رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. جودة بركات أستاذ اللغات الأجنبية بجامعة الأزهر:الترجمة جسر التواصل بين البشر

بوابة الوفد الإلكترونية

حوار - صابر رمضان

فى إطار جهود المؤسسات الدينية والأهلية والأفراد الواعين بمحيطهم ومتطلبات مجتمعاتهم من أجل تحسين صورة المسلمين فى الداخل والخارج، بغية التغلب على موجة الإرهاب والتطرف التى تجتاح العالم كله من شرقه إلى غربه، كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور جودة بركات، وهو أكاديمى متخصص فى اللغات الأجنبية بجامعة الأزهر، ورئيس الإدارة الإقليمية لمؤسسة أوقات «السلام عليك أيها النبى» فى القاهرة، وقد كان لهذه المؤسسة حضور لافت ونشاط متميز خلال الفترة الأخيرة بما تقدمه من أطروحات نوعية لخدمة التراث الإسلامى بشكل عام والسيرة النبوية بشكل خاص، فإلى نص الحوار..

> بداية.. ما تقييمكم لواقع الأمة الإسلامية ومحاولة تغيير هذا الواقع؟

- أطمئنكم وأطمئن نفسى دائماً بقول الله عز وجل: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله»، ولذا يجب ألا نفقد الأمل فى أن يجعل الله عز وجل للأمة مخرجاً مما هى فيه، وذلك مع الأخذ بالأسباب والجد والعمل والتنمية المستمرة والسعى الدءوب من علماء الأمة وأبنائها المخلصين لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام فى العالم كله، ولمحاولة تغيير هذا الواقع إلى واقع أجمل يليق بأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وقد بدأت بشائر هذه الجهود تؤتى ثمارها فى الوطن العربى، وما جولات الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب فى أنحاء المعمورة إلا قيام بهذا الواجب وشعور بتلك المسئولية الثقيلة، إذ يشعر الجميع بأن المسألة صارت مسألة وجودية وقضية مصيرية مرهونة بها حياة الشعوب، وأمانها وسلامها واستقرارها، إذ وقع الجميع بين المطرقة والسندان، مطرقة الغرب الذى يكيل لها الاتهامات ويوجه إليها السهام المسمومة والافتراءات وسندان الفئة الضالة المتشددة المتطرفة التى تبرر مصالحها وتنسب آراءها الشاذة إلى الإسلام.

> بصفتكم متخصصاً فى الترجمة باللغة الأجنبية.. هل ترى أن العالم الإسلامى بحاجة إلى تحسين صورته فى المجتمع الغربى أم أنه بحاجة إلى إيصال صورته الحقيقية التى أطرها القرآن الكريم والسنة النبوية؟

- كلا الأمرين معاً.. فصورة العالم الإسلامى فى المجتمع الغربى شابها كثير من التشويه المتراكم عبر كثير من السنين لأسباب تتعلق بالغرب نفسه، وأسباب أخرى تتعلق بنا نحن المسلمين والعرب، فالفريقان شاركا فى تشويه الصورة، سواء عن قصد أو عن غير قصد، ولن نذكر ما هذه الأسباب، لأن الحديث عنها يطول، لكننا سنتحدث عن الحل وهو البدء فى رسم الصورة الحقيقية والمشرقة للإسلام بكل وسيلة ممكنة ومشروعة، مقروءة أو مسموعة أو مرئية وهى أيضاً صورة لا تخرج عما أطره القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة.

> بصفتكم المدير الإقليمى لمشروع «السلام عليك أيها النبى» والقناة الفضائية التابعة له ما أهم التحديات والأهداف التى تسعون لتحقيقها فى هذا الإطار؟

- هذا المشروع كما يبدو من شعاره الذى وضع له منذ اليوم الأول «المشروع الإنسانى العالمى» نتطلع ونأمل له أن تتحقق فيه هاتان الصفتان: الإنسانية، والعالمية، فصفة «الإنسانية» هى هدف يجعل هذه الفكرة تشمل كل إنسان وتستهدف كل آدمى، بغض النظر عن دينه أو جنسه أو لغته أو هويته، فنحن نريد أن يعرف كل إنسان من هو محمد رسول الإسلام معرفة حقيقية لا زيف فيها ولا مزايدة ولا إفراط ولا تفريط، فلو تحققت هذه الغاية وعرفوا حقيقة هذا النبى العظيم فسوف يحبونه ويؤمنون بما يدعو إليه من نشر السلام والمحبة ومكارم الأخلاق بين العباد، أما الصفة الثانية وهى العالمية فهى وجه العملة الآخر المقابل للصفة الأولى فالله عز وجل أرسل رسوله للعالمين جميعاً، وهذا ما نسعى لبيانه بكل اللغات العالمية، وعبر وسائل هذا المشروع الضخم مشروع «السلام عليك أيها النبى»، أما التحديات فكثيرة لكن بعون وبجهود ومشاركة وتعاون المخلصين سنتغلب عليها.

> هل من الممكن أن تلعب ترجمة السيرة النبوية دوراً فى نشر الدعوة والتعريف بسيرة الرسول وأخلاقياته أمام الديانات الأخرى وما عدد اللغات المتوقع الترجمة لها؟

- بالتأكيد.. فالترجمة هى جسر التواصل بين البشرية كلها، وهى الوسيلة التى تحقق التفاهم بين ذوى الألسنة المختلفة، وإن كانت الترجمة دقيقة واحترافية وتحمل معنى وروح النص كما هو دون زيادة أو نقصان فهى بالفعل تلعب دوراً كبيراً فى الوصول إلى الآخر، وهذا ما نحاول جاهدين التمسك به وتحقيقه فى ترجمة السيرة النبوية، للتعريف بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، أما عدد اللغات المتوقع الترجمة لها فهو 100 لغة بإذن الله تعالى وفق مراحل وآليات مدروسة، ولعلك تتعجب عندما تعلم أن الأقليات المسلمة فى الخارج هى الأكثر متابعة للقنوات الفضائية الدينية.

> البعض يشكك فى مناهج الأزهر وأنها تخرج متطرفين وتحتوى على أمور لا يمكن أن يتقبلها العقل.. فما ردكم على هذا الطرح؟

- الاتهام بغير دليل قاطع لا يؤخذ به، وهؤلاء إن كان لديهم أدلة فليقدموها، وتعقد حولها جلسات نقاش موضوعية نزيهة لبيان الحق، ويكون الطرفان على استعداد لقبول هذا الحق أما الأزهر فقد عهدناه على مر السنين ينجب عظماء، وعلماء وسفراء للإسلام فى كل أنحاء الدنيا وليس من بينهم

متشدد أو متطرف، وإن كانت هناك حالات فردية فهمت علوم الدين فهماً خاطئاً فتطرفوا أو انحرفوا عن فكر الأزهر المعتدل، فهذه الحالات مسئولة عن فهمها الخاطئ وليس للأزهر يد فى هذا فنتهمه بأنه يخرج المتطرفين من تحت عباءته، ومع كل هذا فلا مانع أن تكون لجان وضع المناهج فى الأزهر بجميع مستوياتها فى حالة انعقاد دائم لمتابعة كل ما يناسب العصر ومقتضياته من وسائل عرض مناهجه، ومما ينفع الإسلام بين أبنائه أو بين الأمم الأخرى فى العالم.

> الهجوم على الإسلام لا يتوقف فى العالم كله، فهل ترى أن السبب يعود إلى خوف الغرب من انتشار الإسلام به وتحول المسلمين فى أوروبا والغرب لقوى عظمى أم ماذا ترى؟

- الصراع البشرى بشكل عام من سنن الحياة، ومن صوره الهجوم على الإسلام وأهله، أما أسبابه فمتعددة ومنها خوف بعضهم من انتشار الإسلام وتحول المسلمين فى أوروبا والغرب إلى قوى عظمى تحكم العالم فيما بعد، لكن هناك أسباباً أخرى لهذا الهجوم ومنها الصورة المغلوطة التى تجعل فئة من الغرب ينظرون إلى أن هذا الدين ليس دين سلام ولا محبة وأنه دين عنف وإرهاب وتطرف وهذا ما يجب على المسلمين جميعاً التكاتف من أجل تصحيحه ونقل الصورة الحقيقية للإسلام ولا يجب أن نعمم مثل هذا التصور أو ذاك وإلا فكيف تفسر أن قرابة 50 مليون مسلم يعيشون فى أوروبا وحدها، يبنون ويعمرون ويصلون ويصومون، بل ويتزاوجون من أهل البلاد التى يعيشون فيها بحرية كاملة غير منقوصة.

> وسائل التواصل الاجتماعى الحديثة مثل «تويتر» و«فيس بوك» و«واتساب» وغيرها أصبح الأعداء وبعض الجهلة يبثون السموم من خلالها للتفريق وإضعاف الأمة.. كيف السبيل إلى مواجهة هؤلاء وتنوير المجتمع بأهدافهم الخبيثة؟

- السبيل إلى ذلك تكثيف الجهود الداعية إلى نشر الإسلام الصحيح والصورة الحقيقية عنه وعن النبى محمد صلى الله عليه وسلم وسيرته الشريفة وكما قلت من قبل ما حضر باطل إلا بغياب حق، فلابد لعلمائنا ومؤسساتنا الدينية الرسمية وغير الرسمية صاحبة الفكر الصحيح والمعتدل أن تتحرك إلى هذا بسرعة أكثر ومجهود أكبر من الحاصل الآن، وأن تستخدم نفس وسائلهم للرد عليهم من وسائل تقنية وتواصل حديث كشبكة الإنترنت والتطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعى.

> أخيراً.. يختلف الكثيرون حول جدوى الحوار مع الآخر فى هذه الآونة التى تشهد حملات عدائية غريبة ضد الإسلام فما رؤيتكم لأهمية الحوار لبيان حقائق الإسلام ودحض شبهات خصومه؟

- قال الله عز وجل فى كتابه «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن» فهذا أمر مباشر وصريح لانتهاج سبيل الحوار بالهدوء والتعقل والهوادة والحكمة والقول الحسن الذى لا ينفر الآخر من ديننا وقيمنا وسلوكياتنا، وهذا ما يجب أن يلتزم به كل مسلم يحمل على أكتافه مسئولية الحوار مع الآخر غير المسلم لدحض شبهاته حول الإسلام، وللوصول إلى الحق والحق فقط، وهناك فى الآونة الأخيرة نشاط ملحوظ لكثير من المؤسسات الدينية فى العالم الإسلامى كالأزهر الشريف الذى يكثف جهوده فى عقد المؤتمرات وحلقات النقاش، وحوار حول العالم لحوار الأديان وعرض الإسلام بشكله الصحيح، لكن المأمول أن تزيد هذه الجهود وتتكثف وتتكاتف لأن الخصوم يكثرون والشبهات تنتشر يوماً بعد يوم، فلابد من معادل طبيعى لها يقاوم تلك الموجات العابثة بثوابتنا الدينية ومعتقداتنا الراسخة.