رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر والسعودية.. المصارحة قبل المصالحة

أكثر المحللين السياسيين تشاؤما لم يكن يتوقع ان تصل أزمة العلاقات المصرية - السعودية إلي سحب السفراء للتشاور وهي درجة تسبق قطع العلاقات الدبلوماسية بالكامل، وهو ما يتنافي تماما مع خصوصية وأهمية العلاقة والشراكة الاستراتيجية بين أكبر قطبين في العالم العربي والإسلامي، مصر والسعودية، الأولي مصر لمكانتها السياسية الرائدة باعتبارها أم الدنيا وقلعة العروبة وقلبها النابض، والسعودية لمكانتها الاقتصادية باعتبارها صاحبة أكبر احتياطي نفطي في العالم ومكانتها الروحية الكبيرة لوجود مكة والمدينة بها اللتين تستقطبان ملايين المسلمين في العالم لأداء مناسك العمرة والحج.

اشكالية الأزمة الأخيرة بين مصر والسعودية انها تخطت حدود المألوف ووصلت إلي الخط الأحمر الذي لا يجوز تجاوزه في العلاقة بينهما، ويمكن فهم سحب السفراء بين مصر وإسرائيل مثلا، ولكن هذا لا يمكن فهمه ولا تبريره أبدا بين القاهرة والرياض.
لقد اشتعلت الأزمة مؤخراً بين مصر والسعودية وهي حلقة في سلسلة أزمات العلاقات بينهما عقب القبض علي الناشط الحقوقي أحمد الجيزاوي في مطار جدة الدولي، واتهمت بعض القوي السياسية في مصر المملكة بإهانة المصريين واعتقال الكثيرين منهم بدون تحقيق وايداعهم السجون السعودية، وكل هذا كان يمكن التوصل إلي حلول بشأنه، لكن إعلان السعودية ان الناشط الجيزاوي ضبط وبحوزته أقراص مخدرة، أشعل النار في هشيم العلاقات بين البلدين فخرجت تظاهرات أمام السفارة السعودية بالجيزة تجاوزت كل المألوف في قواعد الاحتجاج.. من السباب الي الإهانة للقيادات السعودية، وهو ما ردت عليه الرياض بسحب السفير السعودي فوراً، ولاحتواء الغضب السعودي وحفاظا علي العلاقات بين البلدين قدم مجلس الوزراء اعتذاراً للسعودية.
ونظرة تأملية لأزمة العلاقات المصرية السعودية نود الإشادة إلي الآتي:
- يجب ان تعترف صراحة ان هناك إشكالية كبيرة في العلاقات بين القاهرة والرياض، يؤكد ذلك صعود الخلافات بينهما في بعض القضايا الي المنحي الذي وصلت إليه مؤخراً وهو ما يتطلب تشكيل لجنة مشتركة بين البلدين لبحث أسس وجذور الخلافات بين البلدين علي أن تضم تلك اللجنة وزير الخارجية وكتابا ومحامين وقضاة ووزراء يتعلق صميم عملهم باللجنة مثل وزراء العمل والصحة والمالية والتأمينات الاجتماعية والحج والعدل وفي اعتقادي يجب ان تبحث اللجنة كل المشاكل العالقة وعلي رأسها المعتقلون بالسجون السعودية والإساءات المصرية لقيادات المملكة وأبناء المصريات

المتزوجات من سعوديين ولا أحد يعرف عنهم شيئاً.
كشفت الأزمة الأخيرة أن هناك اشكالية كبيرة بين مصر والسعودية فيما يتعلق بالثورة المصرية حيث تتهم أطراف مصرية المملكة بدعم فلول الحزب الوطني المنحل والوقوف ضد الثورة علي طول الخط ومحاولة إعادة مبارك للحكم أو تخفيف الحكم عنه.. وفي المقابل تتهم أطراف سعودية مصر بمحاولة تصدير الثورة إليها وإحداث قلاقل في منطقة الخليج.. وما بين الاتهامين تاهت الحقيقة وأصبح الشك هو سيد الموقف، وهو ما يتطلب قفة صريحة ليكشف كل طرف للآخر هواجسه ويقدم أسانيده وحججه، حتي تصبح الثقة هي عنوان العلاقة بين أكبر شقيقين عربيين أيضا كشفت الأزمة الأخيرة وجود حاجز نفسي بين أبناء مصر والسعودية، حيث يتهم سعوديون المصريين بالتسول والبلطجة ويطالبون بطرد العمالة المصرية في أية لحظة، وفي ذات الوقت يهاجم مصريون السعوديين ويتهمونهم بالتخلف والجهل وانهم نسوا التكية المصرية التي كانت تذهب كل عام إلي السعودية للانفاق علي الفقراء والمساكين في المملكة قبل اكتشاف البترول، واعتقد أن كلا الاتهامين مرفوض، وأنه يجب وضع أطر علاقة جديدة تتناول احتياجات المملكة من العمالة المصرية كل عام ومواصفاتها، وإعادة النظر في نظام الكفيل حتي لا يتحول إلي رق وسخرة في عصر حقوق الإنسان والمواطنة.
أقول ان العلاقات بين مصر والسعودية أكبر من الأزمات العابرة ولكن ينبغي وضع المعايير التي تضمن عدم تكرارها مستقبلاً أو ألا تؤدي إلي سحب السفراء كما حدث مؤخراً وهذا يتطلب أولاً وأخيراً المصارحة قبل المصالحة.

[email protected]