رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الصفاقة الأمريكية

لا تريد الولايات المتحدة الأمريكية أن تفهم، أن ثورة قامت في مصر، قبل عام ونصف العام من الآن، وأن من بين مبادئ هذه الثورة، أن تكون الإرادة المصرية مستقلة في كل وقت، وأن يتحري صانع القرار في القاهرة، هذه الإرادة وحدها،

عندما يفكر في اتخاذ أي قرار، علي أي مستوي!
لا تريد الإدارة الأمريكية أن تفهم هذا كله، وإذا شئنا الدقة في التعبير عن واقع الحال، فإن علينا أن نقول بأن واشنطن تعرف جيداً، أن الثورة قد قامت، ولكنها، أي تلك الإدارة، تتغابي تارة، وتتعامي تارة أخري، عن رؤية الثورة، وعن استيعاب أهدافها ومبادئها، ثم تقفز - بالتالي - فوق ما يجب أن ينعكس من روح تلك الأهداف والمبادئ، علي طبيعة العلاقة بين البلدين.
ولو أن أحداً استعرض تصريحات هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية، في هذا الاتجاه، مؤخراً، فسوف يكتشف بسهولة، أنها تمثل تدخلاً سافراً، في الشأن المصري، وأنها كانت تتبجح وهي تتكلم عن بلدنا عموماً، وعن المجلس العسكري بشكل خاص، وتطلب من «العسكري»، أشياء، هي من صميم القرار الوطني، الذي إذا تجرأ أحد علي التدخل فيه، فإنه، والحال هكذا، يتحدث فيما لا يخصه، ولا يعنيه.
وعندما تطلب هذه الوزيرة - مثلاً - من «العسكري»، أن يسلم السلطة إلي رئيس منتخب، ثم تظل تكرر ذلك، بصفاقة، فإنها تدرك جيداً، أن الرئيس المنتخب لم تتم تسميته إلي هذه اللحظة، وأن تحديد اسمه من شأن اللجنة العليا للانتخابات وحدها، دون منازع، وأن العسكري لم يترك مناسبة إلا وراح يؤكد فيها، من جديد، علي أنه ملتزم بما قاله، فيما يتعلق بعملية تسليم السلطة، وأنه حين يفعل ذلك، فسوف يفعله التزاماً بوعد كان قد قطعه علي نفسه أمام مواطنيه، وليس استجابة لضغوط أمريكية تفقد الحد الأدني من اللياقة في التعامل مع دولة في وزن مصر.
والشيء المذهل، أن كلاماً قيل في العاصمة الأمريكية عن أن وزير الدفاع الامريكي، أجري اتصالاً مع المشير طنطاوي، قبل أيام، فإن المشير لم يبلغه بأن إعلاناً دستورياً مكملاً سوف يصدر لاحقاً.. ولابد أن هذه أول مرة نعرف فيها أن وزير

الدفاع الامريكي، له أي صلة، من أي نوع، بالأمور الداخلية في بلدنا، وربما لا يعرف الرجل، أن ما صدر عن وزارته، بهذا المعني، قد أثار استياء بالغاً في القاهرة، واستفز القوي الوطنية كما لم يستفزها شيء من قبل، واستنفرها كما لم يستنفرها حدث في أي وقت، وأحس الوطنيون في هذا البلد، أن الامريكان مصممون علي ان يتجاهلوا الثورة، عندما يتعاملون مع القاهرة، بما يضاعف حجم السخط، والغضب، والقرف، إزاء إدارة امريكية لا تفرق وهي تتكلم، بين ولاية امريكية يمكن ان يسري عليها ما يقوله أركان إدارتهم، وبين دولة ذات سيادة، وتاريخ، وحضارة، اسمها مصر.
قد يختلف المصريون مع «العسكري» حول بعض سياساته، غير انهم عندما يتابعون هذه اللجهة الممقوتة معه، من جانب الإدارة الامريكية، فإنهم في ظني، يصطفون وراءه، وإلي جانبه، ويمنحونه كل الدعم، إذا ما تعلق الامر باستقلالية قرار وطني، تتعرض لهجمة امريكية لا تعرف الحياء ولا الخجل.
وإذا كان هناك شيء، يجب أن نكون علي يقين منه، فهو أن الإدارة الامريكية لا يهمها في قليل، ولا كثير، تسليم سلطة، ولا ديمقراطية، ولا حرية، ولا شيء أبداً، بقدر ما يهمها أن تحقق لها مصلحتها المجردة، حتي ولو كان ذلك مخصوماً من أمان هذا البلد، وأمنه، وتماسكه، ووحدته، وقوته.
ولو أن أحداً راجع مضمون ما قالوه، في الايام الاخيرة، فسوف يجد هذا المعني متجسداً في كل حرف!