رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عزاء «صالح» المرفوض في الرياض!

في مواكب المُعزين، التي توافدت علي السعودية، للعزاء في الملك الراحل عبدالله، رفضت الرياض استقبال شخصين اثنين علي وجه التحديد، أولهما الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وثانيهما القيادي الفلسطيني محمد دحلان.

توقفت من جانبي، عند الرئيس صالح، وكيف أنه انقلب، في شهور معدودة، من صديق للمملكة السعودية، ومن حليف دائم لها، لسنوات طوال، إلي خصم، وأكاد أقول إلي عدو!
ولم يكن لهذا من سبب، سوي رغبة الرجل الجامحة، في العودة إلي السلطة من جديد وبأي ثمن، بعد أن غادرها آمناً، وهي مغادرة كان للسعودية خصوصاً، ولسائر دول الخليج عموماً، دور أساسي فيها، ولولا هذه الدول، لكان «صالح» الآن، في موقف رؤساء آخرين، قذف بهم الربيع العربي، أو ما صار معروفاً بهذا الاسم، إلي الموت اغتيالاً، مرة، علي طريقة العقيد القذافي، أو إلي السجن، مرة أخري، علي طريقة الرئيس مبارك، أو إلي النفي مرة ثالثة، علي طريقة زين العابدين بن علي في تونس!
ضمنت الرياض، مع باقي عواصم الخليج، لـ «صالح» خروجاً آمناً، وكان ذلك بموجب اتفاق معروف ومكتوب، أراد ليس فقط الخروج الآمن لعبد الله صالح، وإنما لليمن ذاته، كدولة، أنهكها الفساد، ونال منها الفشل!
وما كاد «صالح» يستقر في بيته، في اليمن، بعد خروجه الآمن، وبعد ضمان ألا يتعرض هو لملاحقات، ولا أحد من أفراد أسرته، حتي كاد يفكر في طريقة يعود بها إلي القصر، ولم يتوقف وهو يفكر في العودة، أمام الثمن الذي راح اليمن يدفعه، لأن رئيسه السابق لا يريد أن يفهم، أن أيامه مضت، وأن عهده انطوي، وأنه إذا كان له أن يفعل شيئاً وحيداً الآن، فهذا الشىء الوحيد هو أن يقضي بقية عمره يسأل الله أن يغفر له، ما ارتكب في حق بلده!
بدلاً عن ذلك، وجد «صالح» في نفسه من الجرأة، ما يجعله يدوس فوق اتفاق الخليج، الذي خرج به آمناً، ثم وجد من الجرأة أيضاً، ما جعله ينسق، بل ويضع يده في يد خصوم بلاده، وخصوم دول الخليج نفسها، في سبيل الوصول إلي الكرسي، مرة أخري!
والخصوم الذين أقصدهم، هم الذين يقفون في طهران، وراء الحوثيين في اليمن، وهم الذين يمولون الحوثيين، ويرعون الحوثيين، ويسلمون الحوثيين.
ولم يكن للحوثيين أن يسيطروا علي مناطق كبيرة في اليمن، ولا علي العاصمة صنعاء، ولا كان لهم أن يحاصروا قصر الرئيس عبدربه هادي منصور، لولا إشارات خضراء من قيادات الجيش اليمني، لا تزال بكل أسف تأتمر بأمر «صالح»، ولماذا لا تأتمر بأمره، وقد رباها علي يديه، علي امتداد 33 سنة قضاها في الحكم!
ورغم أن حصيلة العقود الثلاثة، والسنوات الثلاث، التي قضاها هو في قصره الرئاسي، كانت صفراً لبلده، علي كل مستوي، إلا أنه لم يشأ أن يكتفي بأن يجني البلد صفراً في عهده.
وإنما أراد أن يكون الصفر صفرين: واحد في أيامه التعسة، وآخر بعد أيامه، ثم في هذه الأيام التي هي أتعس علي اليمن السعيد!
لم يجد أي حرج، في أن يضع يده في يد الحوثيين، المدعومين إيرانياً، وعلناً، ولم يجد حرجاً في أن يظل يغريهم بأن يتربصوا بالرئيس منصور، الذي جاء من بعده، كرئيس انتقالي، ولم يجد حرجاً في أن ينظر إلي «منصور» علي أنه في مكانه، ليس ليعبر بالبلد، إلي مستقبل آمن، وإنما ليحجز الكرسي لصاحبه الأصلي، لا أكثر!
يعيش اليمن، منذ نحو أسبوعين، بلا رئيس، بعد أن استقال «منصور» بسبب العبث الحوثي- وبلا رئيس حكومة، بعد أن استقال رئيسها، للسبب نفسه، ويتحول اليمن، يوماً بعد يوم، إلي خنجر مغروس في خصر السعودية، فضلاً عن تحوله، إلي دولة فاشلة، ومع ذلك لا يخجل «صالح» من أن يطلب الإذن بالحضور لأداء واجب العزاء.
وسوف يبقي سلوك هذا الرجل، في الحكم، وبعد الحكم، نموذجاً لما يكون علي أي رئيس، في أي عاصمة، أن يتجنبه!
لقد قيل عن شاعر فارسي إنه كان مؤدباً للغاية، وقيل إنهم سألوه يوماً، عن سر أدبه، فقال إنه تعلمه من رجل قليل الأدب، فكان كلما فعل هذا الأخير شيئاً، تجنبه هو!
وقد يأتي يوم، ينجح فيه رئيس عربي في أن يحقق لبلده شيئاً، فيقول بأنه حقق ما حققه، لأنه تجنب كل ما كان من عبدالله صالح في يمنه السعيد.. أو الذي كان سعيداً ذات يوم، ثم عرف الشقاء علي يد رئيسه صاحب العزاء المرفوض!