رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشعب القبطي‮.. ‬في بلد الإسلام‮!!‬

 

لماذا لا يصدق الأقباط في مصر،‮ ‬أن حادث التفجير الذي وقع ليلة رأس السنة في الإسكندرية،‮ ‬عمل إرهابي؟‮.. ‬ولماذا‮ "‬انفجروا‮" ‬من الداخل وخرجوا في مظاهرات‮ ‬،‮ ‬في القاهرة والإسكندرية،‮ ‬ليس للتنديد بالحادث ـ كما فعل المثقفون والسياسيون ـ ولكن للصراخ وطلب الحماية؟‮!‬

أنا شخصياً،‮ ‬أصدق أنه عمل إرهابي،‮ ‬يستهدف كل المصريين،‮ ‬ويستهدف بالأساس الدولة المصرية،‮ ‬وأعتقد أنه بداية لسيناريو فوضي منظم‮ ‬،‮ ‬قد يستمر طوال العام،‮ ‬لأن المقدمات في منذ منتصف العام الماضي،‮ ‬كانت توحي،‮ ‬بأن هناك عملاً‮ ‬ما سوف يتم‮.. ‬ولكن الأقباط لا يصدقون،‮ ‬ما نقول،‮ ‬ولن يصدقوه أبداً،‮ ‬لأننا لم نفعل لهم شيئاً،‮ ‬عبر أكثرمن أربعين عاماً،‮ ‬من الاحتقان الطائفي،‮ ‬تركناهم فريسة،‮ ‬ورأينا التهام المتطرفين لهم،‮ ‬ولحقوقهم،‮ ‬وتركنا أصحاب الفكر المتحجر،‮ ‬يسيطرون علي عقل الدولة،‮ ‬وفكرها،‮ ‬وقراراتها،‮ ‬وكنا نقول لهم في كل مرة،‮ ‬يحدث فيها اعتداء،‮ ‬علي مصري قبطي،‮ ‬كنا نقول لهم يحيا الهلال مع الصليب‮ "‬يا جماعة‮" ‬ثم نأمر الشيخ الرسمي،‮ ‬بزيارة القسيس الخائف،‮ ‬ليحتضن كل منهما الآخر،‮ ‬ونستدعي المصورين،‮ ‬وكاميرات التليفزيون لتنقل هذا‮ "‬الحب الجارف‮" ‬بين شيخ‮ "‬مأمور‮" ‬وقسيس‮ "‬مرتعش‮" ‬حتي يقتنع المصريون أننا نسيج واحد،‮ ‬وشعب واحد،‮ ‬وشركاء في بلد،‮ ‬ارتوي بدماء المسلم والمسيحي،‮ ‬منذ عام‮ ‬1919‮ ‬وحتي حرب أكتوبر،‮ ‬وكانت النتيجة أننا انتهينا إلي أن الشيخ أصبح في خطبته بالمسجد،‮ ‬يسمي الوطن‮ "‬بلد الإسلام‮"‬،‮ ‬والقسيس يسمي مريديه في الكنيسة‮ "‬الشعب القبطي‮"!!‬

هذه هي النتيجة لأن الدولة المصرية،‮ ‬تخلت عن دورها تجاه مواطنيها،‮ ‬وتركت الشقاق يسيطر،‮ ‬والفتنة تستبد والخلاف يستعر‮. ‬كان أصحاب القرار،‮ ‬يعتقدون أن خلاف المواطنين فيه رحمة وأن معارك ـ مختلفي الديانة ـ لاتمثل خطراً‮ ‬كبيراً،‮ ‬لكن هذه العملية الحسابية،‮ ‬هي التي قادتنا،‮ ‬إلي ما نحن فيه الآن عندما تعرضنا لهجوم من الخارج،‮ ‬وصلنا إلي عدم تصديق الأقباط لما نقول،‮ ‬لأنهم ذاقوا ألماً‮ ‬لم يساندهم فيه أحد من قبل،‮ ‬ونزفوا دماء لم يوقفها أحد‮!!‬

الأقباط لن يصدقوا أن المسلم أخ للمسيحي،‮ ‬إلا إذا قام نواب الحزب الوطني أصحاب الأغلبية،‮ ‬بإقرار القوانين التي تعيد الأقباط إلي حظيرة الدولة المصرية القوانين التي ترسخ فكرة المواطنة وتفعلها عندما تتعامل الهيئات،‮ ‬والجهات الحكومية مع المواطن،‮ ‬بمرجعية واحدة،‮ ‬هي مرجعية‮ "‬المواطنة‮" ‬أي باعتباره مواطناً‮ ‬ينتمي للدولة المصرية مثله مثل المسلم لا فرق بينهما‮!!‬

لن يصدقوا إلا عندما نقوم بإقرار،‮ ‬واعتماد وتطبيق قوانين لا تفرق بين المواطنين عند تولي الوظيفة العامة،‮ ‬عندما لا يتوقف طموح الموظف القبطي عند سقف محدد لا يتجاوزه،‮ ‬وعندما لا نفرق بين التلاميذ،‮ ‬المسلمين والمسيحيين،‮ ‬في المدارس،‮ ‬فلا نفرض علي التلاميذ الأقباط،‮ ‬دراسة تاريخ الدولة الإسلامية،‮ ‬ودراسة القرآن،‮ ‬والحديث في منهج اللغة العربية،‮ ‬في حين‮ ‬،لا يعرف الطالب المسلم،‮ ‬حتي مجرد مباديء الديانة المسيحية‮!!‬

لن يصدقوا،‮ ‬حتي نقوم بإلغاء خانة الديانة في بطاقات الرقم

القومي وعندما نكتفي بكون المواطن‮ "‬مصرياً‮" ‬ينتمي لتراب هذا الوطن،‮ ‬يعيش تحت سمائها مثل رفيقه في الوطن،‮ ‬بغض النظر عن ديانته فلا يجب أن نفرق بين مواطن وآخر لأي سبب،‮ ‬بل لا يجوز أن نكتشف من هو المسلم،‮ ‬ومن هو المسيحي،‮ ‬إلا عندما نري هذا يذهب إلي المسجد،‮ ‬ورفيقه يذهب إلي الكنيسة‮!!‬

لن يصدق الأقباط،‮ ‬أننا نريد الحفاظ علي هذا الوطن،‮ ‬وحمايته من الاشتعال،‮ ‬إلا إذا قمنا،‮ ‬بإصدار تشريع،‮ ‬يعاقب‮ »‬الشيخ‮« ‬في المسجد،‮ ‬و»القسيس‮« ‬في الكنيسة،‮ ‬إذا قام أي منهما بالتحريض علي ازدراء وكراهية الآخر حتي لو وصلت العقوبة إلي الحبس،‮ ‬فقد تركنا الحبل علي الغارب،‮ ‬لهذا وذاك،‮ ‬وتركنا الوطن تحت رحمة‮ »‬المتطرفين‮« ‬من هنا وهناك،‮ ‬ولن يتوقف الاحتقان،‮ ‬إلا إذا امتلكت الدولة شجاعة،‮ ‬عقاب المحرضين،‮ ‬بلا خوف أو قلق،‮ ‬لأنها سوف تطبق القانون الذي يحمي الوطن،‮ ‬من أخطار الأفكار الفاسدة‮!!‬

الأقباط لم يصدقوا أن الحادث يستهدف الدولة،‮ ‬وليس الكنيسة،‮ ‬لأننا تركناهم،‮ ‬فريسة الشعور بالتفرقة،‮ ‬والإحساس بالاضطهاد،‮ ‬حتي لو لم يكن موجوداً،‮ ‬تركناهم حتي اعتبروا أنفسهم شعباً‮ ‬آخر،‮ ‬والكنيسة وطناً‮ ‬يحميهم،‮ ‬فاعتزلونا،‮ ‬وانسحبوا إلي حدود وطنهم الصغير،‮ ‬رغم أنهم شركاء يستحقون الاهتمام‮!!‬

هوامش

مازلت أذكر المباديء التي تعلمتها من والدي ـ رحمه الله ـ كان يقول لصديقه القبطي‮ »‬يا أخويا‮« ‬وسمعته يقول لصديقه المسيحي‮ »‬نسيم‮« ‬عندما كان لا يحرص علي الصلاة في الكنيسة‮ »‬ليه كده يا أخي‮« ‬وكان يطلق عليه،‮ ‬عقاباً‮ ‬له علي عدم الصلاة لقب‮ »‬الخواجة‮«.. ‬كان يتذكر دائماً‮ ‬أصدقاءه في قرية الدير بمركز إسنا القريبة من الأقصر‮.. ‬كان حريصاً‮ ‬علي أن يعالجني لدي الدكتور يوسف عطالله طبيب الأنف والأذن والحنجرة بشارع السودان بالكيت كات وكانت عيادته قريبة من منزلنا‮.. ‬كان يعرف أن هذا الوطن،‮ ‬ملك لكل أبنائه،‮ ‬ومعظم المصريين يعلمون أنهم شركاء في وطن يستحق الحفاظ عليه قبل أن يحترق،‮ ‬بفعل فاعل‮!!‬

[email protected]