عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من الإحسان فى الصيام تقوى الله

بوابة الوفد الإلكترونية

 

د/عبدالوهاب القرش مدير مركز الطبرى للدراسات الإنسانية

إن أرقى ما ينبغى للمسلم لن يصل إليه من خلال إسلامه وإيمانه هو بلوغ درجة الإحسان، التى تتطلب استحضار معية الله تعالى، والصيام يسمو بأخلاق المسلمين- إذا أحسن وأتقن- إلى مرتبة عالية من المراقبة والخشية لله عز وجل، ويصلون به إلى مرتبة التقوى التى أرادها الله عز وجل منهم. قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}( البقرة: 183).

والمتأمل لهذه الآية الكريمة يجد أن الله عز وجل بدأها بهذا النداء الكريم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} الذى تنفعل معه نفوس المؤمنين، لتقبل على ربها تتلقى منه الأوامر والنواهى، ثم يأتى الصيام بعد هذا النداء بالإيمان، ليقع فى ترتيبه الطبيعى، ويبين الله عز وجل للمؤمنين أنه فريضة الله عليهم عملاً بسنة الله فى خلقه، حيث فرض الصيام على الأمم قبل ذلك {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ثم يبين العلة من وراء هذا التشريع، والغاية الشريفة التى تنتج عنه وهى التقوى {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وهذه الغاية- تقوى الله عز وجل- هى المحصلة النهائية لتشريعات الإسلام كلها، لأنها التى تسمو بالعنصر البشرى، ليرتقى فى مراتب الكمال، ويرتفع عن أسداف الجسد الطينية، ويسمو بروحه مستضيئًا بنور الوحى الإلهى، ليكون أهلاً لمعية الله عز وجل له، فهى غاية تتطلع إليها أرواح المؤمنين فى شوق لا ينقطع؛ ولهذا فإننا نجد القرآن- بعدما عد الصوم أداة من أدواتها، وطريقًا موصلاً إليها- ينصبها أمام عيونهم هدفاً وضيئاً يتجهون إليه عن طريق الصيام.

ومن أول مراتب الإحسان فى فريضة الصيام هو ترك المحرمات التى تتنافى تنافيًا كليًا مع غايتها وأهدافها، ومن هذه المحرمات الغيبة والنميمة،

وقول الزور، والفحش فى الحديث والجهل.يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».

ثم يتلو ذلك من مراتب الإحسان الترفع عن المشاحنات والبغضاء، حتى ولو كان الإنسان محقًا؛ فمثل هذه العبادة الروحية التى يتلبس بها العبد ينبغى أن تشغله بذكر الله، وتسمو بروحه عن المشاحنات التى لا طائل من ورائها؛ ولذا كان توجيه النبى صلى الله عليه وسلم: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ فَإِنْ امْرُؤٌ شَتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى صَائِمٌ»، يا لها من كلمة (إنى صائم)، إنها ذات بريق خاص، ينفعل به كل مسلم ذاق حلاوة الصيام، فيفهم منها أنه فى عبادة روحية لله عز وجل، يجب أن يترفع بها عن مثل هذه الدنايا والسفاسف، فتسبح روحه فى فلك علوى، وترفرف فى آفاق رحبة، متشوفة إلى مدد السماء، فى اتصال دائم بالشعور بمعية الله جل وعلا. يا له من شعور يأخذ بمجامع الروح إلى فيض من نور الله عز وجل، لو أنه ركز فى قلب كل منا.