات صاحب الفرح الحقيقي الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان الأسبق الذي

وضع خطة الحرب – المآذن العالية - وأوكل إلي سلاح الصاعقة والبحرية والمهندسين مهمة تدمير أنفاق النابالم وإبطال مفعولها تحت سطح مياه قناة السويس، والتي أعلنت اسرائيل فور انتهائها منها أنها ستحرق 90% من الموجة الأولي لقواتنا عند عبور القناة و70% عند عبور الموجة الثانية، وبالفعل تمكن سلاح المهندسين من تدمير تلك الأنفاق قبل الحرب بساعات قليلة، وبذلك تم تحييد أقوي أسلحة إسرائيل قبل أن تبدأ الحرب، وفي رأي خبراء عسكريين أن تلك العملية لا تقل أهمية عن الضربة الجوية بل إنها تسبقها لأنه بدونها لا يمكن العبور ولا معني للحرب أصلاً.
بقي أن نذكر في هذه العجالة بعض أبطال سيناء المنسيين، وأبرزهم هنا مجموعة العريش التي شكلها أحد أبنائها فور احتلالها في يونيو 67 ويدعي «خليل» وكان يعمل موظفاً بالسجل المدني في العريش، ولما لاحظ كثرة الضباط والجنود المصابين في الحرب، خشي من وقوعهم أسري في يد الاحتلال الإسرائيلي، وعندما زارهم في مستشفي العريش تعرف علي أسمائهم، ودون أن يطلب منه أحد، تحرك علي الفور وقام بإصدار بطاقات مدنية لهم باعتبارهم من أبناء المدينة وليسوا عسكريين وطلب منهم إخفاء بطاقاتهم وملابسهم العسكرية، ونجحت خطته في إخفائهم عن أعين إسرائيل وعادوا إلي القاهرة بسيارات الصليب الأحمر، وبخلاف ذلك نجحت مجموعة العريش التي شكلها «خليل» في القيام بالعديد من العمليات الفدائية ضد أهداف إسرائيلية وتدمير خطوط الاتصال والتموين، وتمت مراقبة «خليل» ومجموعته ليل نهار حتي تم اقتحام التنظيم وقتل العديد من عناصره، ومن بقي منهم أحياء رفضوا الاعتراف علي زملائهم أو كشف العمليات التي قاموا بها.
وهناك أيضاً من أبطال حرب أكتوبر رغم أنه لم يشترك بها إلا أنه ساهم في الإعداد لها، شاب سيناوي كان عمره 12 عاماً وقت احتلال سيناء وكان أبكم، وأخرجه والده من المدرسة لصعوبة تحصيله الدراسي لكي يساعده في نفقات العيش، واستطاعت المخابرات المصرية تجنيده لأنه كان موهوباً في الرسم، فكان يدخل معسكرات الإسرائيليين لبيع البيض واللوازم الأخري التي يحتاجونها ليخرج ويرسم تلك المعسكرات بدقة متناهية، وقام بمهمته علي خير وجه، وقبل حرب أكتوبر قامت المخابرات بترحيله هو وأسرته إلي القاهرة خوفاً علي حياته، ولم يكن والده يعرف أن ابنه بطل.