رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خطاب أوباما و الإخوان.. والمتغطي بالأمريكان

الرئيس الامريكي باراك أوباما, في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي.. ليس فيه أي غرابة.. فقد إبتعد أوباما, ب"الموقف الأمريكي", عن دعم وتأييد جماعة الإخوان المسلمين, نافياً وجود أي تعاون مع التيارات السياسية, في إشارة قاطعة ل"الإخوان", صانعاً مسافة فاصلة معهم, وتاركاً أياهم في منتصف الطريق يواجهون مصائرهم المظلمة , ويدفعون ثمن حساباتهم الخاطئة, عندما صورت لهم الأوهام أن الغطاء الأمريكي, يمكن أن يعصمهم, من المحاسبة,  وثورة الشعب.. ليثبتوا بذلك أنهم يجهلون المصريين, والأمريكان معاً.

لوكان الإخوان يفقهون ويتعلمون, لعرفوا أن المتغطي بالأمريكان عريان, وأن هذا الموقف الأوبامي, ليس بجديد علي أمريكا.. فهي تتخلي وبسهولة عن عملائها عند اللزوم, ولها في ذلك سجل ضخم, وتاريخ عريق.. ويكفي مثالاً, ماجرى مع الإمبراطور محمد رضا بهلوي شاه إيران السابق.. كانت إيران في عهده هى الحليف الإستراتيجي للولايات الأمريكية, والشرطي الأمريكي بالشرق الأوسط.. قبل أن تحل إسرائيل محلها فيما بعد..وفي يناير عام 1979م, إندلعت الثورة ضد  (الشاه بهلوي).. والطبيعي أن تكون وجهتة, إلي الولايات المتحدة التي أمضى حياته خادماً مطيعاً لها, حارساً لمصالحها بالمنطقة .. وهنا كانت المفاجأة الصاعقة للشاه وكل العملاء الأمريكان, والمذهلة للدنيا كلها.. إذ بينما طائرة (الإمبراطور بهلوي), تحلق في السماء.. فإن البيت الأبيض أصدر بياناً رسمياً مقتضباً, لازلت أذكر كلماتة.. تقول: أن" الولايات المتحدة الأمريكية ليست على إستعداد لاستقبال شاه إيران على الأقل في الوقت الراهن", ومع صدور ذلك البيان من الحليف الأمريكي.. الشاه, وهو الخاسر لتوه مُلكه الموروث, وعلي مسمع ومتابعة من الكون كله, واجه  بسبب البيان الأمريكي (الغادر بالعملاء),  موقفاً إنسانياً مآساوياً,وهو البحث عن ملاذ آمن, تهبط به طائرتة.    
بديهي إذن أن تنفض إدارة أوباما أياديها من (الإخوان), بعد الهزائم المتكررة التي لاحقهتم منذ فض إعتصامي رابعة العدوية والنهضة, بفشل مليونياتهم التي صارت مئويات, ثم عشريات, ولم يعد لها وجود سوى على شوارع وميادين شاشات فضائيات (الجزيرة), وشاكلتها.. وبعد أن أصيبت الجماعة ب(الشلل), الذي كانت تتوعد به مسار الحياة اليومية للمصريين, و خارطة الطريق.. ومن ثم  تبددت الآمال الإخوانية في عودة مرسي, وإرتدت محاولاتها البائسة لشل البلاد ومرافقها, بالملاحقة الأمنية لعناصرهم, والمطاردة الشعبية لهم, التي وصلت إلى حد قيام أهالي بعض المناطق, بفرض حظر التجوال على الإخوان.. وقبل ذلك كله.. فشلت الوساطات الأمريكية ,الأوربية, القطرية, في إنقاذ (الإخوان) من النهاية المؤلمة التي كتبوها, بآياديهم وحماقاتهم لأنفسهم.. فكراً وجماعةً, حتي صاروا معزولين شعبياً, محظورين قانونياً, وصار قادتهم جميعاً, إلا نادراً.. متهمين بجرائم جنائية, وهم إما محبوسين رهن التحقيقات والمحاكمات, أو مطاردين, هاربين كما الفئران فى جحور هنا أو هناك, بعد أن كانوا يستأسدون على البلاد والعباد.
لا جدال أن اعتراف أوباما في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة, بأن "مرسي لم يكن رئيساً لكل المصريين", وأن "الحكومة المؤقتة التي حلت محله استجابت لرغبات الملايين".. هو "موقف جديد" يستند فى

حساباته علي (الفلسفة البراجماتية), التي يعتنقها الأمريكان والأوربيين, بمعنى أن المصالح والمنافع هى الاهم لديهم, دون التوقف  كثيراً أو قليلاً أمام ( القيم والمبادئ), إلا بقدر العوائد والفوائد منها.. ومن هنا.. يناور الأمريكان بمواقفهم لمسايرة "الواقع" على الأرض, وتوظيفه لصالحهم, وجلب أكبر المكاسب الممكنة.. لذا.. فحين بدا للأمريكان أن المعركة ضد الإخوان وإرهابهم, باتت محسومة  لصالح الشعب المصري, وثورتة.. أراد أوباما أن يتحرك بموقف (إدارته) إبتعاداً عن "الإخوان, وإنتقالاً إلي منطقة رمادية, بدلاً من الموقف المُناهض لثورة المصريين على الحكم (الإخواني ) الإستبدادي.. بعد أن تعامت الإدارة الامريكية, لشهور, مثل (الجماعة) ومريديها, عن رؤية عشرات الملايين الذين خرجوا ثائرين يوم 30 يونيو, رافعين (العلم المصرى) فى مشهد حضاري رائع, لإسقاط الجماعة ومرسيها.. واستعادة  مصر (المخطوفة)  .. مصر(المدنية ) , أرض السلام والمحبة والتسامح والوئام, وميلاد الضمير والأخلاق والمُثل العليا.
لقد تجاهلت الولايات المتحدة عن عمد.. حقيقة أن هذه الثورة بحشودها البشرية غير المسبوقة تاريخياً, وضعت الجيش وقادتة العظام, وعلى رأسهم الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام, أمام خيار وحيد فقط, هو(تحرير) مصر من الإحتلال الإخواني, إنفاذاً  للإرادة الشعبية الجارفة التى تعلو فوق كل الإرادات.. ب(عزل) محمد مرسي وإسقاط نظامه ودستوره وإخوانه الفاشىين.
خطاب أوباما هذا.. لابد وأن يعقبه تراجع أوربي قطري عن دعم ومساندة الأخوان, لحاقاً به, والتراجع نفسه سوف يمتد لشخصيات سياسية مصرية ليبرالية, ناصرت الإخوان مؤخراً.. ليس حباً فيهم, ولا إيماناً بأفكارهم, بل تبعية للمشروع الأمريكي.
حتي لايأخذنا التفاؤل بعيدا.. فإن (خطاب أوباماً) ليس تأييداً صريحاً للثورة, ولا يدين أعمال الإرهاب والقتل والفوضي التي يمارسها الإخوان وحلفائهم بعموم مصر المحروسة.. لكنه  مارس ضغوطاً على النظام الحالي, ملوحاً بربط المعونة بالتقدم الديمقراطي, والحديث عن قانون الطوارئ, وتقييد حرية الصحافة.. وهى مماحكة وإشارات مفهومة, بغرض إبتزاز النظام الجديد وتليين مواقفه وإخضاعه للإملاءات والأجندة الأمريكية.
نسأل الله السلامة لمصر من شرور الإخوان وأسيادهم الأمريكان .
(كاتب وصحفي)
[email protected]