رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الرجل الذي قدم الحل من 8 قرون

تحل علينا فى العاشر من ديسمبر الجارى ذكري الفيلسوف العربي الكبير «ابن رشد» الذي اهتمت أوروبا بأفكاره وطبقتها فتقدمت الي الأمام وأهمله أبناء أمتنا العربية، فرجعت الي الوراء لأنها ظلت محصورة في الفكر التقليدي ولم نكتف بهذا بل سخرنا منه حين أخذنا نتحدث عن قضايا وهمية زائفة كقضية الغزو الثقافي، والهجوم علي الحضارة الأوروبية وهو الذي فتح لنا الطريق أمام الفكر العلمي العقلاني الذي نحن في أمس الحاجة اليه الآن وبعد مضي أكثر من 8 قرون علي وفاته ولن نفيق من تلك الحالة إلا بدك أرض التقليد والضلال دكا لن نسلك طريق الصواب إلا إذا اعتقدنا بأن الخير كل الخير هو النظرة المنفتحة التي تقوم علي تقديس العقل بحيث نجعله معيارا وأساسا لحياتنا الفكرية والاجتماعية،

«ابن رشد» المظلوم حيا وميتا فيلسوف أندلسي يسمي «أبا الوليد» حتي يمكن التفرقة بين أبيه وجده، لأن كلا منهما كان يشتغل بالفقه ويطلق عليه باستمرار لفظ «الحفيد» وآخر فلاسفة المغرب العربي الذي أنجب لنا طبقا للترتيب التاريخي ثلاثة عظماء هم: (ابن باجة)، (ابن طفيل)، (ابن رشد) الذي جمع بين كونه فقيها وصل الي أخطر المناصب في بلاد الأندلس وهو (قاضي القضاة) والطب الذي ألف فيه كتاب (الكليات في الطب) ترجم الي أكثر من لغة عالمية، والفلسفة التي ألف فيها العديد من المؤلفات أشهرها (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال) و(تهافت التهافت) و(مناهج الأدلة في عقائد الملة).
- ومازال مجد ابن رشد الحقيقي قائما في الغرب حتي الآن خاصة أوروبا متمثلا في شرحه لـ«أرسطو»، حتي إنه في جميع المعاجم الأوروبية يطلق عليه لفظ (الشارح) أي الشارح لكتب أرسطو وهو ثلاثة أنواع من الشروح: الشرح الأصغر، الشرح الأوسط، الشرح الكبير، وأوروبا تعتبر بأنها عرفت كتبت أرسطو وفلسفته من خلال هذه الشروح ثم ترجمت أكثر هذه الكتب لأكثر من لغة ولذلك نجد تماثيل «ابن رشد» تملأ متاحف أوروبا.
- قدم «ابن رشد» العديد من الآراء والنظريات والأفكار التي مازالت صالحة حتي الآن، بل نحن في أمس الحاجة اليها في يومنا هذا وما تراجع فكرنا العربي إلا بسبب ابتعاده عن أفكار «ابن رشد»، وفي يقيني أنها لو طبقت لتقدم العرب أكثر من أوروبا، ولكن نحن ظلمنا «ابن رشد» حيا وميتا وأهملنا تلك الموسوعة المعرفية التي جمعت الفقه والطب والفلسفة في قلب رجل واحد يقف علي قمة عصره من حيث الفكر النقدي، ولو كان العرب قد تمسكوا بهذا الفكر لأصبح الحال

غير الحال، لأن الفكر النقدي يحارب الخرافات والأفكار الخاطئة، وكان ينبغي علي العرب أن يفخروا بأن أمتهم أنجبت واحدا من أربعة فلاسفة علي مستوي العالم يقفون علي قمة عصورهم هم «أرسطو» في الفلسفة اليونانية و«ابن رشد» في الأمة العربية، والقديس توما الاكويني في الفلسفة الغربية في العصور الوسطي وأخيرا الفيلسوف الألماني «كانت» وجميعهم يعتمدون في أفكارهم علي التنوير، ومن المعروف أن النور يؤدي الي الأمان، والظلام يؤدي الي الخوف والتراجع.
- ومن حكمة الله أن خلق أعيننا في مقدمة الرأس وليس في المؤخرة ليطلب منا أن ننظر الي الأمام وليس للخلف، و«ابن رشد» بفلسفته التنويرية كان سابقا عصره، لأن فكرة التنوير لم تكن واضحة المعالم عند المفكرين والفلاسفة قبله، وقد عاني في سبيل ذلك الكثير وتعرض لأبشع أنواع الظلم حيا وميتا عند محاكمته وإحراق الكثير من كتبه ونفيه الي خارج قرطبة لم يبق من كتبه إلا القليل الذي نجح البعض في تهريبه، وكان نفيه الي بلدة (اليسانة) والتي يقطنها اليهود والذين زعموا بعد ذلك أنه منهم وحين رجع من المنفي ظل منبوذا ومحبوسا داخل منزله حتي وفاته، ودفن مؤقتا بمراكش ثم حمل جثمانه الي قرطبة علي دابة وشهدها الصوفي الكبير «ابن عربي».
- أدعو جميع الدول العربية الي إحياء تراث هذا الفيلسوف العظيم وصناعة فيلم سينمائي ضخم عن حياته وأفكاره مثل فيلم «صلاح الدين الأيوبي» وللأسف كان هناك مشروع للمخرج الراحل حسام الدين مصطفي لإنجاز فيلم عن «ابن رشد» لم يكتب له النجاح أو صناعة مسلسل تليفزيوني ضخم ليعرف كل العرب من هو «ابن رشد»، كما يعرف الفرنسيون (فولتير) ويعرف الانجليز (شكسبير).

[email protected]