رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العز بن عبد السلام .. سلطان العلماء

العز بن عبد السلام
العز بن عبد السلام (رسم تخيلى)

«السعيد من لزم بيته، وبكى على خطأه، واشتغل بطاعة الله»

هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسن بن محمد بن مهذب السلمي المغربي أصلًا، الدمشقي المولد سنة 577ﻫـ، ثم المصري دارًا ووفاة والشافعي مذهبًا، يُكنى بأبي محمد، لُقِّب بعدة ألقاب، أشهرها «عز الدين» وهو اللقب الذي شاع بين الناس، وكذلك لُقِّب بالإمام العز، ولُقِّب بسلطان العلماء.
نشأ العز بن عبدالسلام في أسرة فقيرة مغمورة، لم يكن لها مجد أو سلطان أو منصب أو علم، حيث عاش في دمشق، وهي وقتئذ مركز مهم للعلم والمعرفة وقبلة للعلماء والفقهاء، وخطُّ مواجهة أماميٌّ مع الصليبيين الغزاة الذين احتلوا مدنًا وحصونًا عديدة في فلسطين وساحل بلاد الشام، كما كانت دمشق ممتلئة بنعم الله وخيراته الوفيرة من ماء عذب وزراعة وصناعة وتجارة درت عليها الرزق الواسع والخير الوفير.  وكان رحمه الله شابًا متدينًا، متعبدًا رغم فقره وكده على رزقه، ولا أدل على ذلك من مبيته في المسجد الليالي الطوال ينتظر الصلاة؛ كي لا تفوته الجماعة، أو يغيب عن الصلاة والعبادة فيه. وفي كنف تلك المدينة العظيمة، وفي ظل بيوت الله عز وجل نشأ هذا الشاب العابد الورع التقي، ليخرج لهذه الأمة عالمًا جليلًا ومفتيًا عظيمًا. وكان الشيخ عز الدين في أول أمره فقيرًا جدًا، ولم يشتغل إلا على كِبَرٍ. وأقبل على العلم، فكان أعلم وأعبد أهل زمانه. وقد قصد العز العلماء، وجلس في حلقاتهم، ينهل من علومهم، ويكب على الدراسة والفهم والاستيعاب، فأخذ علمهم وتأثر بهم وبأخلاقهم الفاضلة، وسلوكهم الرفيع في الحياة، فجمع بين العلم والأخلاق والسلوك والعمل، كما جمع العز في تحصيله بين العلوم الشرعية والعلوم العربية، فدرس التفسير وعلوم القرآن، والفقه وأصوله، والحديث وعلومه، واللغة والتصوف، والنحو والبلاغة وعلم الخلاف. وكان أكثر تحصيله للعلم في دمشق، ولكنه ارتحل أيضًا إلى بغداد للازدياد من العلم، فقد كانت الرحلة لطلب العلم قد أصبحت قاعدة مستقرة في الحضارة الإسلامية،

وتعتبر منقبة ومفخرة ومزية لصاحبها، وقد رحل إلى بغداد في ريعان شبابه عام 597هـ وأقام بها أشهرًا، يأخذ العلوم والمعارف، ثم عاد إلى دمشق.
واجتهد العز في إزالة كثير من المنكرات، وباشر تبطيل بعضها بنفسه، ومن ذلك إبطاله كثيرًا من البدع المنتشرة، كصلاة الرغائب، وصلاة ليلة النصف من شعبان، وبدعة دق المنبر بالسيف، وذوده الحكيم عن أموال المسلمين.
وتعددت جهود العز بن عبد السلام في مصر فى مجال الإفتاء والخطابة والقضاء والتدريس والتأليف، وله في كل مجال قصب السبق، وانتهت إليه في عصره رياسة الشافعية، وبلغت مؤلفاته ثلاثين مؤلفًا،  وكلها تنطق بنبوغ وذكاء خارق، لكنه فضل الله يؤتيه من يشاء، فاجتمع له من الفضل ما لم يجتمع إلا للأفذاذ النابغين من علماء الأمة. وشملت مؤلفاته التفسير وعلوم القرآن والحديث والسيرة النبوية، وعلم التوحيد، والفقه وأصوله والفتوى، ومن أشهر كتبه: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، والغاية في اختصار النهاية في الفقه الشافعي، ومختصر صحيح مسلم، والإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز، وتفسير القرآن العظيم، ومقاصد الصلاة، ومقاصد الصوم، وغيرها في سلسلة لا تكاد تحصي حلقاتها.
وفي سن الثالثة والثمانين، كانت آخر حلقة في حياة ذلك الإمام الفذ والعالم الجليل، حيث توفي في العاشر من جمادى الأولى 660 هـ الموافق للتاسع  من إبريل 1066م.