عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شرعية الرئيس

براكين الغضب  الثورى (السلمى) التى تَّفَجَرتْ فى وجه الرئيس الدكتور محمد مرسى ,تحت مسمى ( مليونية الإنذار الأخير) , والتى أجتذبت إليها ملايين أو حتى مئات الآلاف من أبناء مصر رجالاً , و نساءً , من  مختلف الأعمار والفئات

, فى أحياء القاهرة وشوارعها وعواصم المحافظات , هى رسالة صاخبة وصارخة بأن شرعية الرئيس الدكتور محمد مرسى قد ذهبت مع الريح ,ولم يبق منها سوى النذر اليسير الذى يحتاج إلى سرعة الترميم قبل فوات الآوان ..هذه التظاهرات والمسيرات إلي ميدان التحرير , وقصر الإتحادية الرئاسى , هى بمثابة  إستفتاء شعبى صادق بلارتوش ولاتزييف , تعنى إعلاناً مدوياً  بفشل الرئيس وجماعتة فى إدارة شئون مصر , بل وأنهم لايصلحون لإدارة أحد أحياء العاصمة إدارة رشيدة عاقلة ومنظمة , مثلما تعنى رفضا لمسودة  دستورهم  المسلوق بيد الشيف الغريانى و الذى يؤصل  لدولة الإستبداد الدينى , وتأكيداً من المصريين على رفض إعلان مرسى  غير الدستورى الذى يصنع منه (نصف إله ) , وتَسَبَبَ فى إشعال شرارة  الثورة الشعبية ضده بأسرع مما يخطر على بال أحد , فلم يمضى على  الرئيس فى موقعه سوى خمسة أشهر وعدة أيام , أى أن الرجل نجح فى تحريك ثورة ضده وجماعتة الإخوانية , فى هذه المدة القصيرة من عمر الزمن , بينما هذا الشعب  نفسه , ظل متعايشاً مع مبارك ثلاثون عاما , كانت العشر الآواخر منها سيئة بسبب صعود نجله جمال وشلته أحمد عز ومن على شاكلته وتسيدهم للمشهد السياسى .
وإذا كان الرئيس وجماعته الإخوانية وحلفائهم السلفيين  يظنون أنهم بحشد أتباعم الذين يسمعون ويطيعون عميانا, سوف يقفون فى وجه الشعب ,  فهم واهمون بلاشك ومخطئون  بحساباتهم فى وقت عسير ,لايحتمل مثل هذه الأخطاء الحسابية .. لعل الدليل على ما أزعم هو هذا التوحد والتآلف بين القوى الثورية والوطنية بكافة أطيافها , وبين القضاة , هذا التوحد هو من صناعة مرسى وجماعتة بممارساتهم المستفزة , والمنفرة , والمثيرة لكل هذه الثورة التى نراها تلوح فى الآفق لتهدم دكتاتورية الإخوان الذين  حسبوا  أنهم تمكنوا ..أرجع مثلاً إلى الأيام القليلة الماضية  عندما تم إستدعاء (الأنصار) إلى قصر الإتحادية , عقب صدور الإعلان الدستورى , ووقف الرئيس خطيباً فيهم , متفاخراً بهم , واهماً نفسه , بأن هؤلاء هم شعب مصر, وراح يوزع الإتهامات يميناً ويساراً, ويرمى قضاة المحكمة الدستورية العليا الأجلاء بكلام  تافه لايليق بالرئيس ,وإتهامات ما أنزل الله بها من سلطان  وأيضا ذلك الإستعراض للعضلات إرهاباً للشعب الطيب , فيما سمى مليونية (الشرعية والشريعة) أمام جامعة القاهرة يوم السبت الماضى( أول ديسمبر ) , ثم حصار المحكمة الدستورية العليا  مساء اليوم نفسه ,إرهابا لها وقضاتها , ونفس الفعل الهمجي مع محكمة القضاء الإدارى يوم أمس الاول ( الأثنين ) .. كل هذا وما يصدر من (تصريحات) عن قادة الجماعة وحلفائها من القتلة وخريجى السجون , وما تحمله كلماتهم  من إرهاب وتهديدات فى ثناياها .. كان كاشفاً عن الوجه الحقيقى ل (الجماعة) , وممزقاً للأقنعة المزيفة التى تستروا بها , من مظلومية وطيبة ووداعة وتدين , و( خير  يحملونه ) , فإذا بنا أمام غل وحقد يكفى بلاد الدنيا وليس مصر وحدها , تعطشاً للسلطة وإشباعاً لرغبات إنتقامية مكبوتة تُطل من تلك الغرف  السرية  المظلمة  فى أعماق نفوسهم العليلة.. إيحاءً بأنهم شعب الله المختار وأنهم  مبعوثى العناية الإلهية , وحدهم يملكون الحقيقة , فى حين أنهم يحتاجون إلى من ياخذ بآياديهم من الضلالات التى يعيشون عليها ويتعيشون بها , وعلاجا

للأنفس المريضة بهم . 
إن الذى جرى من مسيرات حاشدة غنية بالأطياف السياسية والإجتماعيةللشعب  ,والتى خرجت خروجاً تلقائياً ,  بدون أجر ولاكروت شحن ولاوجبات غذائية , اللهمَّ تلبية لنداء إنقاذ الثورة و طلباً للعدل والإنصاف ورفضاً  للظلم والقهر, وفزعاً مما  يبشرنا به الدستور الملاكى إخوان وسلف ,  من إستبداد (دينى ) أسوأ من  الإستبداد (السياسى) , وهو ما حذر منه المفكر والعلامة المحامى والفقيه  السورى عبد الرحمن الكواكبى  (  1849 –  1902م) فى كتابه (طبائع الإستبداد ومصارع.الإستعباد) , هذا النوع من الإستبداد الذى  نشأ فى ديار المسلمين مع  ميلاد  العصر الاموى فى القرن الأول الهجرى , ومن بعده العصر العباسي وغيرهم ,  وهو(إستبداد) يستند  إلى نظرية الحق الإلهي أو الحق المقدس , ويعبر عنه  أبو جعفر المنصور أحد الحُكّام  العباسيين في خطبة له بمكة أصدق تعبير قائلاً :( أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه أسوسكم بتوفيقه وتسديده وتأييده وحارسه على ماله أعمل فيه بمشيئته وإرادته ) , بما يعنى أن  أى رافض لقرار أو أمر لجعفر, يكون رافضاً بالضرورة , لأمر الله ومعترضاً على شريعتة وخارجاً على الملة , والآن يريد الإخوان والسلفيين إعادتنا للعصر الأموى والذى كان (الحجاج بن يوسف الثقفى)  من أهم نجومه , والذى أشتهر بأنه  كان ظلوماً ,جباراً, خبيثاً , سفاكاً للدماء , يرى (تكفير) الخارج على السلطان وطرده من الملة ، وهذا هو نفس المعنى الذى يردده أنصار (الرئيس ) وإخوانه , فإن رأيهم هو تكفير  كل من يخرج علي مرسى  أو يخالفه الرأى أو يرفض إعلانه الدستورى , أو يرفض تمرير دستورهم , أو يصوت ب( لا) عليه .. فهل هذه هى الدولة التى ثار الشعب المصرى من أجل بنائها وقدمت لها الأرواح من خيرة الشباب؟ وهل هذا هو الرئيس الذى يحل محل رؤساء مصر أمثال اللواء محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات , وحتى حسنى مبارك ؟
على الرئيس وجماعتة  قراءة الرسالة جيداً  وأن يراجعوا أنفسهم وألا يسايروا دعوات التصدى للمتظاهرين السلميين بحشودهم الإخوانية السلفية , دفعاً بالبلاد إلى أتون حرب أهلية , يمكن ان تسيل فيها دماء كثيرة .. وقتها لن يفلت  الرئيس وقادة جماعتة  من القصاص إذا سالت الدماء , وسيذهبون إلى حيث مكان القتلة والمجرمين بين جدران السجون ..ونسأل الله السلامة لمصر والمصريين .
( كاتب وصحفى)
[email protected]