عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الاستبداد فى زمن الاستهبال!!

ــ 1 ــ
• قال عبد الرحمن الكواكبي، فى كتابه «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد» كلاماً مهماً، قام من خلاله بتشخيص مرض «الاستبداد السياسي».. ووصف أقبح أنواعه ومنها: استبداد الجهل على العلم واستبداد النفس على العقل.. وهذا النوع الثانى ما أسميه أنا شخصياً «داء الاستهبال»

لأن صاحبه يعرف معنى الحرية، ولكنه يدعى أنه لا يدرك سوى ما يطرحه «هو» من نموذج للحكم.. ويقول الكواكبى أن الله خلق الإنسان حرّا، قائده العقل، ولكنه كفر بهذه الفكرة وأبى إلا إن يكون عبدًا قائده الجهل، فالمستبد فرد عاجز، لا حول له ولا قوة إلا بأعوانه أعداء العدل وأنصار الجور!! وهذا النموذج من الاستهبال والاستبداد شهدته منطقتنا العربية خلال السبعين سنة الماضية عن طريق الانقلابات العسكرية التى أقنعت الأجيال التى سبقتنا بأن فكرة الاستقلال الوطنى لا يمكن أن تتحقق فى بلاد تقع تحت سيطرة الاستعمار، إلا بواسطة العسكر الذين يقومون بمواجهة المحتلين والطامعين بالقوة المنظمة، وهذه المواجهة لايمكن أن تتم بدون إعلاء قيم الاستقلال الوطنى على حساب حريات الأفراد.. وكانت مصر ــ فى الستينيات ــ  نموذجًا يتم تدريسه فى قصور أنظمة المنطقة العربية، باعتبارها النموذج الأمثل لخداع المواطنين، وسلبهم حرياتهم باسم الاستقلال ومحاربة الاستعمار.. وقد استمرت هذه الطريقة فى الاستبداد لسنوات، حتى سقطت فى 5 يونيو 1967 لنبدأ مرحلة جديدة، تم خلالها استخدام طريقة «الاستبداد بقناع حرية التعبير» وهى الطريقة التى استخدمها السادات لفترة قصيرة، ثم استعارها حسنى مبارك لمدة ثلاثين سنة كبيسة،حتى سقط منذ 18 شهراً نتيجة إصابة الناس بالملل، من طريقته فى  الحكم.. فهى مستبدة ممزوجة بالفساد الذى فاحت رائحته ولم يعد سرًا!!
ـــ 2 ـــ
• الحكام الثلاثة، كانوا يمارسون الاستبداد، ممسكين بورقة لا يفرطون فيها أبدًا، لترويع المصريين من فكرة « تداول السلطة».. فقد أقنعونا بأن سقوطهم يعنى صعود التيار الدينى، الأكثر استبداداً، وعنفاً، وتسلطاً، باسم الدين، وهذا صحيح، ولكنه يراد به باطل، فقد قام ضباط يوليو، ونظامهم الذى استمر قابضًا على السلطة لمدة ستين سنة، بضربنا بيده اليمنى، ومحركاً لعروس «المارونت» التى تحمل وجه جماعة الإخوان  بيده اليسرى، فى مسرحية أدارها ببراعة،حتى نخشى العروس المتحركة، ونتحمل الضرب بقبضات حديدية لا تعرف الرحمة!! هذه الطريقة التى استمرت كل هذه المدة الكبيرة،لم تعد الآن مجدية بعد ثورة 25 يناير، فلم يعد الناس يخشون العروس، ولا الذين يقومون بتحريكها، فكلاهما يؤدى دوره ببراعة.. لكنها براعة لا تتناسب مع ظروف اللحظة التى سقطت فيها كل « التابوهات» ولم يعد الناس يرضون إلا بالحرية «الخام» بلا تدخل من أحد، وبلا إضافات، ولا مٌحسنات.. المصريون لم يعودوا كما كانوا فى زمن الماضى، فقد أصبحوا يدركون أن الحرية لا تتناسب مع نموذجى الدولة العسكرية، والدولة الدينية، لأن كلاهما يسلبان الحرية، ولا يعترفان بمكتسبات الثورة، ولا يعرفان معنى الإبداع، ولايفهمان فكرة تداول السلطة، لأن الحكم فى منهجيهما « أبدى» للحاكم.. «تداولى» لأعضاء المؤسسة أوالتنظيم.. أما باقى المواطنين، فهم محكومون،لا يعرفون السلطة، ولا الحكم، لأنهم ـ عند العسكر والإخوان ــ أُجراء لا

شركاء!!
ـــ 3 ــــ
• ويخطئ من يتصور، أن لاعبى تحريك العرائس، وأصدقاءهم من الدمى، يكرهون بعضهما البعض، هذا غير صحيح، فهم يعشقون هذه المرحلة التى تلاعبوا فيها بالجميع، تحت مسمى الديمقراطية، والانتخابات النزيهة، العفيفة، الشريفة، التى لم يراق على جوانبها الدم، ليصل ممثلين عنهما للتصفيات النهائية، بعدما هزموا الدولة المدنية، صاحبة المركز الثالث، فى مباريات كثيرة، أولها التعديلات الدستورية، التى تحولت فيها «المدنية» إلى كافرة وزنديقة وبنت حرام!! ثم الانتخابات البرلمانية التى استخدم فيها الاستقطاب الدينى منهجاً يستبعد من يريد الوطن مرجعية لتقييم المرشحين، وليس الدين الذى لا يجب استخدامه لتحقيق مكاسب سياسية.. ثم جاءت معركة تأسيسية الدستور التى استخدم فيها طريق «المغالبة لا المشاركة»، مبرراً لتأخير إصدار الدستور، حتى يصل الرئيس القادم، إلى قصره، بدون دستور يفرمل سلطاته، وحتى يتمكن من السيطرة على البلاد، بلا ضابط أو رابط، فنصبح عبيد إحساناته، وسوف تساعده عرائسه التاريخية، بافتعال تمثيلية المصلحة الوطنية العليا، ليبقى فى مقعده دون منغصات ليبرالية!!
ــ 4 ــ
• لا تصدق أننا فى خيار صعب بين الفريقين، لأن كلاهما يمثل أحد وجهى العملة، فلا فارق بين مرسى وشفيق لا فارق بين استبداد « العسكر» وبين تسلط «الإخوان».. وكلاهما يخطئ إذا تصور أننا لن نقاومه، لنمنعه من قهرنا، أو إعادتنا للوراء، سوف نظل معارضين للفائز، الذى سيجعل مصر مستمرة فى الوقوف على أرضية الدولة الاستبدادية المتسلطة، سنقول للفريق والجماعة، إننا رافضون لكم ولنموذجكما فى الحكم، لأنه يسلبنا حقوقنا السياسية، ويجعل مصر أصغر من حجمها الطبيعى، ولن نتركها فريسة فى يد «فائز» بالديمقراطية، رغم أنه كاره لها.. صحيح أن الإخوان لو وصلوا فى غفلة إلى مقعد الرئيس سندخل فى نفق مظلم.. وسوف تعجبهم اللعبة، وسيسعون للبقاء مائة عام ممسكين بالسلطة.. لكننا لسنا اصحاب الأوراق فى اللعبة.. ولسنا من قرر أداء هذه اللعبة الخطرة..فهى مسئولية من استخدموها!!
• على أية حال.. سوف نحترم نتائج الانتخابات، لكننا لن نترككم تهدرون احترامها بعد استلامكم للحكم.. هذا تحدٍ للجانبين.. الحاوى وعرائسه!!

[email protected]